ما هو التعلُّم الآلي ؟
التَّعلم الآلي (Machine Learning) هو أحد فُروع الذكاء الإصطناعي الذي يهتمّ بتصميمِ وتطويرِ خوارزميات وتقنيات تسمح للحواسيب باِمتلاك خاصيَّة “التَّعلم”. وبشكل عام هناك مستويَين من التَّعلم : الإستقرائي والإستنتاجي.
يقوم التعلم الإستقرائي باِستنتاج قواعد وأحكام عامَّة من البَيانات الضَّخمة.
تقَارَب التعلم الآلي من باقي التَّخصصات والمجالات
المُهمة الأساسية للتَّعلم الآلي هو اِستخراج معلومات قيِّمة من البَيانات، بالتالي هو قريب جدا من التنقيب في البيانات (data mining) والإحصاء والمعلوماتية النظرية. ويتضمن التَّعلم الآلي عددا كبيرا من حقول التطبيقات :
مُعالَجة اللُّغات الطبيعية (natural language processing) وتمييز الأنماط (syntactic pattern recognition) ومحركات البحث (search engines) والتَّشخيص الطبِّي والمَعلوماتية الحيوية والمعلوماتية الكيميائية، تصنيف تسلسلات الـ DNA، تمييز الكلام (speech recognition)، تمييز الكتابة handwriting recognition، وحتى تمييز الأشياء (object recognition)، رؤية الحاسوب (computer vision) الألعاب الاستراتيجية وتحريك الروبوت (robot locomotion).
من البرمجة إلى التَّلقين و التّعلُّم الآلي
لتَمكين البَرنامج من إنشاء حُلول بشكلٍ مستقل، يَلزم اِتخاذ إجراءٍ مُسبَق من جَانب المُطَوِّرين والمُبَرمِجين، على سَبيل المِثال، يَجِب إدخال الخَوارزميات والبَيَانات المَطلوبة في الأنظمة مُسبقًا ويجب تَحديد قواعد التَّحليل الخاصَّة بالأنماط المَوجودة في قاعِدَة البيانات (Data base)، وبمجرَّد الاِنتهاء من هاتين الخطوتين، يُمكن للنظام أداء المهام التَّالية عن طريق التعلم الآلي:
– اِستخراج وتلخيص البيانات ذات الصلة.
– عَمَل تنبُّؤات بناءً على بيانات التحليل.
– حِساب الاِحتمالات لنَتائِج محدَّدَة.
– التَّكيُّف مع بعض التَّطورات بشكل مستقل.
– تسارُع التَّصنيع.
بطريقةٍ ما، يَعمَل التَّعلُّم الآلي بطريقةٍ مُماثِلَة لتعلُّم الإنسان فعَلى سبيل المثال، إذا عُرِضَ على الطِّفل صَورٌ بها كائنات مُحددة، فيُمكنُه تَّعلُّم كَيفية التَّعرف عليها والتمييز بينها.
ويَعمَل “التَّعلُّم الآلي” بنَفس الطَّريقة مِن خِلال إِدخال البَيانات وبعض الأوامر، يَتم تَمكين الكُمبيوتر من “التَّعلم” لتَحديدِ كائناتٍ مُعينَة (الأشخاص، الكائنات، وما إلى ذلك) والتمييز بينَهُم. لهَذا الغرض، يتِم تَزويد البَرنامج بالبَيَانات والمُدرِّبين، فمثلا يُمكِن للمُبرمِج إخبار النظام بأن كائنًا معينًا هو كائن بشري “إنسان” وكائن آخر ليس كائنًا بشريًا “لا يوجد إنسان”.
يتلقَّى البَرنامَج رُدود فعلٍ مستمرة من مُبرمج، ويتم اِستخدام إشارات التَّغذِية المُرتدَّة هذِه بواسِطَة الخَوارزمية لتكييف النَّموذَج وتَحسينِه، ومع كلِّ مَجموعةِ بياناتٍ جَديدَة يتم إدخالُها في النِّظام، يتمُّ تَحسين النَّموذج بشكلٍ أكبَر بحيثُ يُمكن التَّمييز بوُضوح بينَ “البَشر” و”غير البَشر” في النِّهاية.
