أتضيّع مفاتيحك كثيرًا؟ أتجد صعوبةً في تذكّر أين وضعت أغراضك؟
هرولة سريعة قد تنعش ذاكرتك !!
لقد اكتشف العلماء بروتينًا يتمّ تحريره من طرف عضلاتنا بعد ممارسة بعض التدريبات الرياضية، هذا البروتين يساعد على نموّ الأعصاب في المخ وخاصةً في مناطق الذاكرة.
تمّ نشر الدراسة في مجلّة Cell Metabolism بحيث اعتمد البحث على مقاربةٍ فريدة ٍمن نوعها، اعتمدت على زراعة الخلايا، التجارب البشرية وكذا أنواع الفئران المستعملة.
يقول الكاتب الرئيسي للبحث، البروفسور إمغا دوتسل Emrah Duzel بالرغم من أنّه كان من المعروف أنّ الجهد الجسديّ له تأثيره على الدّماغ، إلّا أنّ الطريقة التي يتمّ بها ذلك لم يتمّ تحديدها بالضبط. يقول البروفيسور دوتسل من جامعة Otto-von-Guericke University Magdeburg في ألمانيا:” تمثّل الحركة محفزًا قويًا لعملية التذكّر”.
ويضيف قائلا: “في كلّ مرّة نغيّر فيها مواقعنا ونتحرّك، يتوقّع الدّماغ معلوماتٍ جديدة لكي يخزّنها، وهذا ما يشرح العلاقة الوطيدة بين الحركة والذاكرة”.
في الجزء الأوّل من الدراسة، حفّز الباحثون أليافًا عضليةً في طبقٍ بتري، ثمّ قاموا بتحديد أيّ من هذه البروتينات الناتجة عن هذه العملية صغيرة الحجم بما يكفي لتعبر حاجز الدم_الدماغ (الغشاء الذي يحمي الدماغ من المواد غير المرغوب فيها).
بعد ذلك، تمّ تحديد بروتين يسمّى كاتيبسين B، الذي أظهر قدرةً على تحفيز نموّ الخلايا العصبية الجديدة في الهيبوكمبيس hippocampus – وهي منطقة في الدماغ مرتبطة بالذاكرة.
ثمّ درس الباحثون تأثير التمرينات الرياضية على الذاكرة وانتاج بروتين الكاتيبسين B في كلّ من الفئران العادية وما يسمى بالفئران “الخاملة: knockout “، وهي فئران مهندسة بحيث تكون أدمغتها غير قادرة على الاستجابة لبروتين كاتيبسين B.
يقول البروفسور:”عند الفئران الخاملة، أوّل ملاحظةٍ كانت عدم قدرة تلك الفئران على حفظ المسارات كنظيرتها العادية”، كما لاحظ الفريق الباحث أيضًا أنّه وحتى بعد تمرين الفئران لم يكن هناك ذلك القدر من النموّ العصبيّ في الهيبوكمبيس الذي لوحظ في الفئران العادية؛ ممّا دلّ على أنّ الفئران الخاملة knockout لم تتلقّ تلك الفائدة العصبية التي تنجرّ عن التدريب، وذلك لعدم قدرة خلاياها الدماغية على الاستجابة لبروتين الكاتيبسين B.
تأكيد الدراسة على الكسلاء
المرحلة الأخيرة للاختبار، كانت لمعرفة ما إذا كان لممارسة الرياضة ولهذا البروتين نفس التأثير على البشر. لذلك الغرض، تمّ استعمال طلّابٍ جامعيين قليلي الحركة، واُخضِعوا لنظام تدريباتٍ مكثف لمدّة 4 أشهر. وبعد أن أصبح هؤلاء الطلّاب في لياقةٍ بدنيةٍ جيدة، لاحظ الباحثون أنّ نسبة الكاتيبسين B عند الطلبة زادت، وكذلك تحسّنت نتائجهم في اختبارات الذاكرة.
كما شدّد البروفسور إمغا دوتس على أنّ العلاقة بين التّمارين الرياضية والذاكرة لا تتعلّق فقط بالكاتيبسين B فقط بل بعوامل أخرى أيضًا.
ومن المثير للإهتمام أن الكاتبسين B معروفٌ بأنّه يُفرَز من طرف الأورام، وبعض الدراسات تورّطه أيضًا في موت الخلايا وتشكيل ترسّبات الأميلويد في الدماغ، في حين وجدت دراساتٌ أخرى أنّ البروتين يمكنه التّقليل والانقاص من ترسّبات الأميلويد.
يعتقد الدكتور هنرييت فان براغ، عالم الأعصاب في المعهد الوطنيّ للشيخوخة في الولايات المتّحدة، أنّ الكميات المختلفة من البروتين والظروف الفيزيولوجية المختلفة يمكن أن تؤدّي إلى آثارٍ مختلفة.
في هذه الأثناء يقول البروفسور دوتسل أنّه كان متأكدًا من أنّ بروتين الكاتيبسين B يحسّن من الذاكرة لدرجة أنّه خسر خمس كيلوغراماتٍ من وزنه بعد زيادته لوتيرة تدريباته الرياضية.
امكانية استغلال هذه النتائج لاختراع علاجات طبية عصبية
يعلّق الأستاذ أوليفر بيجيه في جامعة العلوم العصبية بأستراليا أنّ اكتشاف العلاقة بين التمرين والذاكرة يمكن أن يفتح أبوابًا علاجية جديدة مثل استعمالها في محاولة علاج الخرف.
يقول الدكتور بيغي، والذي لم يكن مشاركًا في الدراسة:”إذا زدنا كمية هذا البروتين في الدّماغ، فإنّ هذا قد يؤدّي إلى تعزيز نموّ الخلايا العصبية وتجديدها، ممهّدًا بعد ذلك لنوعٍ من أنواع التدخّلات العلاجية”.
وأشار أيضًا إلى أنّ فوائد تحفيز نموّ الأعصاب في الهايبوكامبيس، قد تكون لها فوائد عديدة في أماكن أخرى من الدماغ.
وأضاف الدكتور بيغي قائلا:”الهيبوكمبيس هو أحد منطقتين في الدماغ أين نستطيع خلق وتجديد الخلايا العصبية في فترة حياتنا”
“لذلك قد يذهب أثر هذا البروتين إلى ما هو أبعد من تحفيز الذاكرة، لأنّنا نعلم أنّ الخلايا العصبية الجديدة تميل إلى الهجرة إلى مناطق أخرى من الدماغ خارج دوائر الذاكرة”.
المصدر : هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغوي: هاجر.ب