ما هي نظرية داروين للتطور؟
“الداروينية” هي نظرية التطور البيولوجي التي طوّرها عالم الطبيعة الإنجليزي “تشارلز داروين” (1809-1882) وآخرون، مشيرًا إلى أن جميع أنواع الكائنات تنشأ وتتطور من خلال الإنتقاء الطبيعي للاختلافات الصغيرة الموروثة التي تزيد من قدرة الفرد على المنافسة، البقاء على قيد الحياة، والتكاثر.
هل التطور حقيقة؟
يقول عالم الأحياء “ريتشارد لينسكي”: «إنّ الفهم العلمي يتطلب حقائق ونظريات يمكن أن تفسر تلك الحقائق بطريقة متماسكة. التطور في هذا السياق هو حقيقة ونظرية على حد سواء، والحقيقة التي لا تقبل الجدل أنّ الكائنات الحية قد تغيرت أو تطورت خلال تاريخ الحياة على الأرض.»
كيف تعمل نظرية التطور؟
نظرية التطور عن طريق الإنتقاء الطبيعي -التي صيغت لأول مرة في كتاب داروين “أصل الأنواع” في 1859- هي العملية التي تتغير بها الكائنات الحية مع مرور الوقت نتيجة للتغيرات في الصفات الجسدية أو السلوكية الموروثة.
ممَّ يتكون الإنتقاء الطبيعي؟
– الإختلاف: وتظهر الكائنات الحية (داخل السكان) تباينًا فرديًا في المظهر والسلوك.
– الوراثة: يتم تمرير بعض الصفات باستمرار من الأم إلى الأبناء.
– ارتفاع معدل النمو السكاني.
– بقاء التفاضلية والتكاثر.
كيف يؤثر الانتقاء الطبيعي على تواتر الصفات في المجموعة؟
من الضروري أن يكون هناك فهمٌ أساسي لكيفية عمل الإنتقاء الطبيعي. إنّ الإنتقاء الطبيعي يمكن أن يغير نوعًا ما بطرق صغيرة، ممّا يتسبب في تغيير حجم السكان أو لونهم على مدى عدة أجيال. وهذا ما يُسمى “التطور الجزئي”.
ولكن الإنتقاء الطبيعي أيضًا قادر على أكثر من ذلك بكثير، بمنح الوقت الكافي والتغيرات المتراكمة الكافية، فإنّ الإنتقاء الطبيعي يمكن أن يخلق أنواعًا جديدة تمامًا، يعرف هذا باسم “التطور الكلي”. يمكن أن تتحول الثدييات البرمائية إلى حيتان وأسلاف القرود إلى البشر.
خُذ مثال الحيتان -باستخدامهم التطور كدليل ومعرفة كيفية عمل الإنتقاء الطبيعي- علماء الأحياء يعرفون أنّ انتقال الحيتان في وقت مبكر من البر إلى الماء وقع في سلسلة من الخطوات يُمكن التنبؤ بها. على سبيل المثال، حدث تطور “blowhole” على النحو التالي:
أدّت التغيرات الجينية العشوائية إلى امتلاك أحد الحيتان على الأقل أنفًا في منطقةٍ خلفيةٍ على سطح الرأس. كانت تلك الحيوانات مع هذا التكيف أكثر ملاءمةً لنمط الحياة البحرية، لأنّها لم تكن تضطر إلى الصعود للسطح تمامًا للتنفس. مثل هذه الحيوانات كانت أكثر نجاحًا وأكثر نسلًا. في الأجيال اللاحقة، حدثت المزيد من التغيرات الجينية، وحركت الأنف أبعد مرة أخرى على سطح الرأس.
كما تغيرت أجزاء الجسم الأخرى في الحيتان المبكرة، أصبحت الساقين الأمامية زعانف، اختفى الساقين الخلفيين، وأصبحت أجسادهم أكثر تبسيطًا وطوّروا الذيل لدفع أنفسهم على نحو أفضل من خلال المياه.
ووصف داروين أيضًا شكل من أشكال الإنتقاء الطبيعي الذي يعتمد على نجاح الكائن الحي في جذب زميله، وهي عملية تعرف باسم الإنتقاء الجنسي، الريش الملون للطاووس والقرون في الغزلان الذكور على حد سواء أمثلة على الصفات التي تطورت تحت هذا النوع من الانتقاء.
لكن داروين لم يكن العالم الأول أو الوحيد الذي طور نظرية التطور. لقد خرج عالم الأحياء الفرنسي “جان بابتيست لامارك” بفكرة أنّ الكائن الحي يمكن أن يمرر سماتهُ وصفاتهُ لذريته، على الرغم من أنّهُ كان مخطئًا بشأن بعض التفاصيل.
الفهم الحديث للنظرية :
وقالت عالمة الأنثروبولوجيا “د.بريانا بوبينر” إنّ داروين لم يعرف شيئًا عن علم الوراثة. “لقد لاحظ نمط التطور، لكنه لم يعرف شيئًا عن الآلية”. جاء ذلك لاحقًا، مع اكتشاف كيفية ترميز الجينات للصفات البيولوجية أو السلوكية المختلفة، وكيف تنتقل الجينات من الآباء إلى الأبناء. ويعرف دمج علم الوراثة ونظرية داروين باسم “التوليف التطوري الحديث”.
التغيرات الجسدية والسلوكية هي التي تجعل الإنتقاء الطبيعي ممكن الحدوث على مستوى الحمض النووي والجينات، تسمى هذه التغيرات بالطفرات، وقالت بوبينر “إنّ الطفرات هي المواد الخام الأساسية التي يقوم عليها التطور”.
الطفرات يمكن أن تكون ناجمة عن أخطاء عشوائية في تكرار أو اصلاح الحمض النووي، أو عن طريق الأضرار الكيميائية أو الإشعاع وتكون الطفرات في معظم الأحيان إمّا ضارة أو محايدة، ولكن في حالاتٍ نادرة، قد تكون الطفرة مفيدة للكائن الحي، وإذا كان الأمر كذلك، فإنّها ستصبح أكثر انتشارًا في الجيل القادم وتنتشر في جميع أنحاء السكان.
وبهذه الطريقة، فإنّ الإنتقاء الطبيعي يوجه العملية التطورية، ويحافظ على الطفرات المفيدة ويضيفها، ويرفض السيئة منها. وقالت بوبينر “إنّ الطفرات عشوائية لكن اختيارها ليس عشوائيًا”.
بيد أنّ الإنتقاء الطبيعي ليس الآلية الوحيدة التي تتطور بها الكائنات الحية. على سبيل المثال، يمكن نقل الجينات من مجتمع إلى آخر عندما تهاجر الكائنات الحية، وهي عملية تعرف باسم “تدفق الجينات”.
وتيرة بعض الجينات يمكن أن تتغير أيضًا عشوائيًا، وهو ما يسمى بـ “الإنجراف الجيني”.
المصدر: هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغوي: عماد الدين فرفاش