إنّنا ننظر إلى حالات الفوبيا بجدية كتهديداتٍ ليس كثيرًا إلى حياة ذاتها ولكن كعقباتٍ أمام أسلوب الحياة. تمنع حالات الفوبيا الناس من التمتّع بكثيرٍ من الأنشطة ابتداءً من السفر للعمل أو السفر الشخصي أو المكوث في مكانٍ مغلق أو حتى المشي الطبيعي، كما أنّ من يرعون شخصًا يعاني من الفوبيا يعانون أيضا معه.
ما هي الفوبيا؟
جاءت كلمة فوبيا من Phobos اليونانية وهي تعني الخوف، وقد استُخدمت لأنواعِ المخاوف الخاصّة وغير الواعية. تنشأ الفوبيا في البيئة فهي ترتبط بذكرياتٍ مكبوتة في العقل الباطن، فهي مرتبطة بذلك؛ بأشياء أو مواقف أو أفكارٍ لم يتكيّف أو يتأقلم معها الإنسان.
كما يتّسم الخوف المرضي أو الفوبيا:”بالخوف المفرط الذي يمرّ به المريض نتيجةً للخوف من أشياء أو مواقف معيّنة”، إنّ الأفراد الذين يعانون من المخاوف المرضية غالبًا ما تكون لديهم معتقدات لا عقلانية عن الموقف أو الشيء المسبّب للمخاوف المرضية.
المخاوف المرضية هي الشّكل المعتاد لاضطراب القلق لدى الناس، ومعدّل انتشارها خلال فترة الحياة يمثل 12.5% وإذا لم يتمّ علاجها فإنّها تصبح مزمنة.
هناك أنواعٌ من المخاوف المرضية أكثر شيوعًا لدى النساء عنه لدى الرجال، وقد يرجع ذلك إلى أنّ الرجال قد لا يعلنون عن مخاوفهم، وقد تبيّن من خلال الدراسات أنّ وجود فروقٍ راجعة للجنس قليلة( الفروق بين الجنسين ) فيما يخصّ الخوف من الأماكن المرتفعة، المغلقة، ركوب الطائرات، والخوف من الدم و الحقن .
فوبيا _ رهاب_ الأماكن المغلقة Claustrophobia
يخاف المصابون بخواف الأماكن المغلقة من أن يحبسوا في أماكن مغلقة مثل الأنفاق أو المصاعد أو الممرّات الضيّقة و الأنفاق والغرف المغلقة إلى غير ذلك، وكما ذكر أحد المصابين بهذا النوع من الخواف:”إذا توقّف المصعد فإنّني أشعر بفزعٍ سريعٍ جدًّا وأبدأ في الدق على جوانب المصعد”، وهي مصنّفة ضمن الرهابات النوعية Specific Phobia. وهي رهاباتٌ تقتصر على مواقف شديدة النوعية، مثل الاقتراب من الحيوانات أو الأماكن المرتفعة أو المغلقة.. وبالرغم من أنّ الموقف المطلق للرهاب منفصل إلّا أنّ التعرّض له قد يثير هلعًا كما في حالات الرهاب الاجتماعي .
وتبدأ الرهابات النوعية عادةً في الطفولة أو باكرًا في حياة الكهولة وقد تستمرّ عشرات السنين إذا لم تعالج، وتتوقّف شدّة العجز المترتّب عليه على مدى السّهولة التي يستطيع بها الشّخص تجنّب الموقف المثير للرهاب. كما أنّ الخوف من الحالة الرهابية لا يميل إلى التذبذب .
الدلائل التشخيصية :
1 .خوفٌ ملحوظ أو قلقٌ حول شيءٍ أو موقفٍ محدد، مثلاً:(الطيران، المرتفعات، الأماكن المغلقة، الحيوانات، أخذ حقنة، رؤية الدم)
ملاحظة: عند الأطفال، الخوف أو القلق قد يعبّر عنه بالبكاء، نوبة الغضب، التجمّد، أو التشتت.
