الصداع النصفي أو كما يعرف بـ “الشقيقة”، هو اضطراب معقد يتميز بنوبات صداع متكررة غالبا ما تكون أحادية الجانب، يمكن أن تسبب ألما شديدا يستمر لساعات وحتى لأيام، عادة ما تكون مصحوبة بغثيان وقيء وحساسية شديدة للضوء والصوت.
قد تسبق نوبة الشقيقة مجموعة من الأعراض الحسية والبصرية تعرف بـ « الأورة – Aura » وتكون بمثابة إنذار لحدوثها، يمكن أن تشمل ومضات من الضوء، البقع العمياء، الاضطرابات الحسية، الحركية أو حتى اللفظية.
تعمل بعض الأدوية على التقليل من شدة وتواتر نوبات الصداع النصفي، كما تساعد العلاجات الوقائية مع بعض الاستراتيجيات في نمط الحياة في الوقاية من المرض.
عوامل الخطر :
قد تجعلك بعض العوامل أكثر عرضة للمرض بما في ذلك :
- العوامل الوراثية: تاريخ العائلة مع المرض قد يجعلك عرضة للإصابة به أيضا.
- العمر: لا ترتبط الشقيقة بأي عمر محدد لكنها عادة ما تظهر في عمر المراهقة، وتصل للذروة في الثلاثينيات لتقل حدتها بعد ذلك تدريجيا في العقود التالية.
- الجنس: تعتبر النساء أكثر عرضة للمرض بثلاث مرات من الرجل، وذلك بسبب التغيرات الهرمونية حيث نجد أن الصداع قد يظهر قبل أو بعد الحيض بأيام. كما يمكن أن يتغير أثناء الحمل أو انقطاع الطمث ليتحسن بعد ذلك في سن اليأس.
الأعراض:
غالبا ما تظهر أعراض الصداع النصفي في مرحلة الطفولة، المراهقة أو البلوغ المبكر. ويمكن أن تتطور من خلال أربع مراحل: الأعراض الأولية (البادرة)، الأورة، نوبة الصداع والمرحلة النهائية. ومع ذلك فإن المصاب قد لا يواجه جميع المراحل.
- الأعراض الأولية: قد تلاحظ قبل يوم أو يومين من النوبة مجموعة من التغيرات الطفيفة تتمثل في:
- الإمساك.
- الاكتئاب (تغيرات المزاج).
- تناول الأطعمة بشراهة.
- تصلب الرقبة.
- زيادة العطش والتبول.
- التثاؤب المتكرر.
- الأورة -Aura : قد تحدث قبل أو أثناء نوبة الصداع، وهي مجموعة أعراض تصيب الجهاز العصبي تتمثل عادة في اضطرابات بصرية مثل ومضات من الضوء والرؤية المتعرجة. أو اضطرابات حسية (اللمس)، حركية أو حتى لفظية فقد تشعر بأن عضلاتك ضعيفة أو أن شخصًا ما يقوم بملامستك. تبدأ الأعراض تدريجيا وتستمر لمدة 20 إلى 60 دقيقة، وتتضمن ما يلي:
- الظواهر البصرية مثل رؤية أشكال مختلفة، نقاط مضيئة، ومضات من الضوء أو حتى فقدان البصر.
- الإحساس بالتنميل في الذراع والساق.
- ضعف أو الإحساس بالخدر في الوجه أو جانب واحد من الجسم.
- صعوبة في الكلام.
- سماع أصوات أو موسيقى.
- قد تترافق الأورة مع ضعف الأطراف وتسمى بـ « الشقيقة الفالجية -Hemiplegic migraine «
- النوبة: يستمر الصداع النصفي عادة من أربع إلى 72 ساعة في حالة ما إذا تركت دون علاج. وتختلف وتيرة النوبات من شخص لآخر، فقد تكون إما نادرة أو متكررة لعدة مرات في الشهر. و يواجه المصاب الأعراض التالية:
- ألم شديد في جانب واحد (نصفي) أو كلا الجانبين من الرأس.
- يكون الألم من النوع الخافق أو النابض.
- الحساسية للضوء، الصوت وحتى الروائح أحيانا.
- غثيان و قيء.
- الرؤية غير الواضحة.
- الدوار ويليه أحيانا الإغماء.
- المرحلة النهائية: والتي تلي نوبة الصداع، قد تشعر خلالها بأنك مستنزف ومنهك القوى في حين قد يشعر البعض بالابتهاج. وتستمر لمدة 24 ساعة تواجه خلالها أيضا : ارتباك، ضعف، دوخة أو تغير في المزاج.
أسباب المرض :
رغم أن الأسباب الرئيسية للمرض لازالت غير مفهومة، إلا أن العوامل الوراثية و البيئية قد تلعب دورا هاما في التسبب بالمرض. وغالبا ما يرتبط الصداع النصفي بتغيرات في الخلايا العصبية للدماغ وعلاقتها بالعصب الثلاثي (المسار الرئيسي للألم)، مع بعض الاختلالات الهرمونية بما في ذلك « السيروتونين » المساعد على تنظيم الألم في الجهاز العصبي.
وقد يرتبط الصداع النصفي بعدة عوامل محفزة أهمها :
- التغيرات الهرمونية عند النساء: تؤدي التقلبات في مستويات الاستروجين عند النساء إلى التسبب بالصداع الشديد خاصة عند النساء اللاتي يملكن قصة مع المرض و غاليا ما يكون قبل أو أثناء الحيض (عند الانخفاض الكبير في هرمون الاستروجين). وقد تزيد نسبة الإصابة بالمرض خلال فترة الحمل أو انقطاع الطمث.
