يُعد فُقدان الأسنان مُشكلةً صِحِّيةً عالمية تُمثِّل عِبئًا إقتصاديًا وإجتماعيًا للأفراد. فهي تُؤثِّرُ على قُدرة الفَرد على العَضّ والمَضغ والاِبتِسام والنُّطق والصِّحة العامة للإنسان، والفُقدان الكامِل للأسنان مُشكلة مُنتشرة خاصة لدى كِبار السِّن.
ويُعد تَسَوُّس الأَسنان وأمراض اللَّثة والخَلَل الوِرَاثي من الأسباب الرئيسية لفُقدان الأسنان؛ وقد ذُكِر أن تَسوُّس الأسنان هو أكثر الأمراض اِنتشارًا في العالم.
وحاليًا يتمُّ عِلاج الأسنان عن طريق اِستبدال الجُزء المَفقود من الأسنان أو السِّن المَفقودة بعِلاج تَحَفُّظي مِثل الحَشَوات المَصنوعَة من مَواد خامِلَة أو الكُباري الثَّابتة (الجُسُور الثَّابِتة) أو الأطقُم المُتحرِّكة أو زِراعَة الأسنان. وقد أَحدَثَت زِراعة الأسنان ثَورةً في مَجال طِب الأسنان حيث أنها تُعوِّض الأسنان المَفقودَة دون أي تأثيرات على الأسنان الطَّبيعية أو الأنسجة المُجاورَة.
طِبّ الأسنان التَّجديدي (Regenerating dentistry) هو مَفهوم مُستحدث يَعمَل على تَحويل الأَبحاث والمَعرفة العِلمية إلى عِلاج يُمكِن اِستخدامُه في العِيادات والمُستشفيات. ويَعتَمِد هذا النَّهج على المَعرِفة الكَامِلة بكَيفية تَكوين الأسنان والعَمليات الحَيويَّة التي يتم تَطبيقُهَا من أجل اِصلاحِها ومعرفة المَبادئ والأساسِيَّات التي تُمَكِّنُها من اِصلاحِ نَفسِها دونَ اِستخدامِ أيٍّ من المَواد الأخرى.
إِصلاح أنسِجة الأَسنان المُختَلِفَة
أولاً: الطَّبَقة الخَارِجيَّة (مِينا الاسنان Enamel):
هي الطَّبَقَة الخارِجِيَّة للأسنان وتَظهَرُ فى تَاج الأسنان ويُعد “مينا الأسنان” من أكثر أنسِجَة الجِسم صَلابةً ويَتَمَّيز بِخُلُوِّهِ من الخَلاَيا، وهو المَسؤُول عن حِمَايَة السِّن من أي خَطَرٍ يُمكن أن تَتَعَرَّضَ لَه. وأثناء تَكوينه وفي مَرحَلَة النُّضج تَموت الخَلايا المُصَنِّعَة لَه والتي تُسمَّى بـ (Ameloblast)، لِذلك بمُجرَّد أن يُتلَف، يُصعَبُ إصلاحُهُ ولا يَتَجَدَّد.
يَتِمُّ عِلاجُهُ عن طَريق إعادة المَعادِن المَفقودَة منه، حيث يَتِمُّ اِستخدام الفلورِيد والذي يَعمَل على إعادَة المًعادِن المَفقُودة من مِينا الأسنان المُتآكِلة مرة أخرى عن طريق تَوقُّف عَملية اِنتِزاع المَعادِن من الأسنان والتي تَحدُثُ بِسَبَب تَسوُّس الأَسنان، ويَبدأ فى تَرسيب الكَالسيوم والفوسفور إلى السِّن مرةً أخرى. ولكن تَرتِيب كرِيستَالات هَذِه المَعَادِن يَختَلِف عن التَّرتِيب الطَّبيعي لَهَا داخل “مينا الأسنان” لِذا فالدِّراسَات الحَديثَة تَعمَلُ على إعَادة هَذه المَعَادِن دَاخل “مينا الأسنان” بِنَفس التَّرتيب الطَّبيعي لَها.
ثانيًا: عَاج الأسنَان والعَصَب (Dentine and Pulp):
عَصَبُ الأسنان هو نَسيج رَخو يَحتَوي على العَديد مِن الخَلايَا والذي يُوجَد دَاخِل غُرفةٍ مُخَصَّصَة له تُسمَّى (pulp chamber) والمُحافَظَة على سَلامَة عَصَب الأسنان هو الهَدَف الأساسي لأي عِلاجٍ للأسنان.
يَقِلُّ عِند النَّاس البالغين عدد الخلايا المُصَنِّعة لعاج الأسنان والتي تُسَمَّى (Odontoblast) ويَقِلُّ نَشاطُها ومع ذَلك يتمُّ تَنشيطُها مَرَّةً أخرى فى حَالة تَلَف عَاج الأسنان لكي تَعمَلَ على حِمايَة عَصَب السِّن عن طَريق تَكوين نَوع آخر مِن عَاج الأسنان والذي يُسمَّى بـ (Reactionary dentine)، وفي حَالة التَّجَاويف العَميقة في الأسنان والتي تَصِلُ إلى العَصَب تَموت هذه الخَلايا، ولِكي يَتم اِستبدَالُها بأخرى جَديدة لابُدَّ من تَنشيطِ الخَلايا الجِذعية المَوجودة في العَصَب وتَضاعُفِها وتَحوُّلِها إلى خَلايا تُشبِه (Odontoblast) والتي تَستَطيع أن تَكونَ نوعًا من أنواع العَاج والذي يُسمَّى (Reparative Dentine).
واِكتَشَف العُلَماء تَجَمُّعات مِن خلايا جَديدَة للعَصَب المَوجود في ضِرس العَقل الذي يَملِكُه الإنسان، وأطلَقوا على هذه الخَلايا اِسم “الخَلايا الجِذعِيَّة لعَصَب الأسنان” ((dental pulp stem cells (DPSCs) وهَذه الخَلايا أثبَتَت قُدرَتَها على تَكوين عَاج الأسنان (Dentine) من خِلال الأبحاث المخبرية والتي تُؤكِّد أنَّ هَذه الخَلايا لَها القُدرَة على إصلاَح أي نَسيجٍ تَالِفٍ من أنسِجَة الأسنَان عِند الإِنسان.
تدقيق لغوي: أنس شيخ.
المراجع:(هنا)