لا يستطيع كثير منا أن يبدأ يومه بدون رشفة من الكافيين، إلا أن مختلف المشروبات التي تحتوي على الكافيين تؤثر على صحتك بطرق مختلفة، فبينما أظهرت دراسة جديدة أن للقهوة علاقة برفع أمد الحياة، وُجد أنّ الكثير من المشروبات المنشطة تحتوي بشكل غير متوقع على مستويات عالية من السكريات.
يعتبر الكافيين منشطا مع آثار سلبية وإيجابية. حيث ينجح في جعلنا متنبهين أكثر، مستيقظين ومركزين، إلا أنّ الإفراط فيه قد يؤدي إلى نتائج عكسية. كما أنه يؤثر على عدد من العمليات الوظيفية في أجسادنا، من ضمنها عملية الهضم، عملية الأيض (التمثيل الغذائي) والرؤية.
1- الكافيين: مخدر ذو تأثير نفسي الأكثر استعمالا في العالم
لا يُقال هذا غالبا عن الكافيين، لكنّه، في حقيقة الأمر، يعتبر مركبا مخدرا، بل هو المخدر ذو التأثير النفسي الأكثر استعمالا في العالم. إذ يمكن أن تكون له تأثيرات نفسانية، حيث يغير الطريقة التي نشعر ونتعامل بها مع العالم حولنا. ومع ذلك فكر في الأمر: كم منا لا يستطيع أن يقضي يومًا واحدا بدونه.
افترض عالم الأعصاب « تشارلز تشيسلر – Charles Czeisler » من جامعة هارفارد، أن الكافيين، بالاشتراك مع الكهرباء، يسمح للإنسان أن يتجنب أنماطًا من النوم والاستيقاظ، كما يحررهم من الدورة الشمسية. هذا التغيير –وحسب ما كتب في « مجلة ناشيونال جيوغرافيك » – ساعد في “التحول العظيم في مسعى الاقتصاد الانساني من المزرعة إلى المصنع”.
2- يجعلنا أكثر نشاطا لبعض الوقت:
تقوم أدمغتنا بإنتاج كمية كبيرة من مركب يدعى « الأدينوزين – adenosine » عند الاستيقاظ، وتبدأ هذه الكمية بالتناقص إلى أن ننام، ويظن العلماء أن هذا هو ما يساعدنا على النوم ليلًا. لذلك فمن الطبيعيّ أن نشعر بالتعب مع مرُور اليوم. إلا أن الكافيين “يخطف” هذا المنهج الطبيعي بمحاكاة الأدينوزين في الدماغ. فهو يستولي على المستقبلات الخاصة بالأدينوزين ليبعدها عن الساحة. كنتيجة لذلك، سنشعر أكثر تنبها واستيقاظا بعد تناول جرعة منه.
لكن، وكردّ فعلٍ، ينتبه الأدينوزين لفعل الكافيين وينتج مستقبلات جديدة للمركب المسبّب للنوم ليبدأ بالاستيلاء عليها مجددا.
لذلك، يستطيع كوب قهوتك في الصباح أن يصير كوبين، لأنه كلما زاد عدد المستقبلات لديك، أصبحت الحاجة أكبر لمزيد من الكافيين.
3- يعزز من مزاجنا:
كمنبه للنظام العصبي المركزي، لا يقوم الكافيين بتعزيز انتباهك فحسب، بل إن بإمكانه أن يحسّن مزاجك أيضًا.
هذا يعود إلى نفس تأثير إعاقة الأدينوزين الذي يجعلك تشعر بالتنبيه. فبإعاقة تأثير الأدينوزين المريح، يسمح الكافيين لكل من « الدوبامين – dopamine » و« الغلوتامين – glutamine »، -وهي منبهات طبيعية أخرى ينتجها الدماغ-، بالخروج عن السيطرة، مما يجعلك أكثر تنبها، أقل شعورا بالملل ويوفر لك تعزيزا أكبر للمزاج.
ومن المثير للاهتمام، ما وجدته عدد من الدراسات كعلاقة بين استهلاك الكافيين وانخفاض خطر الإصابة بالكآبة – خصيصا إذا استهلك بشكل قهوة. كما اقترحت هذه البحوث قدرة الكافيين على خفض خطر الانتحار، على الأقل بالنسبة للرجال. غير أن واحدة من هذه الدراسات عثرت على هذه العلاقة مع القهوة فقط وليس مع الشاي، بينما وجدت دراسات أخرى نفس التأثير مع الشاي أيضا.
