يعطي هذا الاكتشاف دليلًا على وجود الإنسان في الجزائر قبل ستمئة ألف سنة مما اعتقد العلماء سابقا، وظهور استخدام الأدوات البدائية في أجزاء مختلفة من إفريقيا بشكل مستقل.
من المعروف أنّ أقدم أداة حجرية تقنية هي «ألدوان – Oldowan»، والتي نشأت في شرق أفريقيا منذ حوالي 2.6 مليون سنة، ثم انتشرت عبر القارة، وهي أدوات صلبة متعددة الاستخدامات تم نحتها من الحصى.
لكن هناك أدلة جديدة تشير إلى أن هذه التكنولوجيا البدائية، ربما تكون قد ظهرت بالفعل بشكل مستقل في أجزاء مختلفة من إفريقيا.
حيث وُجِد حجر كلسي منحوت وأدوات صيوانية عمرها حوالي 2.4 مليون سنة؛ أي تقريبًا نفس عمر أقدم الأدوات في التاريخ، التي اكتُشفت في غونا بإثيوبيا، ويبلغ عمرها حوالي 2.6 مليون سنة.
ويعني هذا الاكتشاف أن البشر كانوا موجودين في الحوض المتوسطي لشمال إفريقيا قبل حوالي ستمئة ألف سنة مما كان يُعتَقد في السابق (كان يُعتقد أن قبل 1.8 مليون سنة هو أول ظهور).
– الصانع غير معروف:
كما هو الحال مع آخر اكتشافات الأدوات الحجرية في شرق أفريقيا، لم يكتشف الباحثون وجود أي بقايا إنسانية في مكان قريب، لذلك ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الأصناف مصنوعة من نوع من « homo-هومو» أو جنس مرتبط به.
ويزيد هذا الاكتشاف احتمالية توصل الكائنات البشرية لفكرة استخدام الأدوات في عدة أجزاء من أفريقيا دفعةً واحدة، بدلاً من انتشاره عبر الوادي المتصدع في شرق إفريقيا، هذا بحسب فريق البحث الذي يقوده عالم الآثار الجزائري «محمد سحنوني» التابع للمركز الوطني للبحوث الإسبانية للتطور البشري في (Burgos- بورغوس).
وقضى فريق سحنوني ثمانية أعوام في موقع «عين بوشريط» بولاية سطيف في شمال الجزائر، حيث اكتشفوا مجموعة من أدوات التقطيع والفرم إلى جانب عظام أفيال وضباع وخنازير وتماسيح وحيوانات أخرى.
– معضلة التأريخ:
في الوادي المتصدع، تبوح لنا الأشياء عن عمرها بسهولة نسبيًا، وذلك بفضل تأريخ بالأرجون-أرجون، بواسطة عنصر الأرجون (argon-Ar) الذي يوجد في رواسب الرماد البركاني، لكن لا توجد مثل هذه الصخور في الجبال الجزائرية.
لهذا استخدم العلماء ثلاث تقنيات لتأريخ هذه الصخور:
1-magnetostratigraphy الذي يعتمد على سجل الصخرة واتجاه المجال المغناطيسي للأرض ووقت تصلبها .
2-الرنين المغزلي الإلكتروني في حبيبات الرواسب، لاستنتاج تاريخ دفنها.
3-فحص الفترات التي كانت تُعرف بوجود الحيوانات التي تم العثور على عظامها باستخدام الأدوات الموجودة في ذلك الوقت.
أصول متعددة:
إذ إنّ فارق السن بين هذه الأدوات وتلك الموجودة في الوادي المتصدع هو أقصر بكثير من أن تصل التكنولوجيا البدائية الحجرية عبر الصحراء والجبال إلى شمال إفريقيا، يقول «سحنوني»: “أعتقد أن هذا يزيد احتمالية الاصول المتعددة للتكنولوجيا البدائية الحجرية”.
إن سجلات الكثير من الحفريات المبكرة عن شبيه الإنسان « hominin-fossi» والأدوات الحجرية حدثت في شرق إفريقيا، ويرجع ذلك من جهة إلى الحفريات والأدوات التي توصل إليها عالم الأنثروبولوجيا «لويس ليكي-Louis Leakey» في البحث هناك والتي أعطت نتائج مذهلة في ستينات وخمسينات القرن الماضي، ومن جهة أخرى إلى سهولة الحفظ والتاريخ، مما أدى إلى تحيز في المعلومات.
يقول «كريس سترينجر- Chris Stringer»، أخصائي التطور البشري في متحف التاريخ الطبيعي في لندن : “علينا الحذر من إنشاء سيناريوهات عن الأصول تستند فقط إلى المكان الذي يتم فيه أفضل حفظ للحفريات، ولا يزال يتعين تحديد ما إذا كانت هناك روابط مباشرة بين أشباه الإنسان في شمال وشرق إفريقيا قبل 2.4 مليون سنة، أو ما إذا كان من الممكن أن يتطوروا بشكل مستقل”.
يقول «اجناكو تور- Ignacio de la Torre»، عالم الآثار في جامعة لندن،: “ربما كان هناك تركيز مفرط على أهمية منطقة شرق إفريقيا في هذا المجال”، وأشار إلى تقرير من كينيا يعود للعام 2015 عن الأدوات الحجرية التي يعود تاريخها إلى ما يقارب 3.3 مليون سنة مضت، ويضيف: “إذا تم تأكيد اكتشاف كينيا فسوف يثبت ذلك ظهور التكنولوجيا البدائية الحجرية في شرق إفريقيا أولاً”.
المصدر:هنا
ـــــــــــ
تدقيق لغوي : عمار أيمن