مر الطب البشري و البيطري بمراحل للوصول إلى دراسة وضائف كل الأعضاء في الجسم، بل كل الخلايا، و بالرغم من كل هذا ما زالت هناك عدة تساؤلات حول هذه الأعضاء الصغيرة المتعددة في كل الجسم، فما هي هذه الأخيرة، و لماذا أولاها العلماء اهتماما كبيرا في العقود الأخيرة ؟
نظرة العلماء القديمة للغدد اللمفاوية
حتى ثمانينيات و تسعينيات القرن الماضي، تم اعتبار الجهاز اللمفاوي جزءًا من نظام الأوعية الدموية (circulatory system)، حيث يؤدي وظائف نقل السائل اللمفاوي إلى الأعضاء، إلا أن هذه الأخيرة تمثل في الواقع خط الدفاع الأول في الجهاز المناعي (immune system)، حيث إنّها تحمي الجسم من البكتيريا أو الفيروسات التي قد تتسبب بحدوث الأمراض، إذ يوجد في جسم الإنسان المئات من الغدد الصغيرة المنتشرة في مختلف أنحائه، ولكنّ البعض منها موجود في مجموعات في أماكن رئيسية من الجسم مثل: الرقبة، وتحت الذراع، وفي الصدر، والبطن، والفخد، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأوعية الليمفاوية تشبه إلى حد كبير الأوردة التي تجمع وتحمل الدم عبر الجسم، ولكن بدلاً من حمل الدم تحمل هذه الأوعية السائل المائي الصافي المسمى بالسائل الليمفاوي ويكون تدفق السائل الليمفاوي داخل وخارج الغدد الليمفاوية وفي جميع أنحاء الجسم، وذلك قبل أن يعود إلى الصدر، وخلال هذه العملية فإنّ السائل الليمفاوي يقوم بتجميع المواد الضارة، مثل: البكتيريا، والفيروسات، ومنتجات النفايات الصادرة عن الجسم، وتقوم الغدد الليمفاوية بترشيح السائل وإطلاقه إلى مجرى الدم مع الأملاح والبروتينات (1) (2).
تغير نظرة العلماء مع تقدم الدراسات
سهّلت البحوث التفصيلية في القرن العشرين لأعضاء الجهاز اللمفاوي، والعقد الليمفاوية على وجه الخصوص، فَهْمَ الدور الدفاعي لهذا النظام، والذي يشارك في القضاء على الأجسام الغريبة (المذكورة في الفقرة السابقة) – شظايا الخلايا الميتة وعناصر الأنسجة الأخرى-. يتم امتصاص السائل المحتوي على هذه المواد ، من قِبل الشعيرات الدموية اللمفاوية، ويتدفق عبر أوعية خاصة إلى غاية الغدد الليمفاوية، والتي تعمل كمرشحات بيولوجية. فتقوم هذه الأخيرة باحتجاز الجسيمات الغريبة، حيث يتم التعرف عليها بواسطة الخلايا اللمفاوية ويتم التخلص منها بمساعدة البلاعم. و بالتالي فإن العقد اللمفاوية هي جزء من الجهاز المناعي، و هي في الوقت نفسه جزء من الجهاز اللمفاوي. تقوم بنقل السائل الليمفاوي إلى الغدد الليمفاوية و تلعب دور جرس إنذار في الدم (3).
مازال العلم قيد التطور، و الأبحاث تتوالى لفهم كل وضائف و تعقيدات الجسم البشري. ربما مازلنا نحتاج مئات السنين للتوصل لتفسيرات لكل هذا.
إعداد: فارس محمد أمين
تدقيق لغوي: زهير خساني