لقد لعبت الحملات التوعوية دورًا كبيرًا في تثقيف المجتمع بأهمية الوقاية من بعض الأمراض الفتّاكة وإضعاف أثر انتشارها، حتّى أصبحت بعض المعارف كغسل الفاكهة والخضر قبل أكلها؛ الحرص على شروط حفظ الأطعمة خاصّةً في الجوّ الحار، من الأمور المتعارف عليها حتّى بين أضعف الناس علمًا ووعيًا.. لكنّ هذا الجانب المشرق غطّى جانبًا سلبيًا رئيسيًا وهو أنّ غير المتخصّصين مالوا إلى تضخيم الأمراض والأخطار التي يسمعون عنها كثيرًا في الإعلام، مقابل تصغير أخطارٍ ربّما هي في واقع الأمر أكبر..
فهل كنت تعلم مثلًا، أنّ الطعام الذي حرصت على سلامته من كلّ ما قد يضرّ الجسم، يمكن أن يسبّب لطفلك مشاكل كبيرة لأنّ لديه حساسية لذاك الطعام؟
حيث يسبّب ذلك الطعام المعروف بالنسبة إلينا ردّة فعلٍ مناعية اتجاهه لدى الطفل، حتّى ولو كان قد تناولها من قبل ولم يحدث معه أيّ شيء! إذ أنّ الاتّصال الأوّل بين تلك الأكلة والجهاز المناعي يتسبّب في التعرّف عليه واِنتاج أجسامٍ مضادّة (Antibodies : IgE) أو باستجابة مناعية خلوية أو باستجابة مزدوجة، ولا تظهر في هذه المرحلة أيّة أعراض. أمّا عند الاِتّصال الثاني، يقوم الجهاز المناعي بمهاجمته متسبّبًا بإفراز مواد أهمّها الهيستامين (Histamine) والتي كانت داخل بعض الخلايا:(1) Mast cells Basophils ، ما يتسبّب في ظهور عدّة أعراضٍ أهمها:
– أعراض جلدية: الاكزيما، طفح جلدي خاص بالحساسية، …
– أعراض تنفسية: التثاؤب، السعال، الربو، …
– أعراض الجهاز الهضمي: الإسهال، الغثيان، القيء،…
أحيانًا تظهر أعراضٌ أخرى أخطر وأحيانًا تكون قاتلة (Anaphylaxis) (2).
السؤال الذي سيتبادر لأذهان الكثيرين الآن هو: ما هي المأكولات التي يمكن أن تسبّب كلّ هذا الخطر؟.. الإجابة ليست بالبساطة التي يتصوّرها البعض، فمن الصّعب جدًّا تحديد قائمة لهذه المأكولات. لكن، 90 بالمائة من حساسية الأكل تخصّ 9 مأكولاتٍ رئيسية:
1- الحليب.
2- البيض.
3- القمح.
4- الّلوز.
5- الفول السوداني (الكوكاو).
6- الأسماك.
7- المكسي (shellfish).
8- نبات السمسم (sesame).
9- والصوجا.(3)
كما يمكن أن تكون الاستجابة غير مناعية، مِيكانزماتها مازالت لم تُعرف بطريقة جيّدة ولم تخرج عن إطار الفرضيات العلمية (4).
ما الذي يجب القيام به في هذه الحالات؟
– في حالة الحساسية المناعية اتجاه الأكل، يجب زيارة الطبيب لأخذ أدوية من عائلة: مضادات الهيستامين (Antihistamines) لعلاج الأعراض.
– مراقبة الأطفال أثناء تناولهم المأكولات للمرّات الأولى.
– محاولة تجنّب إعطاء الأطفال وجبات لا نعلم محتواها.
– التقيّد بحمية غذائية في حالة حساسية معروفة اتجاه مأكولاتٍ معينة.
المصادر والمراجع:
(1) Sampson HA, Burks AW. Mechanisms of food allergy. Annu Rev Nutr. 1996;16:161–77.
(2) CIRIHA (Centre d’Information et de Recherche sur les Intolérances et l’Hygiène Alimentaire).les allergies et les intolérances alimentaire, comment les gérer au qutidien.Bruxelles ; 2011.
(3) Clark S, Bock SA, Gaeta TJ et al. Multicenter study of emergency department visits for food allergies. J Allergy Clin Immunol 2004; 113:347–52.
(4) Caubet JC, Nowak-Wegr, Current understanding of the immun mechanism of food protein-induced entorocolitis syndrom , Expert Rev. Clin. Immunol. 7, (3) (2011).
تدقيق لغوي: هاجر بن يمينة