4- ويرفع أيضًا من مستويات الأدرينالين لدينا، مما يجعلنا منفعلين :
يسبب الكافيين إثارة لخلايا دماغنا، التي ترسل بدورها إلى مركز التحكم في هرموناتنا: « الغدة النخامية – Pituitary gland » أنّ هناك حالة استعجالية. ثم تنتقل هذه الرسالة إلى الغدد الكظرية (الواقعة فوق الكليتين) لتغمر الجسم بالأدرنالين.
يقف هذا الهرمون خلف استجابة “الكر والفر”، فهو يحثنا إما على البقاء ومواجهة التهديد أو على الفرار. في هذه الحالة المثيرة، نميل إلى الشعور بالانفعال، بالقلق ونصير مشحونين عاطفيا.
بينما يمكن لهذا أن يكون مساعدا لآليات الفرار والدفاع، إلا أن هذا الهرمون العدواني ليس مفيدا في بعض الحالات الحساسة كالتفاوضات، الاجتماعات أو حتى الإجابة على الرسائل.
5- يحسّن من ذاكرتنا:
أظهرت بعض الدراسات قدرة الكافيين على تحسين بعض أنواع الذاكرة، خاصة تلك المتعلقة بتذكر قائمة من الكلمات والمعلومات الصريحة؛ كما تبين في بعض البحوث أنه يساعد تلك الذكريات على “الالتصاق” في الدماغ أيضا، ما يجعل المعلومة سهلة التذكر في وقت لاحق. ومع ذلك، يبدو أن فعل التعزيز القوي هذا يقتصر فقط على الأشخاص الذين لم يدمنوا الكافيين قبل إجراء التجارب.
بالإضافة إلى هذا، أشارت دراسة حديثة أيضا إلى أن الأشخاص المنفتحين يحصلون على تعزيز للذاكرة العاملة أكثر من الانطوائيين، مما قد يشرح بشكل فعال بعض الاختلافات في نتائج الدراسة، وقد كتب « ستيفن براون – Stephen Braun »، في كتابه « Buzz: The Science and Lore of Alcohol and Caffeine » يشرح أن رد فعل الفرد نحو الكافيين يختلف اختلافا هائلا، بينما يمكن لشخص أن ينمو في مستوى عال من الكافيين، سيصبح الآخر عاجزا عن فعل أي شيء.
6- الكافيين بإمكانه زيادة نسبة انتباهنا:
إحدى الأسباب الشائعة التي تجعل الأشخاص يطلبون القهوة أو الشاي المحتوي على الكافيين، هي الحصول على بعض الانتباه عند القيام بمهمة ما، ولا عجب في كون أحد تأثيرات الكافيين الواضحة على العقل هو تعزيز القدرة على الانتباه، خاصة للشخص المتعب.
حيث أظهرت بعض الأبحاث أن السائقين التجاريين اللذين يغطون مسافات طويلة أقل عرضة للحوادث إذا ما استهلكوا الكافيين بأي شكل، قهوة، شاي، أقراص أو مشروبات طاقة.
إلا أنّ معظم الأشخاص يعلمون بخصوص نوبات التوتر التي قد تصاحب استهلاك الكافيين، وأنه قد يصبح من الصعب التركيز على أي شيء بعد استهلاك الكثير منه.
7- بعض فوائد الكافيين ليست إلا آثارا جانبية للإدمان عليه :
تقترح بعض البحوث أن فوائد الكافيين المحسوسة ليست فوائد على الإطلاق. وبالنسبة لها، فإن كل الآثار الإيجابية للكافيين، من تحسين للمزاج إلى تعزيز الذاكرة والانتباه، ليست إلا نتيجة جرعة مؤقتة من الكافيين تعكس آثارًا بعيدة المدى للتخلي عن المخدر.
بعبارة أخرى، حين يتوقف الشخص المدمن على القهوة عن شربها يجعله هذا متعبا وأقل انتباها. وإذا بدأ بشربها من جديد، يمكن لأدائه أن يتحسّن فقط لأن الدماغ والجسد أصبحا بالفعل مدمنين على الكافيين.
