يوما بعد يوم يزداد انتشار ”الأنظمة الآلية” في عدة أعمال والوظائف التي كانت تقتصر سابقًا على الإنسان فقط، فهل الروبوتات ستقوم بالاستيلاء على وظائفنا؟
ربما أصبح الإنسان ينفرد عن الروبوت في مجالات قليلة فقط يمكن اختصارها في الأعمال الخلاقة و الفن، والتي تعتمد على عقل الإنسان من خيال وتفكير غير محدود يتجاوز حدود الآلات. أي أن الروبوتات ستبقى تقوم بالأعمال التي يمكن أن يقال عنها بدائية كتنظيف نوافذنا مثلا، أليس كذلك؟
في مختبر الفنون و الذكاء الاصطناعي بجامعة روتجرز (Rutgers University)، قام فريق البروفيسور أحمد جمال باختراع برنامج ذكاء اصطناعي يمكنه صنع لوحات فنية أصلية بشكل إحترافي وجميل، ويمكنه ايضا تأليف مقاطع موسيقية أصلية، يمكن تجريب تأليف الموسيقى به على الموقع الرسمي آمبر عن طريق اختيار نوع الموسيقى التي تريد. إضافة الى الآلات الموسيقية التي ترغب بها، بل حتى الوتيرة (Tempo)، و بعدها سيتم تأليف موسيقاك الخاصة باستعمال الذكاء الاصطناعي، ليس التأليف فقط بل حتى الآداء و المزج. برنامج آمبر لا يكتب كلمات الأغاني ولكنه مع ذلك يصنع موسيقى مثيرة للإعجاب، بعد أن كانت هذه الشركة تخزّن الموسيقى فقط، أصبحت مستعدةً لبيعها أيضًا، وللتحميل لأشرطة الفيديو على الأنترنت أو أفلام الطلاب وغيرهم من المستفيدين.
هذه الأمثلة لما يمكن للذكاء الاصطناعي فعله في صنع لوحات فنية أو تأليف قطع موسيقية يعتبر أمرًا رائعًا ومثيرًا للإعجاب، ولكن ماذا سيحدث في عالم يصبح فيه الفن لا يعتمد لا على المجهود و لا على الندرة؟
نسخة مقلدة من الموناليزا أقل سعرا من الأصلية التي رسمها ليوناردو دافنشي، لماذا؟ أمر بديهي لأن السبب يرجع للندرة، يوجد موناليزا واحدة في العالم والتي هي الأصلية. و لكن آمبر يؤلف قطعة أخرى بنفس جودة الإحترافية في الموسيقى. رسام برنامج الذكاء الاصطناعي الذي يملكه جمال يمكنه أن ينتج ألف عمل فنيٍّ أصليّ آخر مع كل ضغطة زر، قد يغيّر هذا من نظرتنا للفن الذي بالنسبة للإنسان أمر فريدٌ، وكل لوحة تختلف عن الأخرى بجماليتها إضافة إلى عدم وجود مجهود بشري فيها. وهذا قد يضعنا أمام تساؤل: ما هي قيمة فن صنعه الذكاء الاصطناعي؟ و هل سيؤثر ذلك على الفن الذي يصنعه الإنسان؟
“الأنظمة الآلية” في الطريق الصحيح للاستيلاء على وظائف الإنسان، كسائقي الأجرة والشاحنات، العاملين في مجال الوجبات السريعة وغيرها من الوظائف العادية، فلماذا يستثنى الفنان؟ هل يتوجب إنشاء نقابة لمنع هذا من الحدوث؟ أم أننا سنقدر الفن الذي يصنعه الإنسان أكثر من الذي يصنعه الذكاء الاصطناعي؟ هل سنجد الذكاء الصناعي يفوز بجائزة الغرامي (Grammy) يومًا ما؟ و من سينالها؟
المصادر هنا
تدقيق: طارق ناصر