يمكن أن يكون هناك مشكلة خطيرة للغاية في البحث عن نشاط الدماغ البشري، خلال السنوات ال 15 الماضية. مع دراسة جديدة تشير إلى أن خلل في برنامج الرنين المغناطيسي الوظيفي يمكن أن يبطل نتائج 40000 ورقة.
هذا أمر هائل، لأن التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (FMRI)، هو واحد من أفضل الأدوات لدينا لقياس نشاط الدماغ، وإذا كان معيبًا، هذا يعني أن كل هذه الاستنتاجات حول ما تبدو أدمغتنا عليه خلال بعض الأشياء مثل ممارسة الرياضة، الألعاب، الحب، وإدمان المخدرات خاطئة!.
باحثون يقودهم (أندرس كلوند) من جامعة ينكوبينج في السويد، أكدوا “أنه على الرغم من شعبية الرنين المغناطيسي الوظيفي كأداة لدراسة وظيفة الدماغ، فإن الأساليب الإحصائية المستخدمة نادرًا ما يتم التحقق من صحتها باستخدام بيانات حقيقية”.
المشكلة الرئيسية هنا هي في كيفية استخدام العلماء للرنين المغناطيسي الوظيفي، لإيجاد شرارات من النشاط في مناطق معينة من الدماغ. خلال التجربة، سيُطلب من المشاركين أداء مهمة معينة، في حين ينبض مجال مغناطيسي هائل من خلال الجسم، ويتم التقاط تغييرات صغيرة في تدفق الدم للمخ. هذه التغييرات الصغيرة يمكنها الإشارة إلى العلماء أن مناطق معينة من الدماغ قد بدأت فجأة في حالة تأهب، مثل منطقة القشرة المنفصلة خلال الألعاب، والتي تم ربطها إلى وظائف معرفية “أعلى” مثل معالجة اللغة، التعاطف، والتراحم.
الحقيقة هي أنه عندما يقوم العلماء بتفسير البيانات من جهاز الرنين المغناطيسي الوظيفي، إنهم لا ينظرون إلى الدماغ الفعلي، بل ينظرون إلى صورة دماغ مقسمة إلى “فوكسلس” صغيرة – بلغة الكومبيوتر – ثم يتم تفسيرها باستخدام جهاز كومبيوتر، كما ورد في تقرير (ريتشارد شرغون ــ .(Richard Chirgwin
ويقول (Chirgwin) : “عندما تسمع إدعاء بأن العلماء يعرفون عندما تكون على وشك أن تحرك ذراعك، فأن هذه الصور تثبت ذلك”، أنهم يفسرون ما يقوله لهم البرنامج الإحصائي.
لاختبار مدى جودة هذا البرنامج، (إكلوند) وفريقه جمعوا بيانات الرنين المغناطيسي الوظيفي من 499 من الأشخاص الأصحاء، المستمدة من قواعد البيانات في جميع أنحاء العالم، ثم تم تقسيمها إلى مجموعات من 20، وقياسها ضد بعضها البعض للحصول على 3 ملايين من المقارنات العشوائية. اختبروا الحزم الثلاث الأكثر شعبية في برنامج لتحليل الرنين المغناطيسي الوظيفي – SPM ، FSL ، و AFNI – وعلى الرغم من أنه لا ينبغي أن تجد فرق كبير بين المجموعات، لكن البرنامج أنتج معدلات إيجابية كاذبة تصل إلى 70 في المئة. كما أشارت أيضًا إلى أن بعض النتائج كانت غير دقيقة. فإنها يمكن أن تشير إلى مناطق نشاط الدماغ حيث يكون هناك لا شيء!
وكتب الفريق في PNAS ” هذه النتائج تشكك في صحة بعض من 40,000 دراسة حول الرنين المغناطيسي الوظيفي، و يمكن أن يكون لها تأثير كبير على تفسير نتائج تصوير الأعصاب “.
الأخبار السيئة هنا هو أن واحد من الأخطاء التي حددها الفريق كانت في النظام على مدى السنوات ال 15 الماضية، وهو ما يفسر لماذا هذا العدد الكبير من الأوراق يمكن أن يتأثر الآن.
تم تصحيح الأخطاء في مايو 2015 ، في الوقت الذي بدأ فيه الباحثون بكتابة ورقتهم، ولكن حقيقة أنه بقى غير مكتشف لأكثر من عقد من الزمان، تُظهر كيف أن الأمر كان سهلًا لشيء مثل هذا أن يحدث، لأن الباحثين لم يكن لديهم طرق موثوقة للتحقق من صحة نتائج الرنين المغناطيسي الوظيفي.
منذ أن أصبحت آلات الرنين المغناطيسي الوظيفي متاحة في وقت مبكر من التسعينات، واجه علماء الأعصاب وعلماء النفس، مجموعة كبيرة من التحديات عندما يتعلق الأمر بالتحقق من صحة نتائجها.
كان استخدام هذه الآلات واحدة من أكبر العقبات من ناحية التكلفة – حوالي 600 $ أمريكي للساعة الواحدة – وهو ما يعني أن الدراسات اقتصرت على أحجام عينة صغيرة جدًا ، ويوجد عدد قليل جدًا من المنظمات لديها الأموال اللازمة لتكرار التجارب لمعرفة ما إذا كان يمكن تكرار النتائج.
المسألة الأخرى هي أنه نظرًا لأن البرنامج هو الشيء الذي يقوم بتفسير البيانات خلال مسح الرنين المغناطيسي الوظيفي، نتائجك تكون جيدة بقدر جودة جهاز الكمبيوتر الخاص بك، وكانت البرامج المستخدمة للتحقق من صحة النتائج بطيئة.
ولكن الخبر السار هو أننا قد قطعنا شوطًا طويلًا، وإكلوند يشير إلى أن نتائج الرنين المغناطيسي الوظيفي متاحة مجانًا على الانترنت الآن، من أجل الباحثين للاستخدام ، لذلك لا يتوجب عليهم الحفاظ على دفع ثمن وقت الرنين المغناطيسي الوظيفي لتسجيل نتائج جديدة.
لذلك كلما ذهبنا إلى الأمام، الأمور تبدو أكثر إيجابية، ولكن ماذا عن تلك الأوراق 40,000 التي يمكن أن تكون الآن موضع سؤال؟
كما وجدنا في العام الماضي أنه عندما حاول الباحثون تكرار نتائج 100 دراسة في علم النفس، أكثر من نصفهم فشل، نرى أدلة أكثر وأكثر أن العلم يمر قليلًا ب “أزمة تكرار” في الوقت الراهن، وأنه حان الوقت لمعالجته.
للأسف، أداء تجربة شخص آخر للمرة الثانية، والثالثة، أو الرابعة لا يكاد يكون مثيرًا مثل تجربتك الخاصة لأول مرة. ولكن مثل هذه الدراسة تُظهر لنا لماذا لم يعد بإمكاننا تجنب ذلك.
المصدر: إضغط هنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التدقيق اللغوي العربي: Mohammed Diab