2 .يحرِّض دائمًا التعرّضُ للشيء أو الموقف الرهابي خوفًا أو قلقًا مباشرًا.
3 . تجنّب فعّال للشيء أو الموقف الرهابي، وقد يكون تحمّله مصاحبا لقلقٍ أو خوفٍ شديد.
4 .الخوف أو القلق لا يقارن بالخطر الفعلي الذي يمثّله الشيء أو الموقف الرهابي، وللسياق الثقافي والاجتماعي.
5 .يكون الخوف، القلق، التجنّب، مستمرًا ويدوم بشكل نموذجي لستة أشهر أو أكثر.
6 .يسبب الخوف، القلق والتجنب احباطًا سريريًا مهمًا أو انخفاضًا في الأداء الاجتماعي أو الأكاديمي أو المهني أو مجالات الأداء الهامة الأخرى.
7 .لا يُفسر الاختلال بشكلٍ أفضل بأعراض مرض عقلي آخر متضمنًا الخوف، القلق والتجنب لمواقف مترافقة مع أعراضٍ شبيهة بالهلع أو الأعراض المعقّدة الأخرى؛ كما في رهاب السّاح(أشياء أو مواقف متعلّقة بالوساوس)، اضطراب الوسواس القهري(ما يذكِّر بالحوادث الصادمة )، اضطراب الكرب ما بعد الصدمة(الانفصال عن المنزل أو عن شخص متعلق به)، اضطراب قلق الانفصال(أو المواقف الاجتماعية)، اضطراب القلق الاجتماعي.
إستراتيجيات علاجية تستهدف المخاوف المرضية:
إنّ إستراتيجية التعرّض هي أكثر أنواع العلاج فعالية بالنسبة للمخاوف المرضية الخاصّة؛ وهي مفيدة في علاج اضطرابات القلق قبل إجراء ممارسات التعرّض ينبغي أن يتعرّف المعالج النفسي على الألماعات المسبّبة للخوف، في حالة المخاوف المرضية الخاصة فإنّ الألماعات هي المثيرات الموقفية.
قبل إجراء ممارسة التعرّض لا بدّ من أن يكون لدى المعالج النفسي فهمٌ جيدّ للمواقف التي تستثير الخوف والتجنّب لدى المريض، وغالبًا ما يكون من المفيد أن يُطلب من المريض تقدير الخوف لديه على مقياس من 0 إلى 10 نقاط، هذا النموذج العلاجي مفيد لعرْض المرضى على الأشياء والمواقف الصعبة والمكلفة لإعادة النشاط. مثلا: الخوف من صعود المصعد.
المصادر :
1. أنور الحمادي، (2013)، “خلاصة الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات العقلية DSM5″، الدار العربية للنشر والتوزيع.
2. هوفمان ا.س.جي، ترجمة: مراد علي عيسى،(2012)،”العلاج المعرفي السلوكي المعاصر: الحلول النفسية لمشكلات الصحة العقلية”،دار الفجر للنشر و التوزيع، القاهرة-مصر.
3.آرثر بيل، ترجمة: عبد الحكم الخزامى،(2011)،” الفوبيا: الخوف المرضي من الأشياء والتغلب عليها”، الدار الأكاديمية للعلوم، القاهرة-مصر.
4. أحمد عكاشة،”المراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض، تصنيف الاضطرابات النفسية والسلوكية، الأوصاف السريرية (الإكلينيكية) والدلائل الإرشادية ICD-10″، منظمة الصحة العالمية، المكتب الإقليمي للشرق الأوسط .
5. ايزاك م.ماركس، ترجمة:محمد عثمان نجاتي،(1998)،”التعايش مع الخوف: فهم القلق والتعايش معه”، دار الشروق، القاهرة-مصر.
6. صموئيل حبيب، (1989)، “الخوف”، دار الثقافة، ط01، القاهرة-مصر.
ـــــــــــــــــ
تدقيق: Hadjer Benyamina