كان البشر يسخّرون الفنون كطريقة للتعبير والتواصل والتعافي لآلاف السنين، حيث بدأ التأهيل بالفن بالتشكل خلال منتصف القرن العشرين، حين لاحظ المختصون أن الأشخاص الذين يعانون أمراضا عقلية غالبًا ما يعبرون عن أنفسهم من خلال الرسومات والأعمال الفنية الأخرى مما قاد العديد من الأطباء لاستكشاف و تحري إمكانية استخدام الفن كتقنية علاجية تأهيلية. ومنذ ذلك الحين أصبح الفن جزءا هاما من الحقل العلاجي التأهيلي وبات يستخدم في بعض التقييمات والتقنيات العلاجية.
يُعد العلاج بالفن التشكيلي أحد أهم المواد العلاجية والتأهيلية لذوي الاحتياجات الخاصة، وقد أخذت الدول المتقدمة تهتم به وبجميع مجالاته التطبيقية (الرسم و التشكيل الفني)، لما له من فوائد علاجية تأهيلية لها تأثيرها المباشر على النواحي الفكرية، الاجتماعية، البدنية والانفعالية.
تعددت التدخلات العلاجية مع الأطفال التوحديين لمواجهة المشكلات التي تواجه الأطفال ومن تلك التدخلات: العلاج بالفن التشكيلي، الذي يعد طريقة فعالة في علاج الاضطرابات النفسية والسلوكية لدى الفرد الذي يعاني من مشكلة في التواصل اللغوي والتواصل الاجتماعي، إذ يقوم الفن بدور التشخيص والتنبؤ، بل ودور العلاج أيضًا، كما يلعب دور الوسيط لتعميم وتنمية الكثير من المهارات من أجل التواصل مع البيئة المحيطة بهؤلاء الأطفال، ويعتبر اضطراب « التوحد – Autisme » أحد أكثر الاضطرابات النمائية انتشارا بين الأطفال التي تحتاج إلى رعاية وتأهيل.
من أجل كل ما سبق، يحاول هذا المقال تسليط الضوء على نوع من العلاجات النفسية التأهيلية المميزة و هو « العلاج النفسي بالفن التشكيلي – Psychological Art Therapy »، للتعرف على مدى فاعليته مع هذه الفئة.
بدايات العلاج النفسي بالفن التشكيلي:
كان للفن في العصور الأولى وظيفة نفعية لأنه يلبي الحاجات الاجتماعية المادية و المعنوية (01)، فهو وسيلة فعالة في تنمية المهارات والأفكار والمدركات الحسية المرتبطة بالقدرات العقلية (02)، كما يملك القدرة على إظهار التعبير الرمزي، فهو إذن يساهم في الإبداع و النمو (03) ، وحسب « فيليب جونو – P.Junod » فإن للفن قدرة إيحائية بوصفه إفصاحا عن الواقع (04) ، وهو وسيلة فعالة للتواصل بين الأفراد فبوسعه خلق علاقات اجتماعية مختلفة بين الناس (05) .
أما بالنسبة للعلاج بالفن التشكيلي، الذي قد تخفى تفاصيله على كثير من الاختصاصيين النفسيين، فقد كانت بداياته الحديثة مع الأب الروحي للعلاج النفسي «فرويد- Freud»، الذي تابع بنفسه رصد الخصائص المرضية من خلال الفن، عندما حلل إنتاج بعض الفنانين السابقين والمعاصرين له مما أدى إلى التركيز على القيمة التعبيرية التنفسية للفن التي لها أن تحرر اللاشعور من ما اختزنه من عقد نفسية، إلا أن فرويد لم يتعمق في دراسة جدوى العلاج بالفن التشكيلي بعكس ما قدمه العالم النفسي « يونغ – Jung »، الذي كان ولعا بالفن وتبوء لديه مركزا خاصا، فقد كان نفسه رسامًا بارعًا أنتج العديد من رسومات المندالا التي لعبت دورا مهما في حياته وجلبت له التوازن النفسي الذي كان يطمح إليه شخصيًا، كما كان يشجع مرضاه على التعبير الفني للفائدة الإكلينيكية. (06)
