لو كان التطور سيارة، فإن نظرية الانتخاب الطبيعي، ستكون المُحرك. نوقشت الفكرة الأساسية للتطور لمدة طويلة، قبل معرفة أي دليل علمي يدعمها. مفهوم التطور لم يكتسب أي شرعية علمية؛ لأنه فاقد للآلية التي تفسر حدوث التطور. فالعلماء لكي يصدقوا بأن الكائنات قد تطورت بعضها من بعض، احتاجوا إلى عملية معقولة، تجعل من التطور حقيقة. فأتت آلية “الانتخاب الطبيعي “Natural Selection لتخط الخطوط العريضة للتطور.
بشكل أساسي، تنص نظرية الانتخاب الطبيعي، على أن البقاء للأصلح، فعند حدوث التغيير، فإن الكائنات التي تلائمت مع التغيير، ستزدهر، أما الكائنات التي لم تتلائم مع التغيرات، فإنها لا تستطيع مجابهة تلك التغيرات، وبالتالي ستموت.
اقترح داروين المبدأ، بعد ملاحظته لبعض التجمعات المختلفة للطيور، فقد لاحظ أن الطيور ضمن كل مجموعة، تملك صفات مختلفة عن المجموعات الأخرى، ولهذه الصفات الدور في جعل هذه الطيور مُتلائمة مع بيئتها. بعد هذه الملاحظات، خرج داروين بنتيجة، تنص على أن بمرور الزمان، الكائنات الأكثر تلائمًا مع البيئة، ستزدهر. أما الأخرى فإنها ستموت، فتتكون المجموعة في نهاية المطاف من الكائنات ذات الصفات الأفضل.
واعتقد، أنه بعد مرور زمن، وبتعاقب حدوث التغيرات، قد يحدث في النهاية، تغيير كبير في النوع؛ مؤديًا إلى ظهور أنواع جديدة، مختلفة كليًا، كتطور السمكة لتصبح ضفدع.
لاشك، في أن وجود الاختلافات في النوع الواحد، تُرجح فرص بقاء بعض الأفراد على البعض الآخر، عند حدوث تغيرات بيئية. على سبيل المثال، القصة المشهورة للعث، في فترة الثورة الصناعية، ومع زيادة التلوث، بدأت المباني والأشجار تُغطَى بطبقة سوداء من الصخام(الفحم)، فأصبح العث الأبيض مكشوفًا لمفترساته من الطيور، أما العث الأسود، فساعده لونه على التمويه للتخلص من المفترسات، فأزدهر العث الأسود بينما قلت أعداد العث الأبيض، هذا المثال استخدم كثيرًا لتوضيح مفهوم الانتخاب الطبيعي.
هناك نقطة مهمة يجب معرفتها في نظرية الانتخاب الطبيعي، وهي عندما تعود الظروف البيئية إلى وضعها الطبيعي، فإن التوازن بين الكائنات الحية، سيعود كما كان قبل حدوث التغير البيئي، فالطيور ذات المناقير الكبيرة، قد تصمد وتسود عند حدوث الجفاف، وذلك؛ لأن مناقيرها الكبيرة تساعدها في تكسير قشور الجوز ولحاء الأشجار، أما الطيور ذات المناقير الاعتيادية، فأنها ستكافح وتختفي تدريجيًا. لكن عند انتهاء الجفاف، فإن أعداد الطيور، ذات المناقير الاعتيادية، سيعود تدريجيًا إلى وضعه الطبيعي. وكما أن العث الأسود ازدهر، بسبب التلوث الذي أنتجته الثورة الصناعية، إلا أن عدد العث الأبيض عاد إلى وضعه الطبيعي عند اختفاء التلوث.
المصدر: هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغوي: محمد دياب
تدقيق علمي: فرح علي
تعديل الصورة: ياسمين جيلاني
قراءة صوتية: سيد علي المهري