مع مصادقة كلّ من الولايات المتّحدة والصين على اتفاقية باريس للمناخ، لا يزال الاحتمال قائمًا على أن نكون قادرين على حماية كوكبنا من ويلات تغيّر المناخ. ومع ذلك، هناك ظاهرة طبيعية قامت بانقاذ العالم وهي تحدث في المحيطات.
تعتبر المحيطات بالوعةً للكربون، أين تقوم بامتصاص وتخزين ثاني أكسيد الكربون، جنبًا إلى جنب مع الغلاف الجوي، الغابات، التربة والصخور.
في تقريرٍ جديد صادرٍ عن الاتّحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN)، يتمّ تسليط الضوء على حقيقة أنّ المياه في العالم هي خزّانٌ عملاقٌ للكربون، بعد أن استوعبت أكثر من 90 في المئة من الحرارة الزائدة والناتجة عن النشاط البشريّ.
في الواقع، لولا المحيطات التي تغطّي أكثر من 70 بالمئة من سطح الأرض، لما ارتفع متوسّط درجات الحرارة العالمية بدرجةٍ مئويةٍ واحدةٍ فقط في القرن السابق، بل سترتفع بما يقدّر بـ 36 درجة مئوية.
في الوقت الحاضر، معدّل التغيّر في درجة الحرارة هو عشرة أضعاف ما كان متوقّعًا أن يكون في حقبةٍ مواليةٍ لعصرٍ جليدي -والتي نعيش فيها حاليًا- وبالفعل، جنسنا البشريّ يواجه كوارث طبيعية أكثر تدميرًا: فشلٌ زراعيّ، تدمير الغلاف الجليديّ، الانهيار الاقتصاديّ وتسارع ارتفاع مستوى سطح البحر.
من دون المحيطات، فإنّ العالم لم يكن ليستمرّ بل سيحترق فعليا.
“حتى الآن، لا تزال المحيطات تحمينا من أسوأ آثار التغيّر المناخيّ” يلخّص التقرير. “ربما لم ندرك بعد تأثيرنا على هذه المحيطات ولم نقدّر ما تفعله في سبيل استمرارنا”.
ويشير التقرير إلى أنّه بالرغم من أنّ المحيطاتِ قد تحصّن العالم السطحيَّ من وقوع كارثةٍ مناخية، فالحياة في المحيطات نفسها تعاني بالفعل، من الثدييات البحرية الضخمة إلى أصغر العوالق تحت سطح المياه.
ربما يكون امتصاص ثاني أكسيد الكربون ينقذنا حاليًا، وعلى المدى القصير، ولكنه سيقوم بتدفئة المحيطاتِ بقدر 4 درجاتٍ مئوية بحلول عام 2100، فضلًا عن جعلها حمضيةً بشكلٍ كبير. كلّ شيء، من الحيوانات المفترسة العليا ألى الشعاب المرجانية التكافلية، سوف تعاني، بسبب عدم تكيّفها مع هذا التغيير الهائل في بيئة معيشتها في مدةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ نسبيًا. بالاضافة إلى مليارات الناس الذين يعتمدون بشكلٍ أساسيّ على الأسماك للحياة و البقاء، سوف يتأثرون أيضا بتأثّر جزءٍ من السلسلة الغذائية الموجود في المحيطات.
بفضل الطحالب الخضراء العائمة، والتي تقوم بعملية التركيب الضوئيّ التي تشترط استهلاك ثنائي أكسيد الكربون، وبفضل تخزين هذا الغاز في صخور المحيط، لعبت المحيطات دورًا كبيرًا في الابقاء على الاحترار العالميّ في حدودٍ معقولة، إلّا أنّ كثرة كمية الغازات الدفيئة واحترار المحيطات صَعَّبَا من ذلك. فالمحيطات الدافئة لا تستطيع تخزين غاز الكربون بمثل فعالية المحيطات الباردة، وكذلك تشبّع المحيط بهذا الغاز يهدّد بأن تقوم المسطّحات المائية باطلاقه إلى السّطح، وبذلك تتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري بشكلٍ غير مسبوق.
كما يسلّط هذا التقرير الضوء -أيضا- على الخزّانات الضّخمة من غاز الميثان المجمدة تحت المحيط (وأيضا في تاندرا، القطب الشماليّ) والتي سوف تبدأ في تسريب الميثان باستمرار احترار المحيطات وزيادة حمضيتها. ليس واضحًا بالضبط متى سيحدث هذا، ولكنّه أمرٌ لا مفرّ منه.
يتفكّك غاز الميثان في الجوّ أسرع من الغازات الدفيئِة الأخرى، خاصةً غاز ثنائي أكسيد الكربون. ولكنّه في نفس الوقت أكثر فعالية وضررًا على المناخ، حيث سيبدأ بتشكيل سلسلةٍ تفاعليةٍ مغلقة تسبّب ارتفاعًا أكثر في درجات الحرارة، وبذلك تسريب المزيد من غاز الميثان وجعله من الصعب على المحيطات تخزين غاز الكربون ومن السهل تسريبه أيضا.
“يجب أن يكون لدينا الكثير من الإحترام لهذا الكوكب الذي نعيش عليه”، يقتبس التقرير من كارل جوستاف روسبي عالم الأرصاد الجوية الرائد، قوله في عام 1956. “العبث يمكن أن يكون خطيرا. و الطبيعة يمكن أن تكون منتقمة “.
المصدر : هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغوي: هاجر.ب