و كانت « مارغريت نومبيرغ – M. Naumburg » ممن تأثر بالنظريات التي وضعها كل من فرويد ويونغ، وكانت صاحبة أول مدرسة للعلاج النفسي بالفن: مدرسة « ولدن – Walden » (1915)، التي تعتمد على نظرية التحليل النفسي ، و هي مرتبطة بالعلاج بالدين كثيراً (07) .وقد تبنت نومبيرغ تلك النظريات بعد أن تعمقت في دراساتها، وخرجت بما أسمته مؤخرًا « العلاج بالفن – Art Therapy »، كما اشتهرت بدراسة العواطف اللاشعورية من خلال ممارسة الفن، إضافة إلى تحليل الأعمال الفنية وتشخيص الاضطرابات المرضية من خلال تحليل الأعمال الفنية .(08)
يقوم العلاج عن طريق الفن اعتمادا على إبداعيّته، إذ أنه يساعد الأفراد على حل الصراعات(21) ، على تطوير مهارات إدارة السلوك والحد من التوتر ، وكذا على التعامل مع الحياة وتحقيق البصيرة. (22)
مفهوم العلاج النفسي بالفن التشكيلي:
عرفته « الجمعية الأمريكية للعلاج بالفن – The American Art Therapy Association » بأنه: مجال للخدمة الإنسانية يقدم فرصا استكشافية للمشكلات الشخصية من خلال التعبير اللفظي وينمي الخبرات الجسمية والانفعالية والتعليمية من خلال ممارسة النشاطات الفنية العلاجية. (17)
و يعرفه عوض بن مبارك اليامي : “بأنه نوع من العلاج النفسي الذي يقوم على الرسم أو التشكيل الفني بطريقة خاصة يستطيع من خلالها الطفل أن يعبر عما بداخله من انفعالات نفسية أو بدنية و يكون لها تأثير سلبي عليه”.(09)
أهمية العلاج النفسي بالفن التشكيلي:
أثبت العلاج بالفن التشكيلي فعالية كبيرة و ذلك حسب دراسات_ في علاج مشاكل الأطفال النفسية إذ من خلال الفن ( الرسم، تلوينا ، أشكالا هندسية ، خربشات) الذي يقوم به الطفل نصل إلى الجزء غير مفهوم من سلوكه و مشاعره، أو إلى أمور لا شعورية غير ظاهرة والتعرف على مشكلاته والطفل ميال تلقائيا إلى التجسيد فهو سرعان ما ينخرط في النشاط عندما تتاح له الفرصة مسقطا بذلك كل ما يختلج في ذاته الحميمة بما فيها رغباته وآماله ومخاوفه وصعوباته واجدا بذلك متعة وتفريغا ومزيدا من التعبير عن الذات .(10)
نجد أن العلاج النفسي بالفن التشكيلي يناسب طبيعية التوحد لعدة أسباب واحدة من السمات المميزة للتوحد هي ضعف التواصل اللفظي والتعبير عن الذات واللغة غالبا ما تكون صعبة للغاية، لذلك يوفر الفن وسيلة فعالة لمن يملكون مشكلة في التعبير عن أنفسهم بشكل مباشر عن طريق الكلمات، والذين يعانون من التوحد وغالبا ما يكون تعبيرهم عن المشاعر والأفكار بواسطة الصور. (23)
فوائد العلاج النفسي بالفن التشكيلي لدى الأطفال التوحديين :
1. يساعد على إطلاق الشعور التعبيري والانفعالي لدى الطفل وذلك من خلال تطور التفاعل الإنساني بينه وبين العمل الفني وبين المعالج.
2. يعمل على تنمية وعي الطفل بنفسه، وشعوره بالقدرة على إخراج عمل جميل ومتميز.
3. تنمية إحساس الطفل بنفسه حتى ينمو إحساسه بالبيئة من حوله.
4. يثري الأسلوب النمطي الروتيني الذي يتبعه التوحديين في الرسم ويجعل أسلوبهم أكثر ليونة فيما يتعلق بالأعمال المصنعة ومن خلال هذه الطرق يتعلم الطفل الكثير من طرق التواصل مع البيئة المحيطة تلك الطرق التي يحرم منها العديد من الأطفال التوحديين. (20)
اتجاهات و نظريات العلاج النفسي بالفن التشكيلي Psychological Art Therapy :
1. « الاتجاه النفس دينامي للعلاج بالفن – The Psychodynamic Approach of Art Therapy «: وهو من الاتجاهات المهمة في عملية العلاج بالفن، وقد درست مارغريت نومبيرغ الاتجاه التحليلي وكانت على معرفة بالفنون التشكيلية، كما أنها من المربيات في علم النفس وصاحبة مدرسة ولدن المتخصصة، وقد بدأت تجاربها على مرضى العصاب في مستشفى نيويوك ومنه بدأت تُكون بعض المفاهيم حول هذا الاتجاه.
