” بمجرد أن يبدأ التغيير الإجتماعي فأنه لا يمكن عكسه… لا يمكنك إذلال الشخص الذى يشعر بالفخر، ولا يمكنك قمع الشعب الذي لا يخاف بعد الآن…” بهذه الكلمات إختتمت Eleanor longden (وهي سامعة أصوات ومنظِّرة لحركة سامعي الأصوات) مداخلتها في TED سنة 2013.
يُعرف سماع الصوت أو الهلاوس على أنه: سماع أصوات في غياب مثيرات خارجية، وقد كانت النظرة التقليدية في علم النفس تقضي بأنها ظاهرة باثولوجية لدى الذهانيين يجب القضاء عليها.
لكن في هولندا، سنة 1987، شَخّص الطبيب النفسي Parius romme إمرأة شابة تُدعى Pasty hague على أنها مصابة بالفصام Schizophrénie، وقد أسست Pasty مع طبيبها النفسي حركة سامعي الصوت Le mouvement sur l’entente de voix، حيث كانت Pasty تقاوم العلاجات التقليدية، وبالتعاون مع طبيبها توصلا لإستراتيجية جديدة للتعامل مع تجربة سماع الأصوات، تقوم هذه الإستراتيجية على فكرة أن الحد من الأصوات ليس دائماً مفيد.
وبالتالي تقوم طريقتهما على محاولة فهم الأصوات، وتغيير علاقة الأشخاص مع أصواتهم بإعتبارها جزء من ذواتهم؛ وهذا للحد من الوصم Stigmatisation والعزلة التي يشعرون بها، كما تهدف للدفاع عن القبول الإجتماعي للأصوات وإعتبار الأصوات ظاهرة تحمل معنى لأصحابها بدلاً من إعتبارها أعراض نفسية، و كذا خلق جو يمكن فيه للشخص الحديث عن تجربته دون خطر أن يصنف على أنه مريض عقلي.
وتستعمل الحركة لفظ “سماع الصوت Entente de voix” بدل كلمة “هلاوس Hallucination”، وتنطلق فرضيتها من الدراسات الإحصائية التي تؤكد أن 13.2% من البشر قد خبروا تجربة سماع الأصوات، وأغلبهم لا يمكن تصنيفهم في أي من الفئات التشخيصية، ونجد لهذه الفكرة مرجع في الدليل التشخيصي والإحصائي للإضطرابات النفسية الصادر سنة 2013 في طبعته الخامسة DSM 5، أين يضم فئة سماها بـ”طيف الفصام Spectre de schizophrénie” والتي تضم مجموعة الأشخاص الذين لديهم هلاوس سمعية لكن في غياب أي مظاهر ذهانية أخرى.
وتعتبر المشاكل المعرفية وإستراتيجيات التكيف Coping غير الملائمة وكذا سوء المعاملة في الطفولة من أهم أسباب سماع الأصوات، كما يمكن لأي شخص منا نتيجة حرمان حسي أو حداد أو صدمة أن يخبر تجربة سماع الصوت، ونجد أن سامعي الأصوات من المرضى العقليين لديهم علاقات سيئة مع أصواتهم، في حين أن سامعي الأصوات من الفئات الأخرى لهم علاقات أكثر هدوءً مع أصواتهم، وقد أثبتت التجارب إمكانية تغيير علاقاتهم مع أصواتهم، ويمكن تقييم علاقة الشخص مع صوته بإستعمال مقياس (Mostricht (Room et Hague.
ختاماً: فأن فلسفة الحركة تقوم على تمكين الأفراد من الدخول فى عملية Rétablissement (أي الإصلاح أو إعادة التوطين)، أما مقصودها فهو مخاطبة الشخص كالتالي “عش حياتك التي تريد أن تختارها، لا الحياة التي إختاروها لك”، وهو ما أكسب للحركة صدى عالمي، بحيث أصبح لها مراكز متعددة في القارات الخمس.
المصادر :
J.Jaderi et all (2016). Psychothérapie des hallucination. Pris ,France, Elsevier masson
(American psychiatric association (2013) . Manuel diagnostique et statistique des troubles mentaux (DSM5
تدقيق لغوي: مراد بدر