للمرة الأولى، استطاعت الترانزستورات، من تلك المستعملة في الهواتف الذكية وأجهزة أخرى، أن تعمل بنجاح في درجات حرارة قريبة للصفر المطلق.
الترانزستورات هي قطع الكترونية تعمل كمفاتيح للتحكم بالتيار، يتأثر أداؤها بدرجة الحرارة. لذلك تصنع أنواع منها خصيصا للاستعمال تحت درجات حرارة منخفضة. إلا أنها مكلفة ومن الصعب الحصول عليها، ودوائرها الكهربائية معقدة و قد تحتاج أحيانا إلى أدوات أخرى لكي تستعملها.
لقد أراد « أمين رهوني – Amine Rhouni »، من « معهد الأبحاث في القوانين الأساسية للكون – the Institute of Research into the Fundamental Laws of the Universe »، في فرنسا، بأن يفحص إذا كانت الترانزستورات العادية – غير المخصصة للدرجات المنخفضة – بأن تعمل عوضا عن الأخرى المصممة خصيصا لهذا الغرض. إذا تحقق هذا فعلا، فسوف يكون البحث في درجات منخفضة أسهل بكثير.
يطور الفريق حاليا الجيل الجديد من كاميرات بأشعة تحت الحمراء، وذلك من أجل استخدامها في الفضاء الخارجي بدافع الحساسية القصوى، حيث يتوجب عليهم أن يعملوا في أقل درجات حرارة يمكن وصولها ( بالضبط فوق درجة -273 °C )، وعلى الأجهزة الالكترونية التي تعمل لقراءة المستشعرات أن تصمد في هذه الدرجات أيضا.
وتتوقع النظرية بأن الترانزستورات العادية بإمكانها أن تعمل في درجات مماثلة، ولكن اختبارها كان من نوع آخر. حيث استلزم منهم الأمر نحو ثلاثة أيام لكي يبردوا المعدات لدرجة الحرارة المستهدفة، وكان عليهم استخدام تجهيزات خاصة من أجل استقرارها على تلك الدرجة، عن طريق منع التيارات من تسخينها، مثلا.
كما تشير الاختبارات بأن الترانزستورات صمدت في تلك الحالات المتطرفة. هذا الذي جعل « مالك منصور – Malik Mansour » من « جامعة باريس ساكلاي – the University of Paris-Saclay » في فرنسا منبهرا، إذ يقول:” إنه من الصعب القيام بالحسابات في درجات منخفضة كتلك”.
يعتقد منصور بأن النتائج قد تكون ذات صلة للتصوير الطبي، مما يفتح طريقا للاحتمالية بالحصول على صور أكثر دقة وتفصيلا مع المعدات فائقة التبريد. صحيحٌ أنّ الفكرة بأكملها مكلفة ومعقدة في الوقت الراهن، لكنه يعتقد أن تطبيقها سيصبح ممكنا في المستقبل، حيث صرّح أنه: “سوف تتطور تكنولوجيا الدرجات المنخفضة”.
وقد عبّر العلماء المهتمين بتطوير الحواسيب الكمومية عن اهتمامهم بالنتائج. كما يركز فريق رهوني على استخدام هذه التكنولوجيا في مهمة Spica، المقرر إطلاقها في أواخر عام 2020، وذلك بهدف التحقيق في أبرد المناطق في الكون.
إضافة إلى أنه قبل 15 سنة، وخلال مهمة هرشل، اكتشف الباحثون أن أماكن تكوّن النجوم محاطة بخيوط من الغاز والغبار. والآن هم في صدد التحقيق في دور تلك الخيوط عن طريق استخدام أجهزة كشف كي يصفوا شكلها. ” قد يتوجب علينا أن نصف حقلها المغناطيسي،” يقول « فنسنت ريفيرت – Vincent Reveret »، أحد أعضاء الفريق، ويضيف أنه: “لم يتم القيام بهذا من قبل.”
المصدر: هنا
ــــــــــــــــــــ
تدقيق لغويّ: Amira Bousdjira