ففي حين اعتمد فرويد على طريقة “التداعي الحر” في العلاج بالفن، قامت نومبيرغ بتطوريها، بحيث تطلب من المريض أن يرسم ما يواجهه وتناقشه بعده حول الرموز، قم تربطها بالواقع. وقد أطلقت عليها اسم « التعبير الفني الحر- Spontaneous Art Expression ».
2. اتجاه سيكولوجية يونغ التحليلية: وكانت محاولاته، أي يونغ، ترمي إلى الوصول إلى أسلوب علاجي أطلق عليه « الخيال النشط – Active Imagination » أي العلاج بالفن، إذ إنه يساعد على استكشاف الخيال وإثرائه، كما يكشف عن محتوى اللاشعور من خلال الرموز الفنية التي تنطلق من اللاشعور لتوضح المعاناة النفسية وأعراض الاضطرابات النفسية.
3. نظرية الدوافع الفردية: يرى « أدلر – Adler » أن دوافع الفرد تظهر في أعماله الفنية لكون الرموز توضح ما إذا كان الفرد يعاني من شعور بالنقص أو الاستسلام أو أن الاندفاع ، بالفن يعبر الفرد عن معاناته أو تعاسته ومنه نتعرف على مواطن قوته وضعفه. (16)
وقد درس « كرنز – Kearns » سنة 2004 تأثير العلاج بالفن الرسم على حالة طفل ذكر عمره خمس سنوات، يعاني من صعوبات ومشكلات في الإحساس، وقد دلت النتائج على ارتفاع نسبة السلوكيات الإيجابية، بعد جلسات العلاج بالفن”الرسم”، وأكدت على أنه علاج مفيد. (14)
وهذا يفيد أن هذا النوع من العلاجات الحديثة يساعد الكثيرين على تخطي الصعوبات التي تواجههم وكذا تعديل السلوك.
4. الاتجاه المعرفي السلوكي: يعتمد العلاج المعرفي السلوكي بالفن على « الصورة البصرية – Visual Imager » لأنها أساس ديناميكي تكون الأفكار التي تنتج عنها سلوك الفرد، وتعديل الأفكار المعرفية ينتج عنه تعديل السلوك، فالعلاج المعرفي السلوكي بالفن يرى أن جميع الأفكار عبارة عن صورة داخل الذهن، وأن تغيير تلك الأفكار ينتج عنه تغير الصور الذهنية التي تغير بدورها السلوك. (16)
دراسات ميدانية حول العلاج النفسي بالفن التشكيلي:
أثبتت العديد من الدراسات النفسية والميدانية مدى فاعلية العلاج النفسي بالفن التشكيلي، في تأهيل أطفال التوحد، وهذا ما دعّمته نتائج دراسة قدمتها الطالبة الباحثة: جويرية بريطل(2017) في إطار مذكرة مكملة لمتطلبات ماستر أكاديمي في علم النفس العيادي، بعنوان: « فاعلية برنامج تدريبي قائم على الفن التشكيلي لتأهيل أطفال التوحد »، حيث هدفت الدراسة الحالية إلى الكشف على مدى فاعلية برنامج تدريبي قائم على الفن التشكيلي لتأهيل أطفال التوحد، وذلك على عينة مكونة من ثلاث حالات لأطفال شُخصوا على أنهم يعانون من مستوى بسيط لسلوك يتعلق بالتوحد، حيث اعتمدت الباحثة على المنهج شبه التجريبي ذو تصميم المجموعة الواحدة لمعرفة الفروق بين القياس القبلي والقياس البعدي بعد إدخال المتغير التجريبي، وذلك بالاستخدام الأدوات التالية :
المقابلة العيادية النصف موجهة مستخدمة استمارة دراسة الحالة كتقنية.
مقياس تقييم المصابين بالتوحد في مرحلة الطفولة « Childhood Autism Rating Scale-2 »..
قائمة تشخيص القدرات الفنية من خلال مقياس « فلورانس أندرسون – F.Anderson » (1994).
مقياس« هيلب – HELP » لتقييم المهارات التطورية النمائية من 3- 6 سنوات.
البرنامج التدريبي القائم على الفن التشكيلي لتأهيل أطفال التوحد، للباحث: عوض بن مبارك اليامي(2006).
