تؤدي الإصابة بتشمع الكبد (الكبد المنكمش) إلى تعطل النسيج الكبدي وتحوله بشكل تدريجي إلى ندوب ونسيج ضام فقط؛ وكلما تقلص حجم النسيج الكبدي السليم كلما نقصت وظيفة الكبد.
وتكون الإصابة نتيجة لعوامل كثيرة منها: مرض التهاب الكبد و استهلاك الكحول المزمن.
إليكم أهم ما يجب معرفته حول مرض تشمع الكبد.
1- وصف المرض:
كما ذكرنا سابقا فإنه في حالة تشمع الكبد يتعطل النسيج الكبدي السليم ويتحول إلى نسيج ذو ندوب، ويفقد الكبد وظيفته كنتيجة لهذا التحول الطارئ.
في الطور الأخير من تشمع الكبد لا يمكن للكبد القيام بوظائفه كعضو رئيسي في عملية الاستقلاب، وقد يؤدي تطور المرض غير المعالج من خلال فقدان وظائف الكبد إلى الوفاة.
في ألمانيا، يصيب المرض من 250 إلى 100000 شخص سنويا بتشمع الكبد ويتوقع الخبراء رقما أكبر من ذلك بكثير أخذا بالاعتبار الحالات غير المعروفة وغير المسجلة. يصاب الرجال بنسبة الضِّعف أكثر من النساء بتشمع الكبد (رجلين مقابل كل امرأة) .
2- الأسباب وعوامل الخطورة:
في حالة أمراض عديدة في الكبد يمكن أن تكون النتيجة النهائية هي تشمع الكبد. ويلاحظ، في البلدان الصناعية، أن أكثر من نصف حالات تشمع الكبد سببها الإفراط في استهلاك الكحول، وفي باقي الحالات يكون المسبب للمرض أحد أنواع التهاب الكبد أو – في حالات نادرة- أمراض أو أدوية أخرى.
1.2- تشمع الكبد بسبب التسمم بالكحول الإيثيلي ( الإيثانول):
إن الإفراط في استهلاك الكحول طويل الأمد يعد من المسببات الرئيسة لتشمع الكبد؛ فخلال عملية تحطيم الكحول في الكبد تتجمع المواد السامة هناك، ويتحول الكبد لما يسمى بالكبد الدهني ( أي أن الكبد يقوم بتخزين الكثير من الدهون المرضية).
في هذه المرحلة من المرض تكون التغيرات في النسيج الكبدي قابلة للعكس جزئيا؛ لكن مع استمرار استهلاك الكحول، تتعطل الخلايا المخزنة للدهن وتتحول إلى نسيج ضام، وعندئذ يمكن الحديث عن تليف في الكبد. تطور النسيج الضام حينئذ يصبح غير قابل للعكس، ومع استمرار هذا التطور يصل الكبد أخيرا لمرحلة التشمع.
تختلف كمية الكحول المسببة للتشمع من شخص لآخر. فإذا شرب رجل يوميا لترا واحدا من الجعة أو نصف لتر من النبيذ، فإن هذه الكمية تؤثر بشكل سام على الكبد؛ أما النساء فهن أكثر تأثرا بالكحول، إذ أن نصف الكمية السابقة تؤدي إلى نفس النتائج السلبية عند الرجال.
2.2- التهاب الكبد الفيروسي:
في ألمانيا، يكون أحد أنواع التهاب الكبد المسبب لكل حالة من حالتي لتشمع كبد. ويحصل هذا بسبب أحد الفيروسات، حيث تتماوت الخلايا الكبدية متحولة إلى نسيج ضام.
3.2- أسباب أخرى لتشمع الكبد:
– أمراض الكبد والطرق الصفراوية مثل التهاب الكبد الناجم عن خلل في المناعة الذاتية، تشمع الكبد المراري الأولي، التهاب الأوعية الصفراوية الأولي.
– أمراض الاستقلاب: اكتناز الحديد، داء ويلسون، التليف الكيسي.
– الأمراض الاستوائية: البلهارسيا، داء المتورقات.
– أمراض القلب: قصور القلب الأيمن المزمن.
– المواد السامة: ثلاثي كلوريد الكربون، الأرسين.
– بعض الأدوية: مثل الميتوتريكسات.
وفي بعض الحالات، قد يكون سبب التشمع غير معروف.
3- الفحص والتشخيص:
* يعطي الفحص السريري للطبيب إشارات أولية تدل على الإصابة بتشمع الكبد، وتدل المعطيات الأولية – بشكل خاص – على استهلاك الكحول أو التهاب كبدي محتمل ذو أهمية (في حالة العمل في الحقل الطبي، السفر خارج البلد، أو إصابة الشريك الجنسي.
* أما في الفحص الجسماني، فيقوم الطبيب المختص بإجراء اختبار حجم الكبد والطحال واختبار حافة الكبد، علاوة على ذلك فإنه يقوم بقرع البطن للتأكد فيما إذا كانت هناك أية سوائل في البطن. كما يقوم بملاحظة علامة الكبد (اصفرار الجلد، بروز الأوعية الدموية واحمرار اليدين).
* كما يساعد اختبار فحص الدم في تحديد مدى الأذية الكبدية، فعندما تكون قيمة المقادير التالية في الدم منخفضة فهذا يشير إلى نقص في الوظيفة الكبدية:
– بروتين الألبومين.
