يجب على منتجي الأغذية وضع علامات توضيحية على اللحوم لتعكس كمية من المضادات الحيوية المستخدمة في إنتاج ذلك. وكذلك شركات التصنيع الدوائي، تستقبل مليار دولار أمريكي لتطوير مضاد فعال ضد الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية بشكل خاص. ويجب أن يتم إطلاق حملة عالمية ضخمة لجعل العالم أكثر إدراكا لمخاطر مقاومة المضادات الحيوية المختصرة بـ ( AMR).
هذه ليست سوى ثلاثة استنتاجات من التقرير الموسع حول كيفية محاربة الكائنات الممرضة والمقاومة للمضادات الحيوية، التي نشرت اليوم
استخدام المضادات الحيوية (ليس فقط المضادات الحيوية ولكن أيضا المضادات الفطرية، أو الفيروسية، أو الأمراض الناتجة من الطفيليات) يقول خبراء الصحة على نطاق واسع بأن هذا ما يؤدي حتما إلى إنتشار مسببات الأمراض التي يمكن التعامل معها وتحمل نتائجها، ما قد يشكل أبعادا أكبر للأزمة .
أصبح هناك مسببات أمراض أكثر مقاومة للمضادات الحيوية التي تعد الخط الأخير للدفاع. إذا، ما يقدر بنحو 700,000 شخص يموتون كل عام من العدوى المقاومة للعقاقير. (مع ذلك، من المهم ملاحظة أن هذا التقدير يشمل العديد من الحالات الذين قد ماتوا حتى لو كانت العدوى لديهم من النوع الغير مقاوم). وفقا للتقرير الجديد، وبحلول عام 2050، يمكن للعدوى المقاومة للأدوية قتل المزيد من الناس أكثر من السرطان.
ورغم أن تقرير أونيل ليس أول تحذير من هذا النوع، إلا أنه من الملحوظ بأن التقرير جاء بناء على طلب من حكومة المملكة المتحدة، والذي يدعم بعض الحلول. الأكثر من ذلك، هو أن هذه القضية لفتت إهتمام قادة العالم، الذين ناقشوه في مؤتمرات القمة الأخيرة، وسيعودون إليها في الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق هذا العام. السبب الرئيسي لكي يكون هذا التقرير مؤثرا بطريقة مختلفة عن التقارير السابقة، هو خلية جيم ومصداقيته في القطاعات المالية والحكومية.
ويقول رامانان لاكسميناريان، الذي يدير مركز الأمراض، والفيزياء الحركية، والاقتصاد والسياسة في واشنطن العاصمة، وفي نيودلهي أيضا: آمل أن يساعد هذا التقرير على لفت الانتباه إلى الحقيقة أن هذه ليست مشكلة مقتصرة على فئة معينة، وإنما هي مشكلة بيئية عالمية ستؤثر علينا جميعا.
مؤلفو التقرير يؤكدون على أن الحالة الاقتصادية لمعالجة AMR قوية. بالإضافة إلى أنهم يقولون أن آثاره الصحية، بحلول عام 2050 AMR قد يكلف العالم 100 تريليون دولار امريكي في الناتج الاقتصادي المفقود. على النقيض من ذلك، وبناء على التوصيات الواردة في التقرير، مثل دعم تطوير مضادات حيوية جديدة، وطرق تشخيص جديدة، وتقوية المراقبة، ويمكن أن يكلف ما لا يزيد عن 3-4 مليارات دولار أمريكي في السنة، حوالي 0.05٪ من ما تنفقه دول مجموعة ال20 على الرعاية الصحية هذه الأيام.
ويدعو الخبراء إلى اتباع نهج ثنائي: من حيث تخفيض استخدام المضادات الحيوية المتاحة، وزيادة التجهيز عن طريق تحفيز تطوير طرق جديدة. على سبيل المثال تحسين النظافة الشخصية، وتطوير طرق تشخيص أسرع وأفضل، وتقليل الاستخدام غير الضروري للمضادات الحيوية في اللقاحات الجديدة. مؤلفو التقرير دعوا أيضا إلى حملة عالمية لتوعية الناس بمخاطر المقاومة للمضادات الحيوية، وتعليم الناس بمخاطر طلب المضادات الحيوية، وكذلك الأطباء بضرورة عدم وصف المضادات الحيوية بسهولة.
ويحث التقرير على أن بعض المضادات الحيوية الحرجة لا يمكن استخدامها في الزراعة في أي مجال، حيث يتم إعطاء الأدوية عادة للماشية لعلاج الالتهابات أو زيادة النمو. رفع التصديق عن الاستخدام المسؤول للمضادات في تصنيع اللحمة، يمكن أن يسمح للمستهلكين لخفض استخدامها. يقول نيكولاس وايت، وهو باحث الملاريا في جامعة ماهيدول في بانكوك: إنه يتوقع النكسة في القطاع الزراعي، ولمواجهة ذلك، فهو يقول ان هناك حاجة ماسة إلى دعم المناهج البديلة في الزراعة.
كما يقدم التقرير مقترحات محددة بشأن كيفية تعزيز تطوير مضادات فعالة للعدوى المقاومة. العديد من الشركات المصنعة للأدوية قد تخلت عن تطوير الأدوية المضادة للميكروبات لأنها ليست مربحة. كما ولاحظ المؤلفون بأن المبيعات العالمية من المضادات الحيوية الحاصلة على براءة اختراع هي تقريبا 4.7 مليار دولار أمريكي في السنة، بقدر ما هي نسبة مبيعات نوع مضاد سرطان واحد. منحة صندوق الابتكار العالمي بقيمة 2 مليار دولار أمريكي لتمويل البحوث في مرحلة مبكرة. وكذلك زيادة بمقدار مليار دولار للشركة التي تطور دواء جديد بحيث يكون فعالا ضد الجراثيم المقاومة. هذه الأموال يمكن أن اقتطاعها كضريبة من هذه الشركات من خلال استراتيجية “الدفع أو اللعب”، والتي يمكن للشركات دفعها أو الاستثمار في البحث والتطوير لمحاربة مقاومة المضادات الحيوية.
يقول لاكسميناريان انه مستغرب من فكرة الدفع أو اللعب. ولمواجهة ذلك، فإنه من المثير للاهتمام أن يترك الكثير مما يمكن تحديده في كيفية البحث عن أدوية جديدة. يضيف وايت أنه في البلدان ذات الدخل المنخفض، وكثير من الناس، ولا سيما الأطفال، يموتون لأنهم لا يحصلون على المضادات الحيوية التي يحتاجونها، إنه يدعو إلى إعادة توجيه بعض الأموال التي يتم استخدامها في محاربة مقاومة المضادات الحيوية إلى المناطق الفقيرة من خلال تقديم المضادات الحيوية اللازمة.
أندرو ريد، عالم الأحياء التطويري ومقرها في جامعة ولاية بنسلفانيا، جامعة بارك، الذي يدرس مقاومة المضادات الحيوية، يقول بأن التقرير يدعونا للعمل ونحن على يقين بحاجتنا لهذا كله. ولكن على الرغم من أهمية الحد من استخدام المضادات الحيوية غير الضرورية،ولكن التحدي الاكبر هو التعلم على استخدام الأدوية عند الحاجة بطريقة لا تسمح باختيار السلالات المقاومة للمضادات.
إذا أصبحت الاعتبارات التطويرية عنصرا أساسيا في الممارسات الطبية الحسنة، سوف نحصل على مكاسب كبيرة، أكبر من تلك التي يمكن الحصول عليها من التشخيص السريع وكذلك من الاستخدام الزراعي.
المصدر : إضغط هنا