أظهرت التّجارب السّريريّة أنّ السّيطرة على نسبة السكر في الدم المحكمة، يمكن أن تقلّل من خطر تطوير المضاعفات طويلة الأمد لمرض السّكري. ومع ذلك، فإن بعض الأفراد المصابين بهذا المرض المزمن قد يعتبرون الأنظمة الضّرورية مرهقة، ويجدون صعوبة في الالتزام بها؛ لهذا السبب فقد تم توجيه الجهود نحو إيجاد طرق بديلة للحقن، لإدارة الأنسولين. وقد بات الأنسولين عن طريق الفم حقيقة واقعة، واستخدامه صار مسألة وقت فقط، إذ أن إدراك أنّ حقن الأنسولين ستصبح جزءًا من الحياة اليومية يمكن أن يكون مروّعًا جدّا للعديد من مرضى السكري؛ الحَقْن يستغرق بعض الوقت، ويقطع الجداول اليومية، وهو غير مستساغ من قبل الكثير من الناس. وقد يجد الأطفال أو المراهقون الذين يحتاجون إلى حقن الأنسولين يوميًا، أن هذا النظام يؤثر على نمط حياتهم اليومي بدرجة كبيرة. إن استخدام الأنسولين كعلاج ليس أمراً جديدا على الإطلاق، غير أنّ طرق توصيله للجسم لم تكتسب شهرة واسعة النطاق لحد الآن. ومن الواضح أن الأولوية في توصيل الأنسولين للمريض هي التأكد من وصوله إلى مجرى الدم، ومن هنا ظهرت طرق بديلة لتوصيل الأنسولين.
•البيئة المعقدة داخل المعدة تجعل الأقراص البسيطة غير فعالة، والأحماض فيها تؤدّي إلى تفكيك الأنسولين الفموي قبل أن يصل إلى الكبد؛ مما يعني أنها ليست فعالة بوصولها إلى كبدك. علاوة على ذلك، فجسمك يعاني من مشكلة في امتصاص الأنسولين من الأمعاء؛ فالطبقة المخاطية في الأمعاء غليظة. وقد أظهرت الدراسات أن نسب منخفضة من الأنسولين فقط تمر عبر هذه البطانة لتصل إلى مجرى الدم. نتيجة لذلك، يعتقد بعض الباحثين أنّ هناك حاجة لجرعات كبيرة من الأنسولين لتكون فعالة في إدارة مرض السكري.ولكن الأنسولين مادة تعزز النمو، وكميات كبيرة منه يمكن أن تعزز نمو الخلايا السرطانية. ومع ذلك، لا يوجد رابط ثابت بين الأنسولين عن طريق الفم والسرطان. الأنسولين عن طريق الفم يحاكي حركة الأنسولين الطبيعي في الجسم بطريقة أقرب مقارنة بذلك الذي يتمّ حقنه. ونقله بسرعة أكبر إلى الكبد قد يساعد جسمك على امتصاص الجلوكوز واستخدامه بشكل أفضل. هذا يعني أنه قد يعمل بشكل أسرع. وقد يعني أيضًا انخفاض خطر زيادة الأنسولين في دمك، مما قد يؤدي إلى انخفاض خطر نقص السّكر لديك (انخفاض نسبة السكر في الدم). سيأتي الحل -وربما هو في الطريق الآن- عندما تقوم شركة أبحاث صيدلانية بإنشاء قرص مغلف، يمكن فيه وضع الأنسولين في مكانه ويمر عبر جدار المعدة بسهولة.
• يعتبر الأنف والفم والرئتان ثلاثة مجالات مستهدفة رئيسية واضحة في تطوير أنظمة توصيل الأنسولين البديلة حيث:
1) مشاكل تسليم الأنف: يسبب تسليم الأنف في مجرى الهواء العلوي مشاكل حادة، في المقام الأول، إنّ نظام النقل معقد للغاية، وسيحتاج إلى كميات هائلة ومكلفة من الأنسولين للوصول إلى المنطقة المستهدفة.
2 )تسليم الأنسولين عن طريق الرئتين هو مجال واعد، إذ يُمكّنك من امتصاص الأنسولين مباشرة في مجرى الدم من خلال جدران الرئة الرقيقة. هذا ما يجعل رذاذ الأنسولين الفموي قويّ التحمل بشكل عام؛ ومع ذلك، فأثناء تلقي الرذاذ (كل من الأنسولين وهمي)، اشتكى بعض الأشخاص من الدّوخة الخفيفة إلى المعتدلة (1-2 دقائق). ولم يُلاحَظ أي تغييرات في العلامات الحيوية، والنتائج المادية، أو القيم المخبرية خلال الدراسة.
3) الأنسولين عن طريق الفم: من الصعب للغاية إنشاء أنسولين فموي فعال بسبب سمك جدار المعدة.
• أبحاث الأنسولين الفموي: هذه ليست بأي حال عقبة مستحيلة، ولكنّها مكلفة ومعقدة للغاية. وتهتم العديد من الشركات في جميع أنحاء العالم فقط بإنشاء آليات فعالة لتوصيل الأنسولين عن طريق الفم، والعديد من شركات الأدوية الكبرى في مرحلة البحث والتطوير، وقد تم تطوير كل من أقراص الأنسولين وأجهزة الاستنشاق بالأنسولين، لكل منها مستوى فعاليتها، لكنّ أجهزة استنشاق الأنسولين لا تزال بعيدة عن الكمال، ومن المعتقد أنه يمكن تطوير الأنسولين عن طريق الفم والذي سيتم امتصاصه من خلال وسائل الشدق (من خلال جدران الخدين)، بهذه الطريقة يمكن أن نرى الأنسولين يصل إلى مجرى الدم.
• اختبار الأنسولين عن طريق الفم على الحيوانات: أسفرت البيانات التي تم الحصول عليها من خلال اختبار الأنسولين عن طريق الفم على الحيوانات، عن بعض النتائج الإيجابية. وقد أصدرت Diabetes Care في عام 2003 تقارير عن دراسة صغيرة، بدا أنها وجدت أن الأنسولين الفموي فعال مثل الأنسولين عن طريق الحقن لمرضى السكري من النوع 2. ومن الواضح أن شركات الأدوية مهتمة بإمكانيات الأنسولين الفموي في الحصول على حصة ضخمة من السوق، وبالتالي فإن الاستثمار في الأبحاث كبير ومستمر
المراجع:
1) Clinical Therapeutics/Volume 27 , Nuvember 10, 2005
2) https://www.diabetes.co.uk/
تدقيق لغوي: سلمى بوقرعة
تصميم: رامي نزلي