على الأرجح كنت قد تناولت قرص الباراسيتامول سابقًا لتسكين بعض الآلام أو لتخفيض الحمّى.
صحيحٌ أنّ المعلومات الصيدلانية المتعلّقة به تخبرنا أنّه من أكثر الأدوية أمانًا، لذا، فهو يتواجد تقريبًا بأشكالٍ وتراكيز تسمح بعدّة طرقٍ باستعماله ولجميع الأفراد، لكن، ألم يخطر ببالك يومًا ما أنّه قد تكون له أضرار تهدّد الصحّة؟ و قد تؤدّي للموت!
نتناول في هذا المقال الأخطار الرئيسية التي يمكن أن يسبّبها البراستامول وكيفية تجنّبها.
الباراسيتامول ( paracetamol / acetaminophen) هو مسكّنٌ للآلام الخفيفة والمتوسّطة، يمتلك أيضًا خاصية خافضٍ للحرارة فكثيرًا ما يُستعمل لخفض الحمّى، يمكن أن يكون منفردًا أو ممزوجًا مع أدوية أخرى إذ يوجد أكثر من 600 منتجٍ مختلف تحتوي كلها على الباراسيتامول.
بدأ استعماله طبيًا وبشكلٍ واسع في الولايات المتّحدة سنة 1947 ودخل قائمة الأدوية التي تُصرَف دون وصفة (OTC) سنة 1960.
يعتبر البارستامول حاليًا المسكّن للآلام الأكثر استعمالًا سواءً بوصفٍ طبّي أو بدونه، يستعمل للآلام من الدرجة الأولى في سلّم منظّمة الصحّة العالمية (سلّم يصنّف الآلام من ثلاث درجات).
و لعلّ أهمّ إيجابياته كونه آمنًا بشكلٍ جيّد، خاصةً للجهاز الهضمي، ممّا يجعل استعماله ممكنًا بالنّسبة للأطفال والمرأة الحامل والمرضعة وكلِّ من له سوابق مع التقرّحات المَعِدية.
عند احترام الجرعة المناسبة، يمكن أن يُنتِج تناول الباسيتامول آثارًا جانبية جلدية النوع في معظمها (طفحٌ جلدي، احمرار، حكة…) لكنّها تبقى نادرة. لكنّ أخطر تأثيرٍ يمكن أن يسبّبه الباراسيتامول هو التسمّم الكبدي في حالة افراطٍ في الجرعة المتناولة؛ ففي الولايات المتّحدة تمّ احصاء 50,396 حالة تسمّم بسبب الباراسيتامول وحده (دون تداخلٍ مع أدوية أخرى) توفي منها 65 حالة.
خلال التفاعلات الأيضية للمركّب، يتحوّل البارستامول على مستوى الكبد إلى مركّباتٍ غير سامّة وقابلة للذّوبان ليسهل طرحه في البول (conjugationreaction)، كمية صغيرة منه يتمّ تحويلها إلى مركّبٍ سام نسبيًا NAPQIN-Acetyl-p-Benzo-Quinoné-Imine)، في الحالة الطبيعية وفي الجرعات العادية تكون كمية الـ NAPBQI صغيرةً جدًّا، يمكن للخلايا الكبدية احتواؤها سريعًا بفضل النظام المضاد للأكسدة وتحديدًا بالغليتاتيون.
ولكن، في حالة افراطٍ في الجرعة (مابين 7,5 و 10 غ/في اليوم بالنسبة للبالغ، وما بين 150 و200 ملغ/كغ/لليوم للأطفال الأقل من 6 سنوات) تفقد الخلايا الكبدية مقاومتها وتصبح عرضة للكمية الزائدة من الـ NAPQI، فتقوم بتفاعلاتٍ تأكسدية مع بروتينات الخلية ممّا ينتج عنه تدمير الخلايا الكبدية وإلى التهاب الكبد، ممّا يؤدّي إلى الفشل الكبدي (hepatic failure) وقد يؤدّي إلى الوفاة في غياب الرعاية الصحية المناسبة والتي تتطلّب في بعض الأحيان زراعة كبد. نفسُ التفاعلات الإنزمية يمكن أن تحدث في أعضاء وأنسجة أخرى كالكلى ممّا يؤدّي إلى اضطراب عملها.
كمية الباراستامول التي يمكن أن تتسبّب في حالة التسمّم قد تكون أقلّ في بعض الحالات، كالمدمنين على الكحول، حالات سوء التغذية، الجوع المستمر(الصيام)، والذين يعانون مسبقًا من التهاب كلوي (فيروسي مثلا..) أو تناول أدوية تحرّض الإنزيمات المؤكسدة السيتكروم بـ (CYP)، فمثلًا عند الاشخاص المستهلكين للكحول، تكون مستويات مضادات التأكسد (الغليتاتيون) لديهم منخفضة، اضافةً إلى أنّ الكحول يحرّض على زيادة نشاط التفاعلات الأيضية المؤكسدة (CYP 450 2E1)، ممّا يؤدّي إلى زيادة انتاج الـ NAPQI ويخفض امكانية احتوائها، لذا فهم عرضة أكثر للتسمّم بالباراسيتامول وبجرعاتٍ أقلّ من المعتاد.
حاليًا، الكمية القصوى المنصوح بها يوميا هي 4غ فقط بالنسبة للبالغ، 75 ملغ/كغ للأطفال. عند احترام هذه الجرعات، خطر الاصابة بالتسمّم ضئيلٌ جدًّا.
ولضمان عدم حصول التسمّم، يُنصح دائمًا بأخذ الاحتياطات اللّازمة:
- احترام الجرعات اليومية وعدم تخطّي الجرعة القصوى مهما كان السبب (4 غ للبالغ، و 75/كغ للأطفال في اليوم).
- تقسيم الجرعة اليومية بشكلٍ مناسب:
الفئة | الجرعة | الفترات الزمنية بين الجرعات |
البالغون | 352 إلى 650 مغ | كل 4 إلى 6 ساعات. |
1غ | كل 6 إلى 8 ساعات . | |
الأطفال الأقل من 12 سنة (أقل من 50 كغ) | 10 إلى 15 مغ/كغ للبلع عن طريق الفم. | كل 4 إلى 6 ساعات، ولا تتجاوز 5 جرعات في 24 ساعة. |
15 إلى 20 ملغ/كغ بالنسبة للتحميلات عن طريق المستقيم. | كل 4 إلى 6 ساعات، ولا تتجاوز 5 جرعات في 24 ساعة. |
- عند تناول أكثر من دواء، تأكّدوا أنّ مجموع جرعة الباراسيتامول فيها لا يتعدّى الحدود القصوى المسموح بها .
- وأكيد، دائمًا، ينُصح بعدم ترك الأدوية في متناول الأطفال.
و أخيرًا أختم بما تنصح به جامعة هارفرد «كونوا حذرين، ولكن لا تخافوا» .
المصادر :
ــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغوي: هاجر.ب