بالرغم من أن المهمة استلزمت اعتماد أحدث الملاحظات وفريقين من علماء الفلك، لكن في النهاية استطاع العلماء اكتشاف نصف المادة الاعتيادية الكونية المفقودة.
نعتقد أن الكون مصنوع من المادة العادية” الباريونية “، المادة المظلمة، والطاقة المظلمة. لا نعرف ما هي المادة المظلمة أو الطاقة المظلمة، كما نجهل ما هي المادة العادية في الكون، لذا فإنه يبدو أننا نجهل 50% من الموضوع. منذ فترة طويلة كانت هناك شكوك في أن كل هذه البروتونات والنيوترونات والإلكترونات تتخلل الفضاء بين المجري. وفق دراستين جديدتين، فمن المحتمل جدًا أن يكون هذا الاشتباه في محله. (الرابط على موقع Arxiv هنا وهنا).
تشير أحدث الأبحاث إلى أن المادة المفقودة تقوم بربط المجرات بخيوط من الغاز الساخن. لكن كثافة هذه الخيوط منخفضة جدًا لدرجة عدم قدرة القمر الاصطناعي على ملاحظتها ومراقبتها مباشرة.
لحسن الحظ، يستطيع هذا الغاز الساخن أن يترك أثرًا لوجوده في الخلفية المكروية الكونية (Cosmic Microwave Background، CMB)، وهو أول ضوء أصدره الكون بعد الانفجار الأعظم. تصطدم الفوتونات منخفضة الطاقة في الخلفية المكروية الكونية بالإلكترونات ذات الطاقة العالية في خيوط الغاز سارقة منها بعضًا من طاقتها. تدعى هذه الظاهرة بتأثير (Sunyaev-Zel’dovich)، فيغير هذا التأثير ما تبدو عليه الخلفية المكروية الكونية (CMB ).
لكن حتى مع أفضل الملاحظات من الخلفية المكروية الكونية (CMB)، التي أجراها القمر الاصطناعي Planck التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، فهي غير كافية لمراقبة تأثير خيط فردي. لذا كان لزامًا على الفريقين أن يكونا بارعين. اختاروا أزواجًا من المجرات، وحددوا أين يمكن أن تظهر الخيوط المترابطة في خريطة الخلفية المكروية الكونية، ثم قاموا بتجميع الإشارات. وفي دراسة بقيادة (Hideki Tanimura) من معهد (the Institute of Space Astrophysics) في أورسيه بفرنسا، راقب الفريق أكثر من 260،000 زوجًا من المجرات، في حين أحصى فريق أخر بقيادة (Anna de Graaff ) من جامعة ادنبره أكثر من مليون زوج. وَوجد الفريقان أن المساحة بين المجرات هي أكثر كثافة مما كان متوقعًا. وجد فريق (Tanimura) أن كثافة الغاز بين المجرات هي أكثر بثلاث مرات من متوسط كثافة المادة العادية، في المقابل، وجد فريق (de Graaff) أن كثافة الغازات بلغت ست أضعاف.
صرّح (Tanimura) لـ (New Scientist) قائلًا :” نحن نتوقع بعض الاختلافات لأننا نراقب الخيوط من مسافات مختلفة .. أخذنا هذا العامل بعين الاعتبار، فالنتائج التي توصلنا إليها متسقة جدًا مع المجموعة الأخرى “.
” فمشكلة المادة الباريونية المفقودة تم حلها “.
سيساعدنا هذا الاكتشاف على تحسين عمليات المحاكاة وتحسين عمليات الرصد والمراقبة مستقبلًا.
المصدر: هنا
تدقيق : مزعاش أكرم