إحدى الأشياء التي تزعجنا عندما نتحدث مع الأصدقاء، أن نكتشف أنهم قادرين على التحدث الكثير من اللغات بطلاقة. ثم نسأل أنفسنا ما الذي يجعلهم جيدين في تعلم اللغات؟ هذا ليس عادلا!. الآن يمكننا أن نستنتج أن لديهم بعض المميزات الخفية لتعلم اللغات، التي ليست لدينا.
كيف يتعلم المخ اللغات الجديدة؟
قد أظهرت دراسة حديثة، أن عندما يجد الناس صعوبة في تعلم اللغة الجديدة، تسطيع أدمغتنا بطريقة غريبة، تقليل مقدرتنا على اكتساب المهارات اللغوية اللازمة، هذا يعني أن الاختلافات الجوهرية تكمن في مقدرة أجزاء المخ المختلفة على التواصل بشكل فعال. وهذا يوجد لدى بعض الناس، وهذا الذي يجعل اكتساب اللغات الجديدة سهلًا بالنسبة للبعض.
العلماء الآن قادرون على فحص المخ، لمعرفة مدى قدرة المخ لتعلم اللغات الجديدة. ويتضح الآن بشكل مباشر أن مقدرة أجزاء المخ على التواصل مع الأجزاء الخاصة باللغة، تزيد عندما نكون في وضع الراحة؛ لذلك جزء كبير من عملية تعلمنا، تقع عندما نكون في وضع الراحة، وليس مفاجئًا أن النوم مهم للصحة وللتعلم.
أجريت دراسة على 15 شاب بالغًا متحدثين اللغة الإنجليزية، ويتعلمون كورس للغة الفرنسية بشكل مكثف لمدة 12 أسبوعًا. وقبل نهاية الكورس فحص أدمغة الشباب، والقدرات اللغوية لهم. وقد أظهرت الدراسة أن التواصل الفعال بين أجزاء المخ يجعل اكتساب اللغات الجديدة أسهل.
علاقة نماذج نَظْمُ الدماغ بالقدرة على تعلم لغة أجنبية
بالإضافة إلى “أسلاك التوصيل” المتأصلة في الدماغ، مؤخرًا وفي دراسة منفصلة، اتضح أن نماذج تواتر دماغ البالغين، يمكن أن تكون مؤشرًا جيدًا لمعرفة مدى القدرة على تعلم لغة جديدة – شريطة أن يقاس نشاط الدماغ وهو في حالة راحة – حيث لا يستغرق هذا سوى خمس دقائق. بَيّن العلماء في هذه الدراسة أن تحليل تواتر الدماغ في حالة الراحة، يمثل 60٪ من خصائص تباين التأثير على قدرة البالغين على اكتساب لغة ثانية. وبلغ عدد المشاركين في هذه الدراسة 19 متطوع بالغ، تتراوح أعمارهم بين 18-31 سنة، ممن ليس لديهم أي خبرة سابقة في تعلم اللغة الفرنسية. جلس المتطوعين لمدة خمس دقائق مغمضي العينين. وخلال هذه الفترة الزمنية، زُودوا بسماعة رأس مجهزة بالتخطيط الدماغي (الكهربائي)، والتي تقوم بدورها بتسجيل قياسات أنماط نشاط المخ.
أجريت الدراسة على مدى ثمانية أسابيع، حيث يذهب المتطوعون مرتين في الأسبوع إلى المختبر لأخذ دروس في اللغة الفرنسية، لمدة 30 دقيقة للدرس الواحد. وبتمويل من مكتب الولايات المتحدة للبحوث البحرية أديرت هذه الدروس باستعمال الكمبيوتر، مستخدمين برنامج الواقع الافتراضي. ويطلق على هذا برنامج اللغة التشغيلية ونظام التدريب الثقافي، حيث يسعى إلى تمكين أفراد الجيش، لاكتساب كفاءة بدائية في لغة جديدة لمدة 20ساعة تدريب فقط. والجدير بالذكر أن هذا البرنامج يوفر سلسلة من قصص، ومشاهد لتسهيل التعلم. كما أدرج عنصر الأصوات أيضًا لتسهيل عملية التحقق من سلامة النطق.
بالإضافة إلى ذلك، أدرج العلماء مسابقات للانتقال إلى درس إلى آخر. لضمان يقظة المستخدمين خلال تلقي الدروس، وكشف سرعة كل مستخدم من خلال المنهج المقدم.
وبعد الانتهاء من هذا النظام والتدريب، اجتاز المتطوعون اختبار لتقييم كفاءتهم في اللغة الجديدة. على الرغم من أن أسرع مشارك تعلم ضعفين ما تعلمه أبطا مشارك، إلا أن هذا الأخير بدوره اكتسب أيضًا كفاءة اللغة، حيث أظهرت تسجيلات التخطيط الدماغي أن نماذج نشاط الدماغ المحددة، المتعلقة بالعمليات المتعلقة باللغة، كان أعلى ارتباط لقدرة المتطوعين لالتقاط لغة جديدة، مشيرًا إلى أن هذه النماذج يمكن أن توري بعض الفوائد الكامنة لهؤلاء لأشخاص.
هل “مزايا الدماغ” المحدد الوحيد لتعلم لغة ما ؟
في ضوء النتائج الموضحة في هذا المقال، من المهم أن نلاحظ أن الأسلاك في الدماغ، لا تحدد بشكل لا لبس فيه قدرة الشخص على تعلم لغة جديدة، لأن هناك عوامل أخرى تلعب أدوارًا مهمة في عملية التعلم، ويجب أن تؤخذ في الاعتبار أيضًا، منها الفطرية، وكذلك البيئية، ودافع الفرد للتعلم …إلخ. وهذا لا يعني أن لا يحاول الناس تعلم لغة ثانية من دون “مزايا” نموذج الدماغ. كما أن هذا الأخير يمثل 60٪ فقط من التباين في اكتساب اللغة.
تكيفية الدماغ تعني أن مختلف محفزات التعلم، والخبرات يمكن أن تحدد تطور الدماغ. كما أن هذه الدراسات والأفكار الرئيسية في كيفية تعلم لغة جديدة، يمكنها أن تؤثر في الفروق المحددة للفرد. تحقيقًا لهذه الغاية، فإنه من الطبيعي أن الهدف على المدى الطويل، سيكون لتطوير مناهج أكثر استهدافًا للأفراد لتسهيل اكتساب لغتهم.
وعلاوة على ذلك، فان نشاط الدماغ في حالة الراحة يمكن تعديله باستخدام نوع من التدريب يطلق عليها اسم (neurofeedback training)، والتي يجري العمل عليه حاليًا. حيث يتيح نظام البرنامج للمستخدمين تعزيز نماذج الدماغ المتعلقة بتعزيز الإدراك؛ من أجل تحسين أدائهم في تعلم اللغة، آملين أن يؤدي هذا إلى تحسين قدرات التعلم بشكل عام في المستقبل. وهو مفهوم مبهج مع تطبيقات لا حدود لها.