تكنولوجيا النانو في الطب
- ما هو صغير لدرجة أنك لا تراه، يمكنه أن يوقف مرض السرطان!
لتكنولوجيا النانو العديد من التعريفات، ولكن يمكن تعريفها بصورة عامة على أنها تطبيق واستخدام الأدوات والمواد التي يتراوح حجمها في حيز “النانومتر”، والناومتر يعادل واحد من المليون من الملليمتر، أي 9-^10 من المتر. ولتقريب المفهوم، يبلغ سمك شعرة رأس الإنسان حوالي 80,000 نانو متر، أمّا حاليًا فالعلوم المتطورة وصناعات تكنولوجيا النانو، تَستخدم أدوات يبلغ حجمها أقل من 1000 نانومتر!
وبالتالي فإن “طب النانو” هو تطبيق تكنولوجيا النانو في مجال الرعاية الصحية، ومعظم فوائد هذه التقنية -التي تمت تجربتها بالفعل- تتضمن استخدام جزيئات في حجم النانو لتحسين سلوك الأدوية والعقاقير (على هيئة أنظمة لتوصيل ونقل الأدوية).
واليوم، يُستخدم طب النانو عالميًا، حيث أن استخدامه وتطبيقه في مجالات الطب والعلاج، أصبح ينتشر يومًا بعد يوم ليشمل نطاقات ومجالات جديدة.
تطبيقات تكنولوجيا النانو في الطب:-
إذا كنت مريضًا بالسكري، وعليك حقن الأنسولين عدة مرات، أو كنت مريضًا بالسرطان، وتعاني من الأعراض الجانبية الشديدة من العلاج الكيميائي، فإن فوائد طب النانو في حمل وتوصيل الأدوية قد يُغير مجرى حياتك. فمنذ ثورة النانوتكنولوجي وخاصة في مجال الطب، تغيرت الكثير من مفاهيم العلاج وطرقها، وأصبح استخدام النانو دارجًا في علاج السرطان، تصلب الشرايين، الزهايمر، هندسة الأنسجة، القضاء على الأمراض المعدية، والكثير غير ذلك. ولعل استخدام تكنولوجيا النانو في محاربة مرض السرطان هو أكثر هذه التطبيقات إثارةً وأعظمها؛ لما لهذا المرض من قوة لم تستطع سُبل العلاج التقليدية التغلب عليها.
– جزيئات النانو كحاملات للدواء للخلايا السرطانية: تقوم فكرة هذه الطريقة على استخدام جزيئات في منتهى الصغر ( جزيئات نانونية )، لنقل العقاقير داخل الخلايا السرطانية، مما يسمح بالعلاج المباشر لهذه الخلايا، وذلك دون المساس بالخلايا والأنسجة السليمة، ومع ذلك فإن هذه الطريقة ما هي إلا واحدة من الطرق العديدة، التي يمكن من خلالها تسخير تكنولوجيا النانو للقضاء على مرض السرطان. فهناك طرق أخرى أكثر فعالية وأقل ضررًا للمريض، بعضها تم تخيله ليس أكثر، والبعض الآخر يمر بمراحل مختلفة من الاختبار، أو أنها بالفعل تُستخدم حاليًا.
قام العديد من الباحثين بربط مادة جلايكول الإيثيلين (Ethylene glycol) بجزيئات النانو، المسئولة عن إيصال الدواء أو العقار إلى الخلايا السرطانية، تقوم هذه المادة بمنع خلايا الدم البيضاء(الخلايا المناعية) من التعرف على الجزيئات النانونية كمادة غريبة عن الجسم، مما سيسمح لهذه الجزيئات وما تحمله من دواء بالمرور في الدم دون اعتراض الجهاز المناعي لها، مما يوفر لها الوقت الكافي لتصل إلى الخلايا السرطانية وتقضي عليها مباشرة.
على الرغم من ذلك، فإن علماء جامعة كاليفورنيا -سان دييجو- يعتقدون أنه يمكن زيادة فترة بقاء الدواء في الدم، عن طريق إحاطة جزيئات النانو بغشاء من خلايا الدم الحمراء، وقد أوضحت التجارب أن هذه الطريقة قد أبقت الدواء في دم الفئران لمدة تصل إلى يومين، بدلًا من الساعات المعدودة التي كانت توفرها مادة جلايكول الإيثيلين.
يتم أيضًا إضافة مواد بروتينية محددة على هذا الغشاء؛ حتى تستطيع جزيئات النانو من التعرف على الخلية السرطانية، وتقوم باقتحامها دونًا عن الخلايا الأخرى السليمة.
تُمكن هذه الطريقة برمجة توقيت بداية مفعول الدواء، مما سيزيد من فعالية العلاج وسيُخفِّض مدى السُّمية المعروفة لدى العلاج الكيميائي.
جزيئات النانو وأمراض القلب: طوّر الباحثون – بجامعة كليمسون – جزيئات من النانو تَستخدم البروتين، وتقوم بإيصاله إلى المناطق المصابة بجلطات بالشرايين وتلصقه بها، مما يمكن العقار من الوصول مباشرة للأماكن المصابة.
وقد أظهرت التجارب المعملية على الفئران أن استخدام جزيئات النانو لتوصيل العقار اللازم لإذابة التجلطات -TPA- (وهو عقار يتم حقنه بالوريد، ويعمل على إذابة التجلطات بجدار الشرايين، مما يعمل على تحسين سريان الدم بالمنطقة المصابة) يمكنه أن يقلل من الجرعة المطلوبة من هذا العقار، مما يقلل من الأعراض الجانبية المحتملة له (كالنزيف الداخلي)، ويتم ذلك عن طريق إلصاق هذه المادة بعناقيد من الجزيئات النانونية، التي تنفصل عن بعضها وتحرر العقار بالمنطقة المصابة فقط.
- وهكذا سيكون طب النانو هو المستقبل بعينه؛ لما يحمل في جعبته من معجزات يمكن تحقيقها. فكما تمكن الطب التقليدي في الماضي من علاج الكثير من الأمراض، فمن الممكن أن يكون التطور في هذا المجال هو النهاية المحتومة للأمراض المستعصية كالإيدز والسرطان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغوي: Mohammed Diab