وقد توصلت الدراسة الحالية إلى النتائج التالية :
1. وجود فروق بين القياس القبلي والقياس البعدي، في اكتساب المهارات اللغوية، والإدراكية والانفعالية، والاجتماعية والبدنية، لدى أطفال التوحد -عينة الدراسة- بعد تطبيق البرنامج، وذلك من خلال ما يلي:
– تنمية الناحية اللغوية، من خلال، إكساب الطفل بعض المفردات اللغوية.
– تنمية الناحية الإدراكية، من خلال، التعرف على الأشكال والألوان، وتسميتها واستعمالاتها.
– تنمية بعض القدرات العضلية لدى الطفل، من خلال، ممارسة النشاطات الفنية.
– تنمية الناحية الانفعالية، من خلال، الأنشطة الصغيرة الناجحة.
– تنمية التواصل الاجتماعي، من خلال، ممارسة الأنشطة الفنية.
2. تم إكساب الأطفال مفردات لغوية المستهدفة في البرنامج التدريبي لتأهيل الأطفال كالتالي:
– تم تعليم الأطفال كلمة دائرة، من خلال تعاملهم مع الطالبة الباحثة، وترديدهم لكلمة دائرة، كما أنهم باستطاعتهم التعرف على الدائرة خلال حياتهم اليومية.
– تم تعليم الأطفال كلمة برتقالي، من خلال البرنامج، وباستطاعتهم الآن، التعرف على اللون البرتقالي في حياتهم العامة.
– تم تعليم الأطفال كلمة دائري، وباستطاعتهم الآن، التعرف على مصطلح دائري بطريقة عملية من خلال، ما يوجد حولهم من أشكال دائرية.
– تم تعليم الأطفال كلمة برتقالة، وباستطاعتهم الآن، التعرف على البرتقالة من خلال، مجموعة فواكه.(11)
و قد اتفقت نتائج الدراسة الحالية مع نتائج العديد من الدراسات، منها:
1- دراسة عوض بن مبارك اليامي (2006) المعنونة بـ « إستراتيجية مقترحة في تأهيل الأطفال الذين يعانون من الاضطراب التوحد »، التي هدفت إلى عرض إحدى كيفيات تأهيل هذه الفئة لما في ذلك من حاجة ملحة لتوفير طرق تأهيل خاصة بهم، وقد طبقت على حالة واحدة لطفل يبلغ من العمر خمس سنوات، وقد أسفرت النتائج عن اكتساب الطفل مهارات في النواحي اللغوية، الإدراكية، والانفعالية، والبدنية، ومهارات التواصل الاجتماعي. (19)
2- دراسة نادية البلوي (2010) المعنونة بـ « فاعلية برنامج تدريبي مستند إلى الأنشطة الفنية في تنمية مهارات التفاعل الاجتماعي وخفض السلوك النمطي لدى الأطفال ذوي اضطراب التوحد في الأردن »، على عينة من خمس عشرة طفلا تم اختيارهم بطريقة قصدية. وتضمن البرنامج ثمانية أنشطة فنية (التلوين، الطباعة، الرسم، الموسيقى، التشكيل، ومسرح العرائس(، بالإضافة إلى تنظيم بعض الأنشطة الخارجية في الملاهي والمتنزهات بمدينة عمان، وكل ذلك بهدف تنمية مهارات التفاعل الاجتماعي وخفض السلوك النمطي لدى أطفال التوحد، وقد أسفرت النتائج إلى حدوث نجاح طفيف للبرنامج و هو ما أعزته الباحثة إلى قلة عدد الأنشطة الفنية وتنويعها، والاعتماد على فنيات تعديل السلوك”. (18)
3- ما توصلت إليه دينا مصطفى (2015) في دراستها، أين أثبت العلاج بالفن فعاليته بالنسبة للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد عن طريق تنمية مهاراتهم في استخدام الألوان والخطوط والأشكال، وتمكينهم من التعبير عن عالمهم الداخلي وبيئتهم المحيطة، ومساعدتهم على تنظيم الحقائق بصورة أكثر وضوحا عن طريق اللغة التشكيلية”(18)
4- دراسة « كريمر- Kramer » سنة 1973 التي أثبتت أن الطفل قد يعجز أحيانا عن التعبير عن معاناته الداخلية لفظيا ، و يعب عنها من خلال أشكال نشاطاته المختلفة (رسومات،أنشطة فنية، لعب…) وتأخذ أشكال التعبير غير المباشر دورا هاما خلال العلاج النفسي فسرعان ما يندمج الطفل مع النشاط الفني معبرا بذلك عن ذاته. (15)
