تقترح دراسةٌ جديدةٌ عن الأجنة في الثلث الثالث من عمرها، أنّ الافتتان بالوجوه من طبيعة البشر وليس نتاج التنشئة. إنّ الأمر الشائع عند العلماء أنّ الأطفال يحبون النظر إلى الوجوه أكثر من الأشياء الأخرى، لكن البحث الذي نُـشر في الثامن جوان الفائت في موقع ” Current Biology” يقدم أدلة على أنّ هذا التفضيل يبدأ قبل الولادة.
وقد أظهرت دراسةٌ هي الأولى من نوعها عن الإدراك البصري قبل الولادة، أنّ الأجنة أكثر تحريكًا لرؤوسها لتتبع النور الذي يعكس تكوينات الوجه في الرحم. كما أظهرت أبحاثٌ سابقةٌ أنّ الأطفال حديثي الولادة يولون اهتمامًا خاصًا للوجوه، حتى لو تم تجريد “الوجه” من أساسياته -على سبيل المثال: مثلثٌ من ثلاث نقاط، نقطتين فوق العيون، وواحدة تحت الفم أو الأنف، يعتبر هذا الانشغال بالوجوه أمرًا مهمًا بالنسبة للتنمية الاجتماعية-. يقول سكوت جونسون، مستشار الطب النفسي في جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس: “إن الميل الأساسي لاختيار وجهٍ مختلفٍ عن الأشياء الأخرى في بيئتك، ومن ثم النظر إليه فعلًا، هو الخطوة الأولى لمعرفة من هم الأشخاص المهمون في عالمك.”
شاهد الباحثون، باستخدام التصوير رباعي الأبعاد بالموجات فوق الصوتية، كيف تفاعلت الأجنة التي يبلغ عمرها 34 أسبوعا لرؤية مثلثات قريبة من شكل الوجه (نقطتين فوق وواحدة تحت)، مقارنة برؤية شكل مثلث قائم (القاعدة تحت ونقطة أعلى الوجه)، حيث قاموا بعكس ضوء أحمر في شكل مثلث -في كلتا الوضعيتين المذكورتين آنفًا- فوق بطن الأم اعتمادًا على الرؤية المحيطية للجنين، بعدها مرّروا الضوء فوق بطن الأم، بعيدًا عن مرمى نظر الجنين، لمعرفة ما إذا كان سيُدير رأسه لمواصلة النظر إلى الصورة (الضوء الأحمر).
عرض الباحثون مثلثات مختلفة خمس مرات لـ 39 جنين، وحركت الأجنة رؤوسها 40 مرة لرؤية مثلث قريب من شكل الوجه، من بين 195 عرض لمثلثات على شكل وجه. وفي المقابل، وفقًا لما ذكره الباحث المشارك في الدراسة من جامعة لانكستر بإنجلترا ”فنست ريد”، حركت الأجنة رؤوسها 14 مرة فقط لرؤية أشكال مثلثات مخالفة لشكل الوجه.
وخلص الباحثون إلى أنّ الأجنة تتشارك مع المواليد الجدد في ميلها إلى النظر إلى الأشكال التي تشبه الوجوه. وتضيف عالمة النفس من جامعة تكساس دالاس ”ميلاني سبنس” (رغم عدم مشاركتها في العمل) أنّ النتائج المتوصل إليها تُعد قفزة تمكّننا من استخلاص الكثير من نقاط التشابه بين الأجنة والمواليد الجدد فيما يخص التصورات البصرية. كما أضافت أنّ صور المثلثات التي تحاكي الوجوه والمستخدمة في اختبار حديثي الولادة لم تكن مثل التي استخدمت في اختبار الأجنة، فالعلماء عادة ما كانوا يعرضون وجوهًا بالأبيض والأسود وبحدودٍ على شكل رأس.
ويقول ”جونسون” أنّ الدليل على أنّ الجانب الأساسي لإدراك الوجوه مبرمج في الجهاز البصري للبشر يعتبر أمرًا “مثيرًا جدًا جدًا”. كما يضيف أنّ أسلوب الدراسة الجديد الذي اعتمد على عرض صور نحو الجنين ومشاهدة ردة فعله “يفتح كل الخيارات لفهم التطور البشري”. ويمكن استعمال نفس تقنية العرض الضوئي وكذا التصوير الرباعي الأبعاد بالموجات فوق الصوتية لمعرفة ما اذا كان بإمكان الأجنة التمييز بين مختلف الكميات (تماما كقدرة الرضع).
المصدر: هنا
ــــــــــــــــــــــــ
تدقيق: Ferfache Imed Eddine