أحد أبرز العبارات التي اشتهر بها ألبرت أينشتاين (Albert Einstein) وقد قالها خلال مقابلة في عام 1929 هو: “الخيال هو أكثر أهمية من المعرفة”. 1929 وأوضح ذلك بإضافة: “المعرفة محدودة، أما الخيال فيحيط بالعالم، ويحفز التقدم، ويولد التطور”.
إذن ما هو الخيال؟
هو القدرة على بناء المشاهد والصور والأصوات، بدءا من أشياء موجودة أو غير موجودة، حية أو غير حية، أرضية أو غريبة، مادية أو حتى المفاهيمية. وعلى ما يبدو أنه من بين جميع المخلوقات على الأرض، فإن البشر وحدهم قادرون على الخيال.
كيف لنا أن نعرف ذلك؟
تُظهر عمليات مسح الدماغ للأشخاص أثناء تخيلهم للأشياء أن العملية تتضمن عدة أجزاء من الدماغ (الذاكرة والتحليل والوظائف العليا الأخرى). على سبيل المثال، هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 12 منطقة من الدماغ البشري لتخيل دوران شكل 3D. وحتى الآن، لم تظهر فحوصات الحيوانات في المواقف المختلفة شيئا من هذا.
نحن لا نعرف كذلك ما إذا كانت الحيوانات تحلم، على الرغم من أن بعضها يمر بمرحلة حركة العين السريعة للنوم التي يمر بها البشر، والتي يحدث خلالها الحلم. وعلى الرغم من أن الخيال قد يشبه الحلم، إلا أنه مدرك تماما ومتعمد (في الغالب)، في حين أن الحلم (في الغالب أيضا) ليس كذلك.
الآن عدنا إلى أينشتاين، لماذا سيكون الخيال أكثر أهمية من المعرفة؟ أليست المعرفة علامة نخبة مختارة، في حين أن الخيال مفتوح للجميع، من غير العاديين والعلماء على حد سواء؟
أولاً، الخيال مهم للغاية لأنه يرتبط غالبا بالإبداع. في الواقع، في نفس المقابلة التي أدلى فيها بالبيان الذي نقلت عنه أعلاه، قال أينشتاين: ” أنا فنان كفاية لأرسم بحرية في مخيلتي .الخيالُ أكثر أهمية من المعرفة ، المعرفة محدودة . الخيال يطوق العالم “.
وبالمثل، قالت ج. ك. رولينج (J.K. Rowling)، مؤلفة سلسلة هاري بوتر وغيرها من الروايات: “الخيال هو … القدرة البشرية الفريدة على تصور ما لا يمثل، وبالتالي، أساس كل الاختراع والابتكار.”
في الواقع، أظهر علم الأعصاب أن الخيال يحفز وظائف المخ المتعددة وبالتالي يعزز إبداع الفرد. أيضا، يخلق العديد من الروابط بين مناطق مختلفة من الدماغ، كما يساعد في الحفاظ على الوظائف العصبية، حيث أظهرت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين يحافظون على خيالهم ونشاطهم الإبداعي هم أقل عرضة بنسبة 73% لتطوير أنواع مشاكل الذاكرة التي تؤدي إلى الخرف في الحياة اللاحقة.
هذا ما له أهمية عملية في تعليم وتربية الأطفال. فالأطفال يحبون اللعب والتمثيل وعلينا تشجيعهم على الانغماس في هذه الأنشطة، كما أن الخيال والتمثيل ينشطان أدمغتهم بالكامل، وبالتالي تطوير وتحسين قدراتهم على حل المشكلات، بالإضافة إلى تعزيز التنمية العاطفية والاجتماعية، ولا سيما التعاطف.
الفائدة الثانية المهمة للخيال، خاصة بالنسبة للأطفال، هي مساعدتهم على تصور وتصوير تجارب الآخرين القاتمة (الجوع والخوف والظلم والبؤس، وما إلى ذلك) والتعاطف معهم. شددت رولينج على هذا الجانب من الخيال: “في قدرته التي يمكن النقاش حولها أكثر من التحولات والوحي، (الخيال) هي القوة التي تمكننا من التعاطف مع البشر الذين لم نتقاسم تجاربهم أبدا.” فالآباء والمعلمون يحتاجون إلى تشجيع الأطفال على استخدام خيالهم، من خلال لعب “ماذا لو” أو التصرف في مواقف تتطلب استخدام الخيال.
في مجال التعليم، الخيال له فوائد إضافية فهو على وجه الخصوص، يزيد الفضول من خلال دفع الأطفال لاستكشاف مختلف الاحتمالات التي قد تكون موجودة أو غير موجودة حاليا. على هذا المنوال، قال روبرت كينيدي (Robert Kennedy) ذات مرة: “بعض الرجال يرون الأشياء كما هي ويسألون لماذا أحلم بأشياء لم تكن أبداً وأسأل لماذا لا “.
أخيرا، الخيال جيد أيضا بالنسبة لنا كبالغين، حيث إنه يساعدنا في التخطيط للمستقبل، سواء في غضون بضعة أيام أو أسابيع أو حتى سنوات عديدة. فمن خلال استكشاف السيناريوهات الذهنية، نتصور عواقب كل منها، ونزنها، ونقرر أفضل مسار للعمل.
الصيف والإجازات هي أوقات من الاسترخاء واللعب والاستكشاف والاكتشاف. إنه الوقت المثالي لاستخدام خيال الفرد على أكمل وجه، خاصة مع الأطفال. يمكن للمعلمين أيضا استخدام وقت الفراغ للتخطيط لاستخدامات جيدة للخيال في تعليمهم. ويمكن لمحترفي الوسائط إنتاج مواد (مقاطع فيديو وألعاب وما إلى ذلك) لمساعدتنا على استخدام خيالنا وتعزيزه. يمكن أن تطوق العالم بالفعل.
تدقيق لغوي: زهير خساني
تصميم: رامي نزلي
Discussion about this post