5- كما تتفق نتائج الدراسة الحالية مع ما جاء في « سلف – Self » (ما بين 1977 و1983 ) على رسوم طفلة تعاني من التوحد تبلغ من العمر ست سنوات، لا تستطيع الكلام، وتعيش في عالمها الداخلي الخاص، كما أنها تعاني من ضعف في التآزر الحركي إلى حد كبير، شديدة البطء في حركاتها وترفض التعاون، لكن رسوماتها كانت تختلف عن رسومات الأطفال العاديين وظهرت معها الحالة في سن الثالثة والنصف، أين ظهرت فجأة صورة من رسوماتها فيها تآزر حركي لا وجود له في أي مجال وظيفي آخر وكانت رسومها متميزة بسبب جودتها في التعبير الفوتوغرافي كما كانت النسب بين العناصر داخل كل عنصر صحيحة وكانت تستخدم الخطوط المخفية والمستبعدة وتعطي انطباعا للراشدين بالحركة والحياة تميزت رسومها بالإبداع الفني لدى التوحديين قد يعجز عنه الإنسان العادي، وتعتبر الرسوم بمثابة لغة تعبيرية يمكن استغلالها لتفسير ما يفكر به الطفل التوحدي أو ما يدور في خلده. (18)
6- كما اتفقت نتائج الدراسة الحالية مع ما جاء في « كريدون – Creedon » في عام 1993 التي هدفت إلى تدريب مجموعة أطفال يعانون من اضطراب التوحد على برنامج للتواصل وذلك بغرض تنمية بعض مهاراتهم الاجتماعية (التحديق بالعين، التقليد، التعاون والمشاركة)، إضافة إلى التخلص من بعض أنماط السلوك غير المناسب كإيذاء الذات حيث تكونت عينة الدراسة من واحد وعشرين طفلا من أطفال التوحد تراوحت أعمارهم ما بين أربع إلى تسع سنوات، أين استخدمت الباحثة في برنامجها التدريبي المتضمن أنشطة متنوعة: حركية، وفنية، واجتماعية، على بعض تقنيات العلاج السلوكي المتمثلة في التعزيز المادي واللفظي، الاقتصاد المادي، والتقبل الاجتماعي، وقد توصلت نتائج الدراسة إلى ظهور تحسن في النشاط الاجتماعي لأطفال التوحد، وفي مهاراتهم الاجتماعية كمهارة المساعدة، كما أظهروا انخفاضا واضحا في سلوك إيذاء الذات. (12)
7- وتتفق هذه النتيجة كذلك مع مجموعة دراسات أخرى، منها ما قامت به « معلوف » سنة 2006 التي هدفت إلى إعداد برنامج علاجي عن طريق الموسيقى للأطفال التوحديين، وذلك من أجل تحسين السلوك التواصلي لأطفال التوحد .
إضافة إلى كل ذلك، هناك دراسة الباحثة « أبو السعود » التي عملت على التدخل المبكر لاستثارة انفعالات وعواطف الطفل التوحدي بكسر عزلته وتقوية التفاعل الاجتماعي مع المحيطين به، وكذلك تقوية انفعالات وعواطف الوالدين وتعديل سلوكيات الطفل من خلال برنامج علاجي معرفي سلوكي. (13)
أخيرًا، وكخلاصة:
أثبت العلاج بالفن التشكيلي فعاليته بالنسبة للأطفال ذوي اضطراب التوحد عن طريق تنمية مهاراتهم في استخدام الألوان والخطوط والأشكال، وتمكينهم من التعبير عن عالمهم الداخلي وبيئتهم المحيطة، إن هذه النتيجة المتوصل إليها تؤكد صحة نتيجة الدراسات السابقة و التراث النظري الذي يذكر أن طفل التوحد يستطيع من خلال العلاج بالفن التشكيلي الخروج من حيز التفاعل مع نفسه إلى التفاعل مع المعالج ومع العمل الفني، ومن ثم الأفراد من حوله، ومن هنا يحدث الاتصال اللغوي، الاجتماعي، الإدراكي، الانفعالي والبدني.
المصادر: هنا
محسن محمد عطية ،(1997)، الفن و الحياة الاجتماعية، ط02، دار المعارف، مصر.
محمد حسين جودي،(1999)، المداخل الصحيحة لتعليم الفن، ط01، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.
فتح الباب عبد الحليم سيد،(1997)، البحث في الفن والتربية الفنية، ط02، عالم الكتاب، مصر.