8- يمكن له أن ينقص من شهيتك للحظات قصيرة:
يمكن لكأس من القهوة أن ينقص من شهيتك لفترة قصيرة، لكن لا داعي لأن تتخذه عادة من أجل تخفيض وزنك، فلا يوجد دليل كافٍ على أنه يستطيع فعل ذلك.
فمعظم الدراسات التي تهتم بآثار الكافيين على الشهية كانت محدودة ولم يتم إجراؤها إلا على الحيوانات فقط، مما يجعل الجزم بنتيجة إيجابية على الأشخاص بشكل أعمّ أمرا صعبًا.
9- الكافيين يساعد بعض الأدوية على رفع فعاليتها:
إذا كنت قد عانيت من قبل من صداع نصفي، فلا شك أنك استعملت دواء « الإكسيردين – Excedrin » يُسّوق دون وصفة طبية لهذه الأنواع النادرة من الصداعات الحادة. فبالإضافة إلى المركبات التقليدية لتخفيف الصداع كـ « الإيبوبروفين – Ibuprofen » و« الأسيتامينوفين – Acetaminophen »، يحتوي الإكسبردين أيضًا على الكافيين.
لماذا؟
في الواقع، هُناك بعض الأدلة التي تُظهر على أن الكافيين يساعد بعض الأدوية المخففة للآلام، مثل الأسيتامينوفين (المركب الفعال الرئيسي في “تيلينول”) والأسبيرين لتصبح فعالة بشكل أسرع ولوقت أطول.
10- الكافيين: من أفضل معززات الأداء الرياضي:
يعتبر الكافيين أيضًا أحد أكثر المخدرات المعززة المستعملة عند الرياضيين.
“إذا استطعت تحمله، فيبدو بأنه أفضل ما يمكن لك تناوله لتحسين أدائك الرياضي”، هذا ما صرّح به الطبيب النفسي الخاص بالتمارين الدكتور « ماثيو جانيو – Matthew Ganio » لموقع «The Atlantic »
فإذا أخذت الجرعات بشكل صحيح ( حيث تكون الجرعة كافيةً لتنشيط مدمن الكافيين )، يمكنه إكساب الرياضي تحسنا ملحوظا في الأداء، طالما أنه لا يستعمله كثيرا في حياته اليومية.
11- الكافيين يبقى في أجسادنا لمدة طويلة:
هل تساءلت يوما إن كان كوب القهوة المتأخر ذاك (أو اسبريسو المساء) سيبقيك مستيقظا طوال الليل؟
في الواقع، يستغرق الأمر حوالي 5 أو 6 ساعات قبل أن يتلاشى نصف الكافيين الذي هضمته، إذن فكوبٌ من القهوة على الساعة الرابعة مساءً بإمكانه تركك تشعر بنصف آثاره إلى غاية العاشرة مساء. فيبدو أنه عليك أن تخطّط لأعمالك وفقا لذلك.
12- الكافيين قد يسبب لك حروقًا في المعدة:
بينما يجعلك كوب القهوة الدافئ أكثر هُدوءًا، حين تكون متعبا أو حين تشعر بالبرد، فإن الكافيين قد يرفع من معدل الحموضة في معدتك. مما قد يؤدي بك إلى حرقة في المعدة، وقد يتعقد الأمر أكثر إن كنت تعاني من قرحة المعدة مسبّقا.
13- الاستهلاك المنتظم للقهوة يعِدُ بأمد حياة أطول:
أظهرت دراستان حديثتان رائدتان أمرًا مثيرًا: الأشخاص الذين يشربون الكثير من القهوة يصبحون أقل عرضة للموت المبكر.
وقد اقترح الباحثون الذين حللوا صحّة والأنظمة الغذائية لمئات الآلاف من الأفراد أن الأشخاص الذين يشربون القهوة بكثرة أقل عرضة للموت بسبب بعض الأمراض المزمنة كأمراض القلب، السرطان، السكري.
والمدهش أكثر، هو أن القهوة منزوعة الكافيين توفر الكثير من هذه الفوائد الصحية، لهذا إن كنت تبحث عن التقليل من الكافيين، فلن يكون عليك أن تتخلى عن كوب قهوتك الصباحي.
المصدر: هنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغويّ: Amira Bousdjira
تعديل الصورة: Banan Shanou