إذا كان هنالك ما يقف عائقا أمام رحلة الفضاء طويلة الأمد، فإنه الخطر من الإشعاعات في الفضاء – التي بإمكانها أن تهدد صحة رواد الفضاء ما إن خرجوا من غلاف الجو الواقي لكوكب الأرض لمدة طويلة.
في حين أن إصلاح مشكلة كهذه لن يكون سهلاً، قام علماء أستراليون بإختراع ما يقدر على إيجاد طرق لتخفيف ولو جزء من الإشعاعات في الفضاء، بفضل معدن نانوي (بحجم النانو) الذي يمكنه أن يبدّل ما بين عكس أو نقل الضوء.
صرّح الفريق بقيادة الفيزيائيان “يوري كيفشار” و”لي شو”، من جامعة استراليا الوطنية ANU، بأن سطح المادة صغير جداً لدرجة أنك تحتاج إلى مئات من الطبقات المكونة منه لكي تلائم طرف إبرة، مما يعني أنه بالإمكان استخدام المعدن وتطبيقه على أي سطح أو هيكل، وهذا يشمل سترات الفضاء.
“لإختراعنا الكثير من التطبيقات العملية،” يقول محسن رحماني، أحد العلماء، “مثل حماية رواد الفضاء والأقمار الصناعية بطبقة رقيقة جداً والتي بإمكانها أن تٌضبط من أجل عكس عدة إشعاعات خطيرة مثل فوق البنفسجية وتحت الحمراء في بيئات مختلفة.”
من الجدير بالذكر أن هذا المعدن النانوي حالياً غير قادر على الحماية من كل الآثار الضارة الناجمة عن الإشعاعات الكونيّة، لكن بإمكانه أن يصد الضوء – وليس الجزيئات الهائلة التي تكوّن الاشعاعات الكونية. ولكنها طريقة واعدة لتطويق الضوء المؤذ والذي قد يكون خطيراً للمسافرين عبر الفضاء.
السر من وراء قوة الوقاية للمعادن الناوية هو درجة الحرارة. عند تسخين أو تبريد الجهاز، بإمكان السطح – المكون من شبكة جزيئات نانوية ثنائية الأبعاد – أن يكون مهيئا لعكس أو نقل موجات الضوء، مما يشمل الضوء المرئي.
وبهذا نعني أن، بالإضافة الى حماية رواد الفضاء من الإشعاعات الكونية، هذه التكنولوجيا يمكننا توظيفها هنا من أجل أغراض أخرى، في حين أن آلية الضبط (التي فيها بإمكان الجهاز عكس أو نقل موجات الضوء) قد تستخدم لتحويل السطوح ما بين الشفاف وغير الشفاف.
“على سبيل المثال، يمكننا الحصول على شباك يتحول الى مرآة في غرفة الاستحمام حسب الحاجة،” يقول عضو آخر في الفريق، أندريه ميروشنيشينكو،” أو بالإمكان التحكم في كمية الضوء العابرة من شبابيك بيتك في مختلف فصول السنة.”
يعتقد العلماء بأن هذا النوع من التطبيقات قد يؤدي إلى تفرعات جديدة في الهندسة المعمارية، مع وجود نافذة/مرآة قابلة للتحوّل التي يمكننا أن نغيرها حسب احتياجاتنا خلال اليوم، بالإضافة الى التقليص الفعلي للمصروفات الكهربائية عن طريق تسخير الضوء الطبيعي للتدفأة عوضاً عن البدائل الكهربائية.
بالطبع، مازلت بحاجة لتسخين أو تبريد هذا المعدن النانوي من أجل تفعيل الآلية في سطح الجهاز، ولكن الفريق ينوّه بأن القيام بذلك سهل نسبياً.
“تماما كما لسيارتك توجد سلسلة من الأسلاك المقاومة والمتوازية خلف “حاجب الرياح” المستخدم من أجل ازالة الضباب من مجال الرؤية الأمامي، بالإمكان استخدام تقنية مشابهة مع اختراعنا من أجل تسخير الحرارة والتحكم بها في منطقة معينة”، يقول لي شو.
هذا الجهاز مبني أساساً على بحث سابق للفريق والذي استخدم فيه نفس المبادئ من أجل تطوير مجسمات كريستالية نانوية قادرة على تحويل الضوء غير المرئي إلى ضوء مرئي – مما قد يؤدي في أحد الايام الى الحصول على غلاف فائق الرقة للنظارات والذي بدوره وعلى نحو فعّال يحوّلها إلى أٌخرى للرؤية الليلية.
حاليا، لقد تم تطبيق واستخدام الغلاف المعدني النانوي في المختبر، ولكن ينوه الفريق بأنه مع الاستثمار اللازم، قد يأخذ من سنتين إلى ثلاث سنوات قبل البدء بإنتاج هذه السطوح المعدنية – مما قد يحدث ثورة فعلية لتطوير الرحلات الفضائية (وفكرة الشبابيك) كما نعلم.
المصدر: هنا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق: لمونس جمانة