يعتمد كوكبنا على المجال المغناطيسي الخاص به للحماية من الأشعة الكونية القاتلة، فكيف تشكل هذا المجال المغناطيسي في أول الأمر؟
المعروف أن العملية الأساسية المسؤولة عن تشكل الحقل المغناطيسي للأرض تحدث على مستوى نواة الأرض و تعرف بإسم (Geodynamo) . لكن العلماء غير متأكدين كل التأكد من كيفية بداية هذه العملية من البداية.
في دراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة (Nature)، توصل الباحثون إلى تفاصيل جديدة عن أصل المجال المغناطيسي للأرض، و ذلك عن طريق إعادة انتاج ظروف مماثلة لنظيرتها التي هي بالقرب من نواة الأرض .
في البداية، تكون كوكبنا من المواد الصخرية التي أحاطت بالشمس. ومع مرور الوقت، رست المواد الأكثر كثافة في الأسفل – مثل الحديد – ثم الأقل كثافة فوقها، و هو ما أنتج الطبقات الأرضية التي نعرف أنها اليوم: (النواة الداخلية، النواة الخارجية، الوشاح والقشرة الأرضية). تتكون النواة الداخلية من الحديد الصلب مع عدد قليل من المواد الأخرى التي تم سحبها إلى الأسفل أثناء عملية التصفية الأولية. أما النواة الخارجية فتتكون من الحديد السائل، وحركتها تولد المجال المغناطيسي.
دراسة نواة الأرض
صرح فريق الدراسة إنهم أرادوا أن يعرفوا كيف تُنتج الحرارة من النواة الداخلية الصلبة للأرض، و النواة الخارجية السائلة للتعرف على العمليات التي عملت على التطور التدريجي لكوكب الأرض و مجاله المغناطيسي. و أضافوا أنهم يرادون أيضًا معرفة المزيد عن الطاقة المسؤولة على استمرار المجال المغناطيسي و الحفاظ عليه. مع العلم أن هذه المواد توجد في ظروف قاسية جدًا، سواءا درجات الحرارة العالية للغاية، أو الضغط القوي جدًا على حد سواء، ما يعني أن سلوكها في هذه الظروف لا يكون مطابقا لما هو عليه على السطح الخارجي لكوكب الأرض .
ألكسندر جونتشاروف باحث و مؤلف و جيوفيزيائي من معهد كارنيجي في واشنطن – قال في بيان صحفي له :” إننا في حاجة ملحة لإجراء قياسات حراراية مباشرة على المواد الأساسية المكونة لنواة للأرض الحراري في نفس الظروف الموجودة في النواة، لأنه بطبيعة الحال ليس بوسعنا الوصول إلى أي مكان قريب من نواة الأرض و أخذ عينات منها بأنفسنا”
استخدم الفريق ما يسمى بخلية السندان الماسية المسخنة بالليزر laser heated diamond anvil cell)) من أجل محاكاة الظروف المتوفرة في نواة الأرض و معرفة كيف يقوم الحديد بتوليد الحرارة فيها. هذه الخلية تسحق عينات صغيرة من المواد بين ماستين، فتخلق ضغطا شديدا مماثلا لما هو عليه في عمق الأرض. ثم يقوم الليزر بتسخين المواد في درجات الحرارة (الأساسية في نواة الأرض) المطلوبة.
تطبيق هذا النوع من النماذج في المختبر يمكن الفريق من دراسة عينات الحديد في درجات الحرارة والضغط التي يفترض قياسها داخل الكواكب، و التي تتراوح في الكواكب التي حجمها من نفس حجم كوكب عطارد و كوكب الأرض من 345,000 إلى 1.3 مليون مرة الضغط الجوي العادي، أما درجة الحرارة فتقدر بأنها ما بين 2,400 إلى 4,900 فهرنهايت. توصل الفريق أيضا إلى أن قدرة الحديد لنقل الحرارة تتطابق مع أدنى نهاية من التقديرات السابقة للتوصيل الحراري في نواة الأرض، بين (18 و 44 واط) في المتر ولكل كلفن. هذه التوقعات المتساوية عن الطاقة المطلوبة للوصول إلى الدينامكية الأرضية منذ التاريخ السحيق للأرض
و قال (جونتشاروف): “من أجل فهم أفضل للتوصيل الحراري في نواة الأرض، سنحتاج إلى معرفة كيف تتصرف المواد غير الحديدية، التي وصلت إلى نواة الأرض مع ترسب الحديد بها، و كيف تؤثر على العمليات الحرارية داخل كوكبنا “.
المصدر : إضغط هنا
تدقيق لغوي : Mohammed Diab
تصميم : ح.عبد الرزاق
مراجعة: هاشمي امير خالد