– إنزيم أسترة الكولين.
– عوامل التخثر.
أما القيم التالية فيشير ارتفاع مستواها في الدم إلى تشمع كبدي:
– البيليروبين.
– الأمونياك (في حالة التهاب الكبد).
– الأنزيمات الكبدية GLDH ،GPT(ALAT)، GOT(ASAT) .
* إضافة إلى أنه يمكن تحديد حجم وحالة الكبد بواسطة التصوير الطبي « الإيكوغرافيا – Echoghraphy »، وقد يتم اللجوء إلى التصوير المقطعي المحوسب (الطبقي المحوري) عندما تكون نتيجة التصوير بالإيكو غير واضحة.
أما إثبات استحالة النسيج الكبدي إلى نسيج ضام فيستلزم أخذ عينة من النسيج الكبدي.
4- سير المرض والإنذار:
خلال الطور المتقدم من سير المرض، يصبح الكبد عاجزا عن تعويض التراجع الوظيفي والقيام بمهامه، وهذا ما يسمى بـ « تشمع الكبد اللاتعويضي » الذي يؤدي إلى بعض الاختلاطات منها:
1.5- الحبن (استسقاء البطن):
هناك أسباب عديدة لاستسقاء البطن، منها تخرب النسيج الكبدي الذي يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم في الوريد البابي، وانخفاض نسبة البروتينات في الدم ومن ثمَّ نزوح السائل من الأوعية إلى تجويف البطن. علاوة على ذلك فإن حدوث فشل كلوي يؤدي أيضا إلى الحبن.
2.5- دوالي المريء:
كنتيجة لارتفاع ضغط الدم في الوريد البابي قد تنشأ بعض الدوالي في المريء. في هذه الأوردة أين يكون ضغط الدم مرتفعا، تكون احتمالية انفجارها كبيرة. لذلك يعد هذا النوع من الدوالي مهددا للحياة ويتطلب معالجة طبية عاجلة.
3.5- السبات الكبدي:
وهو مرض يصيب الدماغ و يحدث بسبب تشمع الكبد. حيث تعجز الخلايا الكبدية عن القيام بوظائفها وأهمها هدم الأمونياك، وبالتالي يصل هذا الأخير إلى الدماغ ويسبب أذية الخلايا العصبية وبالتالي يصاب المرضى بالاضطراب والنعاس، وقد يصل الأمر إلى حالات غيبوبة.
4.5- سرطان الكبد:
في حالة تشمع الكبد يزداد خطر الإصابة بسرطان الكبد « سرطان الخلية الكبدية – HCC » لذلك يخضع فإن مرضى التشمع كل ستة أشهر تقريبا إلى فحص وقائي لكشف سرطان الكبد، وخاصة أولئك الذين كان التهاب الكبد لديهم هو المسبب للتشمع إذ يكون خطر السرطان لديهم أكبر.
إن التنبؤ بتشمع الكبد يتعلق بكل من: العامل المسبب، الاختلاطات وطور المرض. فكلما تمت معالجة المرض الكبدي الأساسي بشكل أفضل كلما كان التنبؤ أفضل. وبالتالي فإن مرضى فرط استهلاك الكحول الذين يتوقفون بشكل دائم عن الشرب يحدث لديهم تنبؤ أفضل بخصوص التشمع من أولئك الذين لا زالوا يشربون. ومع ذلك فإنه لا يمكن استعادة النسيج الكبدي المتأذي، وكل ما يمكن إيقافه هو تطور التشمع.
يعتبر معدل الحياة لدى مرضى التشمع منخفضًا، وتتعلق احتمالية البقاء بطور المرض؛ ففي حالة تقدم المرض فإن 50% من المرضى يموتون خلال الخمس سنوات التالية.
إن أشهر مسببات الوفاة هي:
– الفشل الكلوي الحاد.
– نزيف دوالي المريء.
– سرطان الخلية الكبدية.
– تشمع الكبد.
5- العلاج:
يمكن إيقاف تقدم المرض من خلال إزالة المسببات في التوقيت الصحيح؛ كما يمكن بواسطة العلاج المناسب تحسين أعراض المرض علمًا أن الأذية التي تحصل في الكبد لا يمكن عكسها واسترجاع النسيج السليم. يشمل برنامج علاج تشمع الكبد ما يلي:
– تجنب كافة المواد المضرة للكبد خاصة الكحول وبعض العقاقير.
– علاج المرض المسبب للتشمع (كالتهاب الكبد أو فرط استهلاك الكحول).
– السيطرة على بعض الاختلاطات ومعالجتها (كالحبن أو دوالي المريء).
– اللجوء إلى زراعة الكبد.
6- ما يمكنك فعله حيال المرض:
هنالك عدة إجراءات تمكنك من تجنب المرض أو حتى دعم برنامج العلاج:
– احرص على أخذ لقاح التهاب الكبد بخاصة عند السفر خارج البلد.
– احرص على تجنب المواد الكيميائية السامة في محيط عملك، خاصة في المجال الصناعي والحقل الطبي.
– احرص على استشارة طبيبك عند تناول الفيتامينات وبعض العقاقير.
وتبقى النصيحة الذهبية هي في الابتعاد قدر المستطاع عن الكحول (أو على الأقل تناوله باعتدال).
المصدر: هنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغويّ: Amira Bousdjira
تعديل الصورة: Yasmin Gilani