ناتالي الينيك، ترجمة: حسين جواد قبيسي،(2011)، سوسيولوجيا الفن، ط01، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، لبنان .
يوسف تيبس وآخرون، (2014)، الماركسية الغربية وما بعدها، ط01، دار مكتبة عدنان، بغداد، العراق.
عوض بن مبارك اليامي، (د.س)، التأهيل بالفن التشكيلي، المكتبة الالكترونية- أطفال الخليج ذوي الاحتياجات الخاصة .
هند فؤاد إسحق، (د.س)، التربية الفنية وتنمية الممارسات المهارية للفئات الخاصة، الدراسات والبحوث– أطفال الخليج .
إجلال محمد سري، (2000)، علم النفس العلاجي، ط 02، عالم الكتاب، مصر .
هاني العسلي، (د.س)، العلاج باللعب Play Therapy، ط01،(د.د.ن)، القاهرة .
مرسيلينا حسن شعبان، (2013)، الدعم النفسي ضرورة مجتمعية، إصدارات شبكة العلوم النفسية العربية، أكتوبر 2013 العدد 31 .
جويرية بريطل، (2017)، فاعلية برنامج تدريبي قائم على الفن التشكيلي لتأهيل أطفال التوحد، دراسة ميدانية لـ : ثلاث حالات بعيادة بسمة للصحة النفسية – ورقلة، مذكرة مكملة لشهادة ماستر أكاديمي في علم النفس العيادي، قسم علم النفس، جامعة قاصدي مرباح – ورقلة.
لينا عمر بن صديق، (2007)، فعالية برنامج مقترح لتنمية مهارات التواصل غير اللفظي لدى أطفال التوحد وأثر ذلك على سلوكهم الاجتماعي، مجلة الطفولة العربية – الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية، المجلد التاسع – العدد الثالث والثلاثون- ديسمبر 2007.
عادل جاسب شبيب، (2008)، ما الخصائص النفسية والاجتماعية والعقلية للأطفال المصابين بالتوحد من وجهة نظر الآباء، مذكرة مكملة لدرجة الماجستير في علم النفس العام، الأكاديمية الافتراضية للتعليم المفتوح بريطانيا، قسم علم النفس.
سامية محمد صابر محمد عبد النبي، (د.س)، فاعلية استخدام العلاج بالفن ” الرسم” في التخفيف من الوحدة النفسية لدى عينة من طلاب الجامعة، كلية التربية ببنها، المملكة العربية السعودية.
فالنتينا وديع سلامة الصايغ، (2001)، فاعلية الأنشطة الفنية في تخفيض حدة السلوك العدواني لدى الأطفال الصم في مرحلة الطفولة المتأخرة من (9-12 سنة)، مذكرة لنيل درجة الدكتوراه الفلسفة في التربية الفنية، جامعة حلوان .
طلال عبد الله حسن الغامدي، (2006)، خصائص رسوم عينة من مرضى الرهاب الاجتماعي ودلالاتها الرمزية دراسة حالة، مذكرة مكملة لشهادة الماجستير في التربية الفنية تخصص علم النفس التربية الفنية، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية
فهد بن سليمان الفهيد، (2007)، دور العلاج بالفن التشكيلي في تأهيل ذوي إصابات العمود الفقري في مدينة الملك فهد الطبية، مذكرة مكملة لشهادة الماجستير الآداب في التربية، كلية التربية جامعة الملك سعود، المملكة العربية السعودية.
دينا مصطفى، (2015)، العلاج بالفن وتنمية المهارات الاجتماعية لدى الأطفال ذوي اضطراب التوحد، المجلة الدولية التربوية المتخصصة، المجلد (4)، العدد ( 4) – نيسان .
اليامي، عوض مبارك، (2006)، فنون الأطفال: إستراتيجية مقترحة في تأهيل/علاج أطفال التوحد من خلال الفن التشكيلي، مؤتمر الطفولة المبكرة، وزارة التربية والتعليم، الرياض.
هدى أمين عبد العزيز أحمد ، (2011) ، التوحد و الاضطرابات السلوكية : الفن وسيلة لعلاج التوحد، هنا
By Crystal finely, (October 2013), access to the visual arts, history and programming for people with disabilities, FAMILY SERVICES.
Kristina Marie, (2013), “An Exploration of Contemplative Practice in the Life of the Art Therapist” , LMU/LLS Theses and Dissertations.
تدقيق لغوي: Zineb Hilali
تدقيق لغوي: Amira Bousdjira
تعديل الصورة: Banan Shanou