يُعرف الذكاء الاصطناعي (AI) بقدرته على الرّؤية (كما هو الحال في السيارات آلية السّياقة )، والاستماع (كما هو الحال في أليكسا والمساعدين المنزليين الآخرين ). ومن الآن فصاعدا، قد يكون قادرا على الشّم أيضا ! يقوم أندريا سولتوجيو وفريقه بتطوير نظام ذكاءٍ اصطناعي، باستطاعته أن يشم رائحة النّفس البشري، ويتعلم كيف يحدد مجموعة من المواد التي تكشف عن الأمراض التي قد نتنفّسٌها.
يتم استخدام حاسّة الشّم من قبل الحيوانات وحتى النباتات، لتحديد مئات المواد المختلفة التي تسبح في الهواء. ولكن بالمقارنة مع الحيوانات الأخرى، حاسّة الشّم البشريّة أقل تطوُّرا بكثير، ولا تُستخدم بالتّأكيد للقيام بأنشطة يوميّة. لهذا السبب، لا يُدرك البشر بشكلٍ خاص ثراء المعلومات التي يمكن أن تنتقل عبر الهواء، والتي يُمكن فهمها من خلال نظام حاسّة شمٍ شديدة الحساسيّة. الآن، قد يكون الذّكاء الاصطناعي على وشك تغيير هذا الأمر.
لعدّة عقود، تمكّنت المُختبرات في جميع أنحاء العالم من استخدام الآلات لاكتشاف كمّياتٍ صغيرةٍ جدًا من المواد في الهواء. ويمكن لهذه الآلات، التي يطلق عليها مقياس الطّيف الكتلي للغاز (GC-MS)تحليل الهواء لاكتشاف الآلاف من الجزيئات المختلفة المعروفة باسم ”المُركّبات العضوية المتطايرة”.
في جهازالـGC-MS ، يتم أوّلًا فصل كل مُركّبٍ في عيّنة من الهواء، ثم يتم تحطيمه إلى أجزاء، ممّا يخلق بصمةً مُميّزة يمكن التّعرّف على المُركبات منها. لسوء الحظ، يمكن أن تستغرق هذه العملية وقتًا طويلًا جدًا، وقد لا تكون دقيقةً إلى أبعد حد. كجزءٍ من فريق علم البيانات في جامعة لوبورو، يقوم أندريا وفريقه بتكييف أحدث تقنية ذكاءٍ اصطناعيٍ لإدراك وتعلم نوعٍ مختلفٍ من البيانات: المركبات الكيميائية في عينات التنفس. تم تصميم النّماذج الرياضية المستوحاة من الدّماغ، والتي تُسمى ”شبكات التّعلم الدّقيق”، على وجه التحديد ”لقراءة” الآثار التي تركتها الروائح.
جمع مجموعةٌ من الأطبّاء والممرضات وأخصائيي التصوير الشعاعي، والفيزيائيين الطبيين في “مركزإدنبرغ للسرطان-Edinburgh Cancer Center” عينات نفسية من المشاركين الذين يخضعون لعلاج السرطان. ثم تم تحليل العينات من قبل فريقين من الكيميائيين وعلماء الكمبيوتر.
بمجرد تحديد عددٍ من المُرَكَّبات يدويًا بواسطة الكيميائيين، تم تزويد أجهزة الكمبيوتر السريعة بالبيانات لتدريب شبكات التعلم العميق. تم تسريع الحساب بواسطة أجهزةٍ خاصّة تسمى GPUs، يمكنها معالجة عدة أجزاء مختلفة من المعلومات في نفس الوقت. تعلمت شبكات التعلم العميق أكثر وأكثر من كل عينة نفس حتى تمكنوا من التعرف على أنماط محددة كشفت عن مركبات معينة في النفس.
في هذه الدّراسة الأولى، كان كل التركيز مُنصبًا من أجل التعرف على مجموعةٍ من المواد الكيميائية، تسمى الألدهيدات، التي ترتبط في كثير من الأحيان بالعطور، ولكن في نفس الوقت، ترتبط أيضًا بحالات الإجهاد والأمراض.لا تستغرق أجهزة الكمبيوتر المجهزة بهذه التقنية سوى دقائق لتحليل عينة التنفس التي كانت تستغرق في السابق ساعات من قبل خبير بشري. على نحو فعال إذا، يجعل الذكاء الاصطناعي العملية برمتها أرخص – ولكنه قبل كل شيء يجعلها أكثر موثوقية. والأكثر إثارةً للاهتمام هو قُدرة البرنامج الذّكي على اكتساب المعرفة وتحسينها بمرور الوقت، لأنه يحلل المزيد من العينات. ونتيجة لذلك، لا تقتصر الطريقة على أي مادة معينة. باستخدام هذه التقنية، يمكن تدريب أنظمة التعلم العميقة على اكتشاف كمياتٍ صغيرةٍ من المركبات الطيّارة مع تطبيقات واسعةٍ جدًا ومحتملةٍ في الطب، الطب الشرعي والتحليل البيئي وغيرها.
إذا تمكن نظام الذكاء الاصطناعي من الكشف عن علامات المرض، عندها يصبح من الممكن أيضًا تشخيص ما إذا كنا مرضى أم لا. إذا تحقق هذا فهو من دون شك إمكانيةٌ كبيرة، ولكن يمكن أيضًا أن تكون مثيرة للجدل على نطاق واسع. لذلك يقترح فريق البحث ببساطة أن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه كأداةٍ للكشف عن المواد في الهواء، وليس بالضّرورة أن يقوم بعمليات تشخيصٍ أو اتخاذ قرارات. يتم ترك الاستنتاجات النهائية والقرارات للبشر.
تدقيق لغوي: جيلالي زروخي
المصدر: هنا