مصدر الصورة: https://www.scientificamerican.com/article/self-destructing-circuits-mimic-mission-impossible-tape/
”هذا الشريط سيدمّر ذاتياً في خمس ثوانٍ” ، بالتأكيد سمعتَ هذه الجملة في سلسلة أفلام المُهمّة المستحيلة، حين يكمل العميل “ايثن هانت” من سماع تفاصيل مهمتهِ السرية، بعد مرور الثوان الخمس تتدمّر الوسيلة ذاتيا. فكرة الشريط الذي يُدمّر ذاتياً كانت مُجرّد فِكرة في الفيلم ولم تكن موجودة في الواقع، إلى أن أتى باحثون من الصين وأمريكا وحوّلوا الفكرة إلى واقع، وابتكروا أجهزة الكترونية تتحلّل ذاتياً بردِّ فعلٍ مع الماء أو الهواء. يعتقدُ الباحثون أن هذهِ الأجهزة سيكون لها تطبيقات هامّة ليس في المجال الأمني فقط بل حتّى في حماية البيئة، وربما في المجال الطبي أيضاً.
مع تزايد انتشار الأجهزة الالكترونية، ازداد الإهتمام بـ تكنولوجيا” الالكترونيات الفانية ”- (transient electronics)، التي بعد أن تنّتهي وظيفتها تتحلّل أو تتلاشى. هذهِ التكنولوجيا قد تكون مفيدة جداً، بشكلٍ خاص مع الأجهزة التي يُستَعصى استرجاعها، أجهزة الاستشعار التي تُزرع في جسم الإنسان – على سبيل المثال – يمكن أن تتطلّب عملية جراحية أخرى من أجل أزالتها، بحيث أن التقنيات المُستخدمة حالياً لجعل “الدارات الفانية”- (transient circuitry) تتلاشى وتتحلّل عادةً ما تُستعمل مواد كيميائية مغلّفة (chemicals encapsulated)، التي لها سلبيات – مثلاً – عدم امكانية التحكّم في العمر الأفتراضي لهذهِ الدارات، وعلاوةً على ذلك لا يُمكن استعمال المواد الشائعة في صناعة الالكترونيات، مثل النحاس لأن أغلبها غير قابل للتحلّل.
قام “كونجيانغ يو”- (Cunjiang Yu) من جامعة “هيوستن تكساس” وبعض زملائه في الصين، بتجربة مخبرية، حيث قاموا بترسيب المواد الشائعة في صناعة أشباه الموصلات، مثل النحاس وأكسيد “المغنيسيوم”-(magnesium oxide) أكسيد الزنك (Indium gallium zinc oxide) مع المواد الأوليّة لمُتعدّد الأنيدريد (Polyanhydride substrate). تدريجيا، تم أماهة أنهيدريد البوليمير (the polymer’s anhydride) بواسطة بخار الماء الموجود في الهواء، ممّا تسبّب في تحلّل الفيلم (الشريط)، ونتجَ عن هذهِ الأماهة حمض “الكربوكسيليك” الذي بدورهِ يقوم بتحليل المواد الالكترونية.
قام الباحثون أيضاً بتصنيع مقاومات فانية (transient resistors)، مُكثّفات، “ترانزيستورات” إضافةً إلى المكونات الالكترونية الأخرى. يُمكن أن يستغرق التحلّل أيام أو أسابيع أو حتّى لفترةٍ أطول عن طريق تغيير مُحتوى “أنهيدريد البوليمير”-(the polymer’s anhydride) والرطوبة. ينوي الباحثون حالياً لتطبيق هذا التكنولوجيا في الواقع، بداية مع التطبيق العسكري أولاً، ”الجندي حالياً يحمل العديد من الأجهزة الذكية التي قد تُعتبر سريّة” يقول “كونيجيو يو”-(Cunjiang Yu) ”في حالة ما توفي جندي في الميدان لا نريد أن تقع الأجهزة التي يحملها في يد العدو لكي يفك تشفيرها” ، أمّا عن التطبيقات الطبيّة فيتوجب أولاً اختبار التوافق الحيوي لهذهِ المواد مع جسم الإنسان، قال “كونيجيو يو” الأحماض المُستعملة ليست قوية جداً… لهذا أظن أنه هذه التكنولوجيا ستكون مُتوافقة حيويّاً مع جسم الإنسان“.
أعجِبَ “جون روجرز”-(John Rogers) وهو بروفسور من جامعة “نورث وسترن” بأمريكا بهذا البحث، حيث قال ”هذه التكنولوجيا تُقدّم لنا فكرة أنه يمكن استخدامها كأداةٍ لتحقيق تلاشي واضمحلال الأجهزة الالكترونية. هذا مفهوم جديد للالكترونيات الفانية (transient electronics)، التي أؤمن بأنها تكنولوجيا جداً مهمة”. واعترض عن الاستعمال الطبي، حيث شكّك في خطورة الأحماض المُستعملة على جسم الإنسان، علاوةً على الوقت الذي قد تستغرقهُ للتحلّل في البيئة الرطبة للجسم. أمّا عن الاستعمال العسكري فقد رحّب بالفكرة وقال ”فكرة أنه يمكن تدمير جهاز وقع بأيدٍ مجهولة سيكون أمر عظيم !
المصدر : هنا
تدقيق لغوي : عقيل الزيادي