- الأدوية الهرمونية: مثل حبوب منع الحمل والعلاج الهرموني البديل.
- الأطعمة: منها الأجبان، الأطعمة المالحة، الأطعمة المصنعة، المضافات الغذائية كـ « محليات الأسبارتام – The sweetener aspartame» والمواد الحافظة كـ « الغلوتامات أحادي الصوديوم -the preservative monosodium glutamate (MSG) »، والمشروبات الكحولية أو عالية الكافيين. كما قد يتسبب الصيام أو تخطي بعض الوجبات بنوبات الصداع.
- الضغط العصبي أو الإجهاد.
- المحفزات الحسية: الأضواء الساطعة، الأصوات الصاخبة والروائح القوية بما في ذلك العطور، رائحة الطلاء والتدخين السلبي.
- التغيرات في نمط النوم: نقص ساعات النوم أو النوم لفترة طويلة.
- العوامل الفيزيائية: كالجهد الجسدي الشديد أو النشاط الجنسي.
- التغيرات البيئية: تغير الطقس أو الضغط الجوي يمكن أن يتسبب في الصداع النصفي.
- الأدوية: مثل مانعات الحمل الفموية وموسعات الأوعية الدموية كـ « النيتروغليسيرين – nitroglycerin » التي قد تتسبب في تفاقم الصداع.
العلاج:
يمكن أن تساعد الأدوية في وقف أعراض الصداع و التقليل من الإصابة بالنوبات، وتنقسم إلى فئتين:
- أدوية تخفيف الألم: وتعرف باسم العلاجات الحادة أو المجهضة، تؤخذ خلال نوبة الصداع كما تعمل على وقف الأعراض. وتشمل :
- مسكنات الألم: كـالأسبيرين، الأسيتامينوفين (باراسيتامول)، والأدوية التي تسوق خصيصا للصداع النصفي (إكسيديرين) وهي مزيج من الأسيتامينوفين والأسبرين والكافيين.وقد تتسبب هذه الأدوية في القرحة المعدية و نزيف الجهاز الهضمي.
- أدوية التريبتان – Triptans : وتعمل على تضييق الأوعية الدموية ومنع مسارات الألم في الدماغ، فتخفف بذلك الألم والأعراض الأخرى للصداع النصفي. تتوفر عادة في حبوب منع الحمل، رذاذ للأنف و الحقن. تتمثل آثارها الجانبية في الغثيان، الدوخة، النعاس وضعف العضلات؛ ولا ينصح بها للأشخاص المعرضين لخطر السكتات الدماغية والنوبات القلبية.
- مخدرات الأرغوتامين – Ergots: وهي أقل فاعلية من التريبتان، لكنها أكثر فعالية في حالة ما إذا استمر الألم لأكثر من 48 ساعة. ومنها الارغوتامين (قد يؤدي إلى تفاقم الغثيان والقيء) وثنائي هيدروارغوتامين.
- الأدوية المضادة للغثيان.
- الأدوية الأفيونية: التي تحتوي على المخدرات كالكوديين، و تستخدم فقط في حالة عدم توفر علاجات أخرى.
- الستيروويدات – Glucocorticoids : و يمكن استخدامها مع أدوية أخرى للتخفيف من الألم، ولا ينبغي استخدامها بشكل متكرر لتجنب الأعراض الجانبية.
- الأدوية الوقائية: وتؤخذ بانتظام، عادة بشكل يومي ووفقا لوصفات طبيّة، للحد من شدة وتواتر النوبات. وتوصف في حالة استمرار النوبة لـ 12 ساعة، ارتفاع عدد النوبات شهريا، أو نقص فعالية أدوية تخفيف الألم. أهمها:
- أدوية القلب والأوعية الدموية: والتي تستخدم عادة لعلاج ارتفاع ضغط الدم ومرض الشريان التاجي، كما قد تقلل من وتيرة وشدة الصداع النصفي، نذكر منها : « حاصرات المستقبل بيتا بروبانولول – Beta blockers » ،« حاصرات قنوات الكالسيوم – Calcium channel blocker » و « مثبطات الأنزيم المحول للانجيوتونسين – The angiotensin-converting enzyme inhibitor ».
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات: والتي تؤثر على السيروتونين وغيرها من المواد الكيميائية في الدماغ، يعتبر « الأميتريبتيلين – Amitriptyline » مضاد الاكتئاب الثلاثي الوحيد الذي أثبت فعالية ضد الصداع النصفي.
- مضادات الصرع التي قد تقلل من تواتر النوبات.
- البوتوكس الذي قد يكون فعالا في علاج الصداع النصفي المزمن لدى البالغين.
- مسكنات الألم و مضادات الالتهابات قد تساعد على منع الصداع النصفي وتخفيف الأعراض.
الوقاية :
يوصي الخبراء بتجنب محفزات الصداع النصفي الشائعة وذلك بتغيير نمط الحياة وبعض الاستراتيجيات التي تمكنك من تقليل عدد وشدة نوبات الصداع النصفي نذكر منها :
- ممارسة التمارين الرياضية المنتظمة والتي تقلل من التوتر وتمنع الصداع النصفي.
- التقليل أو تجنب الأدوية التي تحتوي على هرمون الاستروجين.
- ممارسة تمارين الاسترخاء للعضلات كاليوغا.
- الحصول على قسط كافٍ من النوم.
- الراحة والاسترخاء عند الشعور بالصداع، وينصح بالاستراحة في غرفة هادئة ومظلمة.
كما ينصح بتسجيل وجدولة النوبات لمعرفة سببها وتحديد العلاج الأكثر فعالية.
المصدر: هنا
مصدر الصورة: هنا
ـــــــــــــــ
تدقيق لغويّ: Amira Bousdjira