لكنَّ التعلم الآلي يَعني أكثرَ من مجرَّد التمييز بين فصلين، فمن خلال اِستخدام روبوت “تِنِس الطاولة” المُسمّى “كوكا” (KUKA) كمِثال، يُمكنُك أن تَرى كيفَ تقوم الآلة بمسحِ المُيول المُعقَّدَة وأُسلوب اللَّعِب لخَصمِها، والتكيُّف مَعَها وحتى تجعلَ بَطَلَ العَالَم يتعرَّقُ بهَذِهِ الطَّريقَة.
مَزايا التَّعلُّم الآلي
لا شكَّ أنَّ التَّعلُّم الآلي يُساعِدُ النَّاس على العَمَل بشكلٍ أكثَرَ إبداعًا وكفاءةً، كما يمكِّنُ أيضًا من تَفويضِ العَملِ المُعقَّد أو الترتيب تمامًا إلى الكُمبيوتَر من خِلال التَّعلُّم الآلي بِدءًا من المَسح الضَّوئي وحفظ المُستَنَدات الورقية وحفظها مِثل الفَواتير حتى تَنظيم الصُّور وتَحريرها.
وإضافةً إلى هذه المهام البسيطة، يُمكِن لآلات التَّعلُّم الذَاتي أيضًا أداءَ مهامٍ مُعقَّدَة، وتشمل التَّعرُّفَ على أنمَاط الخَطَأ مثلاً، كما تُعتَبَر هذه ميزةً كبيرةً لا سِيَما في مَجَالات مِثل الصِّناعة التَّحويليَّة والتي تَعتَمدُ على الإنتاج المُستمرّ والخَالي من الأخطاء، في حِين أنَّ الخُبَراء لا يَستطيعون في كثيرٍ من الأَحيان أن يَكونوا مُتأكِّدين من أينَ ينشأُ وكَيف يَنشَأ الخَطَأ في الإنتاج داخل المَصنَع، فإنَّ التَّعلُّم الآلي يُوفِّر إِمكانيَّة تَحديد الخَطأ مُبكرًا.
تُستخدَمُ الآن بَرَامج التَّعلم الذاتي في المجال الطبي بعد “اِستهلاك” كميَّات هائِلة من البَيَانات (المَنشورات الطبية، والدراسات، وما إلى ذلك)، وستَكون التَّطبيقات قَادِرة على تَحذير الطَّبيب في حَالَة رَغبتِهِ في وَصف دَواء لا يَستَطيع المَريضُ تحمُّلَه، وتعني هذه “المعرفة” أيضًا أن التَّطبيق يُمكنُه اِقتراح خِيارَات بَديلَة تَأخُذُ على سَبيل المِثَال في الاِعتبار أَيضًا المُتطلَّبَات الوِراثيَّة للمَريض المَعني.
أنظِمَة و أنواع التعلُّم الآلي
النُّظُم الرَّمزية وغَير الرَّمزية، تُعتَبَر الأَنظِمة شِبه الرَّمزية هي الأَهم لأنها عِبارة عن شَبَكات عَصبية إصطناعية، وهذِه تَعمَل على مَبدَأ العَقل البَشَري، حيثُ يَتم تَمثيل مُحتَويات المَعرِفَة ضِمنيًا، وتَلعَب الخَوارزميات دورًا أساسيًا في التَّعلُّم الآلي: فمِن ناحية، هي مسؤولَة عن التَّعرف على الأنماط، ومِن ناحية أُخرى، يُمكِنُها إيجاد الحُلول.
