كما نعرف جميعًا، فإننا اليوم نعيش في عصر السرعة، عصر الإنترنت، عصر الفضاء، وأيضًا عصر ال DNA!
بدايةً مع تعريف مبسط بماهية ال DNA ووظيفته، الدنا أو الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين: هو عبارة عن جزئ كيميائي حيوي، موجود في كل خلية حية (عند الإنسان يتوضع الدنا على شكل كروموزومات)، توجد في النواة ملتفًا على بروتينات تدعى الهيستونات، وأيضًا بشكل DNA موجود في المايتوكوندريا.
يتألف جزئ الدنا، من شريطين متوازيين، وملتفين بشكل حلزوني، كل شريط مؤلف من تسلسل لمليارات من الجزيئات الكيميائية، المُسماة بالنكليوتيدات (عبارة عن جزيء سكر خماسي منقوص الأكسجين، وأساس آزوتي وزمرة فوسفاتية)، وتتقابل النكليوتيدات في كلي الشريطين المتوازيين بطريقة ثابتة (الأدينوزين يقابله التايمين، والسايتوزين يقابله الغوانين)، وترتبط هاتان السلسلتان أو الشريطان مع بعضهما بواسطة روابط هيدروجينية، تتشكل بين النكليوتيدات المتقابلة، مما يؤمن تماسك الشريطين مع بعضهما (بالإضافة إلى بعض العوامل الأخرى كالصفة الكارهة للماء لجزئ الدنا).
الآن نأتي للتقنية التي هي موضوعنا، ألا وهي تقنية تفاعل البوليميراز المتسلسل PCR.
كما نعلم، أنه عند دراسة جزئ الدنا -سواء في دراسات الطب الشرعي أو حتى لغرض إثبات الأبوة مثلًا أو لفصل جينات معينة بغرض استخدامها في الزراعات الوراثية- فإننا بحاجة إلى كميات كبيرة نسبيًا من الدنا، الذي نقوم بدراسته -وبخاصة في حالة عدم توافر كميات كبيرة منه أساسًا كما في حالة الأدلة الجنائية- ولتحقيق هذه الغاية؛ قام العالم الأميركي (كاري موليس) عام 1983، بالتعاون مع ميشبل سميث، بتطوير تقنية PCR، لإكثار الدنا في المخبر. وقد تم منحهما جائزة نوبل عام 1993 في الكيمياء على اكتشافهما هذا.
مبدأ التقنية:
بدايةً، يتم عزل الدنا من الخلية، وذلك بإضافة مواد كيميائية معينة، واستخدام المثفلة الكهربائية، التي تقوم بعزل مكونات الخلية بناءًا على وزنها الجزيئي، باعتماد مبدأ الطرد المركزي. ومن ثم يتم إضافة ال (Primer)، وطلائع النكليوتيدات الأربعة، التي ستستخدم لبناء السلسلة المتممة للدنا. بالإضافة إلى إنزيم (DNA-Polymerase)، الذي سيقوم ببناء السلسلة المتممة. بعد ذلك يتم رفع درجة حرارة المكونات إلى 94 درجة مئوية؛ وذلك من أجل كسر الروابط الهيدروجينية، وفصل سلسلتي الدنا عن بعضهما.
بعد ذلك، يتم تخفيض درجة الحرارة إلى حوالي 68 درجة، وهي درجة الحرارة المناسبة لكي يقوم ال Primer بالربط على سلسلة الدنا المستهدفة. ومن ثم يتم إعادة رفع درجة الحرارة إلى 72 درجة مئوية، وعندها يبدأ إنزيم بلمرة الدنا عمله ببناء سلسلة متممة للسلسلة المستهدفة. وقد تم حديثًا صناعة أجهزة مخبرية، تقوم بكل الخطوات السابقة بشكل تلقائي، وخاصة رفع وتخفيض درجة الحرارة، وذلك لأن درجة الحرارة الزائدة قد تسبب تلف ال Primer، أو عدم ارتباطه في المكان المناسب. كما أن الحرارة المنخفضة غير مناسبة لعمل إنزيم بلمرة الدنا، وهكذا تعاد العملية مرات عديدة، وفي كل مرة تزداد كمية الدنا، باضطراد أسي، حتى نحصل على الكمية المطلوبة من الدنا، ونقوم بدراساتنا عليها.
*ال Primer هو عبارة عن تسلسل نكليوتيدي معين، تستخدمه الخلية أثناء تضاعف الدنا، كبادئ لبناء السلسلة المتممة، ومن ثم تتم إزالته فيما بعد؛ لأنه في الخلية يكون تسلسل من ال RNA. أما في حالة مضاعفة الدنا بشكل صناعي، فيتم استخدام Primer، مكون من الدنا؛ وذلك لتجنب إزالته فيما بعد، وتعويضه بالدنا.
هذه كانت باختصار آلية ال (PCR). مع العلم أن العملية في المختبر أعقد من ذلك، وتتطلب الكثير من الدقة والحذر.
المصدر: هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــ
تعديل الصورة: Yasmin Gilani
مراجعة علمية: Yacine Ouinten
تدقيق لغوي: Mohammed Diab