يبدو أن « إيلون ماسك – Elon Musk » يريدنا فعلا أن نذهب بصحبته إلى المريخ، إذ أنه أصدر ورقة بحث في مجلة « نيو سبايس – New Space » يوضح فيها كيفية الوصول إلى ذلك.
“من أجل جعل الرحلة أكثر جاذبية […] يجب علينا جعلها أكثر متعة وإثارة – لا يمكن أن تكون الرحلة مملة أو أن يشعر الركاب بالضيق” يكتب موسك. “لذلك، سيتم تجهيز مقصورة الطاقم أو مقصورة الركاب بحيث يمكن القيام بألعاب انعدام الجاذبية، سوف تكون هناك أفلام، قاعات محاضرات، حجرات، إضافة إلى مطعم. سوف يكون من الممتع حقا الانضمام إلى الرّحلة”.
لقد استعلمنا أولا عن خطة إيلون ماسك لإرسال الناس إلى المريخ، واستعماره في نهاية المطاف وذلك في سبتمبر 2016، والآن هو يقوم بكتابة بعض تلك الأفكار. صحيح أن الكثير منها يمكن أن يعتبر بعيد المنال، إلا أنه هناك بعض العلوم التطبيقية المثيرة والقابلة للتحقيق من خلالها.
“سوف ينشطر مصير البشرية إلى اتجاهين،” يبدأ إيلون حديثه: ” أول اتجاه هو البقاء على الأرض إلى الأبد، مع مواجهة احتمالية الانقراض في نهاية المطاف.” ويضيف ” وهناك البديل الآخر، في أن نصبح جنسا مستوطنا للفضاء ممتدا عبر الكواكب، وهو الطريق الذي أتمنى أن تشاطروني الرأي على أنه الخيار الصحيح لنا جميعا.”
كيف يريد إيلون تحقيق ذلك؟
في الواقع، سوف يقوم باستعمال « نظامٍ للنقل بين الكواكب -Interplanetary Transport System (ITS) »، والذي يتألف من صاروخ يمكن إعادة استخدامه – وهو أكبر مركبة تم بناؤها على الإطلاق – وسيارة مكوكية.
ويصوره موسك على أنه قادر على نقل الأشخاص في رحلات منتظمة إلى المريخ. وفي غضون قرن من الزمن،يودّ أن يصل الرّقم إلى مليون شخص على سطح المريخ.
وعلى أن مسألة حدوث ذلك من عدمه لا تزال في طور المناظرة، إلا أن الرحلة نحو تحقيق هذا الهدف تبدو نوعا ما ممكنة، إذ تَأمَل « سباس اكس – SpaceX » إرسال بعثات غير مأهولة إلى المريخ في أوائل عام 2020 وبعض البعثات المأهولة لإكمال الخطة بعد ذلك.
يقول إيلون إن العائق الرئيسي أمام وصول الناس إلى المريخ هو التكلفة: “لا يمكنك إنشاء حضارة ذاتية الاكتفاء إذا كان سعر التذكرة الواحدة 10 مليار دولار للشخص الواحد”، ويضيف: “أعتقد أنه إذا استطعنا تخفيض تكلفة الانتقال إلى ما يعادل تقريبا سعر منزل متوسط في الولايات الأمريكية المتحدة؛ والذي يبلغ حوالي 200.000 دولار، فستصبح احتمالية إقامة حضارة ذاتية الاكتفاء على سطح كوكب المريخ مرتفعة وممكنة جدا. ”
إن جعل هذا ممكنا يستلزم الخروج بأفكار جديدة وثورية، مثل جعل مركبات الإطلاق قابلة لإعادة الاستعمال؛ و هو ما تقوم به شركة سبايس اكس مع مركبتها « فالكون 9 – falcon 9 »، كما يستلزم إيجاد أفكار مبتكرة لدفع المكوك إلى المريخ؛ ربما باستعمال غاز ثنائي أكسيد الكربون لإنتاج الميثان والأكسجين.
وتعتبر سفينة النقل نفسها، على الأرجح، الجزء الأكثر إثارة للجدل من خطة موسك. إذ أنه يريد أن تكون السيارة قابلة لإعادة الاستخدام لأكثر من 1000مرة، مع أكثر من 100 شخص على متنها. كما أنه لا يريد أن يكتفي بواحدة فقط .
إذ يقول: “سيكون لدينا في نهاية المطاف ما قد يصل إلى 1000 أو أكثر من سفن الفضاء تنتظر في المدار، ومن ثم سيتم النزول بشكل جماعي”.
من الواضح أن على السفن أن تكون كبيرة، لنقل ما يكفي من الناس والبضائع إلى المريخ. ففي نهاية المطاف لن يكون إيصال مليون إنسان إلى المريخ بالأمر الجلل، إذا افترضنا أننا سنزور المريخ كل عامين عندما يصطف كل من الأرض و المريخ معا، لتسهيل الإنتقال فيما بينهما ( حيث يقترح نظام سفر إيلون ماسك مدةً لا تتعدى 80 يوما )، ستحتاج لـ 10.000 رحلة تحمل كل واحدة 100 شخص – و قد تصل إلى 200 شخص في الرحلة الواحدة .
يصرح إيلان : ” سيستغرق جعل مستعمرة المريخ مستعمرة مكتفية ذاتيا وقتا طويلا؛ من 40 إلى 100 سنة”.
سيتم صنع الصاروخ العملاق من ألياف الكربون المتطور، ليتمكن من تخفيض ثقل السفينة الإجمالي ولكي يحافظ على متانتها و قوتها، كما ستكون قادرة، في نهاية المطاف، على رفع حوالي 500 طن متري (550 طنا أمريكيا) في الوضع المعلق (حين لا يتم استرداد الصاروخ)، و270 – 300 طن في وضع إعادة الاستخدام.
ومن باب المقارنة، تمكنت سفينة « ساتورن V – The Saturn V »، وهي أكبر صاروخ تم إطلاقه إلى الآن، من رفع 140 طنا (155 طنا).
يعترف إيلون بأنه كان “غامضا عن قصد” بخصوص الوقت الذي سيحدث فيه هذا كله. كما يعتزم، في غضون أربع سنوات قادمة، استكمال أول “سفينة فضاء مكتملة”؛ وبعد عشر سنوات، وإذا سارت الأمور “بشكل جيد جدا”، يمكن أن يبدأ في إرسال أولى البعثات الاستعمارية إلى المريخ.
ويضيف: “هناك فرصة كبيرة أننا لن ننجح، ولكننا سنبذل قصارى جهدنا ونحاول تحقيق أكبر قدر ممكن من التقدم”.
في الواقع، ليس المريخ هو المعني بالزيارة البشرية فقط، إذ أن لدى إيلون خططا أخرى لإرسال الناس إلى أقمار المشتري « يوروبا – Europa » و« إنسيلادوس – Enceladus »، أو قمر زحل « تيتان – Titan »، أو حتى بلوتو.
” يمكن أن تسافر إلى « حزام كويبر – the Kuiper Belt »، إلى « سحابة أورت – the Oort cloud »، يكتب إيلون ماسك. و يضيف ” قد لا أوصي بذلك كرحلات بين النجوم، ولكن هذا النظام الأساسي الذي أقترحه سيوفر محطات تعبئة على طول الطريق، مما يسمح بالوصول إلى النظام الشمسي بأكمله”.
هل ستملك البشريّة الشجاعة الكافية للإقدام نحو هذه الخطوة؟
المصدر : هنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغويّ: Amira Bousdjira
تعديل الصورة: Banan Shanou