ويُمكِنُ تَقسيم هَذه الخوارزميات إلى فِئات مُختَلِفة:
التَّعلُّم الخَاضِع للإشراف (Supervised learning): في سِياق التَّعلم الذي يتمُ مُراقَبَتُه، يتمُّ تَحديد نَمَاذج الأمثلة مُقدَّمًا، ومِن أَجل ضَمَان تَخصيص المَعلُومَات بشكلٍ كافٍ لمَجموعَات النَّماذِج ذات الصِّلة من الخَوارِزميات، وَجَب تَحديدُها، بمعنى آخر يَتعلَّم النِّظام على أَسَاس أَزواج المداخل والمخارج المُحدَّدَة.
وفي سياق التعلُّم الخَاضِع للمُراقبة، يُقدِّم المُبرمِج الذي يَعمَل كنوعٍ من المُعلِّمين، القِيَم المُناسبة لمداخل مُعيَّنَة، الهَدَف مِن ذَلك هو تَدريب النِّظام في سِياق العَمَليات الحِسَابية المُتَعاقبة باِستِخدَام مداخل ومخارج مُختَلِفَة وإنشاء اِتصَالات.
التَّعلّم غَير الخَاضِع للرَّقَابة (Unsupervised learning): في التَّعلم غَير الخَاضِع للرَّقَابة، يَتعلَّم الذَّكاء الاِصطناعي دونَ قِيَم مُستهدَفَة مُحدَّدَة مُسبقًا وبِدون مُكافَآت، وهي تُستَخَدم أساسًا لتَقسيم التَّعلُّم (التجميع)، ويُحَاول الجِهاز هَيكَلَة وفَرز البَيَانات المُدخِلَة وِفقًا لبَعض الخَصَائِص، فمثلا يُمكِن للآلة (بكُل بَسَاطَة) أن تَتَعلم أنَّه يُمكِن فَرز العُملات ذات الألوان المُختَلِفة وفقًا لـ”اللون” المُمَيز من أَجل تَنظيمِها.
التَّعلم الخَاضِع للإشراف جُزئيًا (Partially supervised learning): التَّعلم الخَاضِع للإشراف جُزئيًا هو مَزيج من التَّعلم الخَاضِع للإشراف وغَير الخَاضِع للإشراف.
التَّعلُّم المُشجِّع (Encouraging learning): يَعتَمِد تَعزيز التَّعلُّم -تمامًا مِثل تَكييف سكينر الكلاسيكي- على المكافآت والعقوبات، ويتم تَدريس الخوارزمية عن طريق تفاعُل إيجابي أو سلبي والذي يجب أن يُحدِثَ ردود فعل لحالَةٍ مُعينة.
التَّعلُّم النَّشِط (Active learning) في إطار التَّعلُّم النَّشط تُمنح الخوارزمية الفُرصة لاِستعلام النَّتائج الخاصَّة ببيَانات الإدخال المُحدَّدَة على أَساس أسئِلة مُحدَّدَة مُسبَقًا تُعتَبَر هامَّة.
وعادةً ما تختار الخوارزمية نفسها الأسئِلَة ذات الأهمية العَالية.
التَّعلّم الآلي والتَطبيقات الأكثر شعبية
يتِمُّ تَطبيق “التَّعلم الآلي” على Netflix وAmazon بالإِضَافة إلى التعرُّف على الوُجوه على Facebook، وبالنسبةِ لَك كمُستخِدم، ينعَكِسُ الـ Machine Learning على إمكانية وضع عَلامات على الأشخاص على الصُّور التي تم تحميلها، وفي الواقع، لدى Facebook أَكبر قَاعدة بيانات للوجوه في العَالَم، يتم اِستخدام هذه البيانات التي يُغذيها المُستَخدِمون في الشَّبكة الإجتماعية بواسِطَة هذه القَاعدة لتَحسين وتدريب أنظِمَة التَّعلم الآلي من حَيث التَّعرف البَصَري.
تدقيق لغوي: أنس شيخ
تصميم: رامي نزلي