إن عامًا من التمدرس يكسب الطلاب معرفة جديدة، ويحسن، ولو بدرجة صغيرة لكن ملحوظة، من معدل ذكائهم، وفقا لتحليل تلوي منهجي منشور في Psychological Science، وهي مجلة تابعة لرابطة العلوم النفسية the Association for Psychological Science.
يقول عالم الأمراض النفسية ستيوارت جيه ريتشي من جامعة أدنبره: “تحليلاتنا تقدم أقوى دليل حتى الآن على أن التعليم يرفع درجات اختبار الذكاء”. ويضيف: ” قمنا بفحص 42 مجموعة بيانات، باستخدام العديد من التصاميم البحثية المختلفة، وبذلك وجدنا أن إضافة عام دراسي عموما ساهم في تحسين درجات معدل ذكاء الناس بما يتراوح بين 1 و 5 نقاط”.
وما فتئت الأبحاث تظهر منذ فترة طويلة أن سنوات التعليم والذكاء مرتبطة ببعضها البعض ولكن لم يتضح ما إذا كان ذلك بسبب أن التعليم يعزز الذكاء أو لأن الأفراد الذين يبدؤون مسيرتهم الدراسية بدرجات أعلى في معدل الذكاء من المرجح أن يظلوا في المدرسة لفترة أطول.
حاليا، تم نشر العديد من الدراسات الفردية حول هذا الموضوع، ووجد ريتشي والمؤلف المشارك إليوت تاكر- دروب من جامعة تكساس في أوستن فرصة لتوضيح طبيعة العلاقة بين التعليم والذكاء.
ويوضح ريتشي: “لقد شعرنا أن الوقت قد حان لإجراء تحليل تلوي. يجمع بين جميع الدراسات السابقة للتوصل إلى نتيجة شاملة لمدى تعزيز التعليم للذكاء”.
تناول الباحثون في ثلاثة أنواع من الدراسات شبه التجريبية من مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك المقالات المنشورة، والكتب، والمقالات (قبل النشر)، وأوراق العمل، والرسائل العلمية، والأطروحات.
يشمل النوع الأول من الدراسة البيانات التي تم جمعها من الأفراد على مدى فترة من الزمن، بما في ذلك قياسات الذكاء التي تم الحصول عليها قبل وبعد الإنتهاء من تعليم الأفراد. وهذا يسمح للباحثين بالتأقلم مع مستوى الذكاء المسبق للمشاركين عند دراسة العلاقة بين سنوات الدراسة وذكاءئهم لاحقا.
يستفيد النوع الثاني من الدراسة من “التجارب الطبيعية” في شكل تغييرات في السياسة تؤدي إلى بقاء الأفراد في المدرسة لفترات زمنية مختلفة. في إحدى الدراسات، على سبيل المثال، قام الباحثون بفحص بيانات من ستينيات القرن الماضي عندما قامت النرويج بالتدريج بسياسة جديدة زادت من متطلبات التعليم الأساسي لمدة عامين، واختبار ما إذا كانت درجات معدل الذكاء أعلى بالنسبة للطلاب الذين حصلوا على المزيد من التعليم الإلزامي.
في النوع الثالث من الدراسة، يستخدم الباحثون السن الأقصى للقبول بالمدارس لمقارنة الأطفال من نفس العمر ولكنهم يتمتعون بمستويات مختلفة من التعليم بسبب تواريخ ميلادهم المحددة.
لإدراجها في التحليل التلوي، كان على كل مجموعة بيانات توفير درجات معرفية مستمدة من القياس الموضوعي للمشاركين الذين كانوا يبلغون من العمر 6 أعوام أو أكثر ويتمتعون بقدرات معرفية سليمة. وقد نتج عن ذلك 42 مجموعة بيانات من 28 دراسة تم جمعها من إجمالي 615،812 فردًا.
في كل واحد من ثلاثة أنواع من الدراسات، وجد الباحثون أن سنة إضافية من التعليم ارتبطت بزيادة في معدل الذكاء تراوحت بين 1.197 نقطة من نقاط الذكاء إلى 5.229 نقطة. أشارت الدراسات مجتمعة إلى أن سنة إضافية من التعليم ترتبط بمتوسط زيادة قدره 3.394 نقطة الذكاء.
تقول ريتشي: “كان الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو مدى تأثير هذه الآثار على المدى الطويل، حتى بالنسبة للأشخاص الذين أكملوا اختبارات الذكاء في السبعينيات والثمانينيات من عمرهم”. “يبدو أن هناك شيئًا ما حول هذا الدعم التعليمي كان مفيدًا طوال فترة العمر.”
ويشير الباحثون أن كل نوع من أنواع الدراسة لديه نقاط قوة وضعف، وتثير النتائج العديد من الأسئلة الجديدة التي سيتعين على البحوث المستقبلية معالجتها. على سبيل المثال، هل تجعل السنة الإضافية من الدراسة الطلاب أفضل في الاختبارات أم أنها تنتج تغيرًا عصبيًا حيويا؟ ما هي الأجزاء المحددة من التجربة التعليمية الأكثر مسؤولية عن التغيير؟ وما هي حدود تأثير التعليم؟
وخلص الباحثون إلى أن “الخطوة الحاسمة التالية هي الكشف عن آليات هذه الآثار التعليمية على الذكاء من أجل إعلام السياسات والممارسات التعليمية”.
تدقيق لغوي: بن طبة فاطمة الزهراء
المصادر:
Stuart J. Ritchie, Elliot M. Tucker-Drob. How Much Does Education Improve Intelligence? A Meta-Analysis. Psychological Science, 2018; 095679761877425 DOI: 10.1177/0956797618774253
Association for Psychological Science. (2018, June 21). One year of school comes with an IQ bump, meta-analysis shows. ScienceDaily. Retrieved July 20, 2018 from www.sciencedaily.com/releases/2018/06/180621112004.htm