في العام الماضي، بدأت الشرطة البريطانية في جنوب ويلز وليسيسترشاير ( South Wales and Leicestershire ) بتجربة تقنية التعرف على الوجه ( facial recognition technology ) لتعقب المجرمين المشتبه بهم عندما يكونون في الخارج. من الناحية النظرية، يجب أن يقلل هذا من الوقت الذي يُقضى في البحث عن منتهكي القانون وتحديد هوياتهم، لكن في الحقيقة، إنه نوع من الفوضى.
ذلك لأن تقنية التعرف على الوجه ليست في الواقع بتلك الكفاءة في التعرف على الوجوه.
خذ هذا المثال. خلال مباراة لكرة القدم عام 2017 بين ريال مدريد ويوفنتوس، تم تحديد هوية أكثر من 2000 مشجع عن طريق الخطأ على أنهم جناة أو مجرمون محتملون – من بين 2470 شخص تم إطلاق إنذار بشأنهم من قِبل نظام التعرف على الوجه، 2297 (92 بالمائة) حالة كانت عبارة عن إنذارات خاطئة.
يعتمد البرنامج على كاميرات لمسح وتحديد هوية الوجوه في الحشود ومن ثم التحقق منها بمقابلتها مع صورة من بنك صور السجن/الحجز القضائي، في حالة كان هناك تطابق، يقوم الشخص المناوب بأخذه بعين الاعتبار وتجاهله، أو، إذا ما وافقوا الخوارزمية، يتم إرسال فريق تدخل لاستجواب المشتبه به. ومع ذلك، تكمن مشكلة كبيرة في حقيقة أن هذه الصور غالبًا ما تكون رديئة الجودة وضبابية. هذا يعني أنه عليك فقط أن تشبه شخصًا غامضًا في إحدى صور السجن/الحجز القضائي ليتم وضعك على النظام كمجرم محتمل.
شرطي من جنوب ويلز اعترف في تصريح:” لا يوجد نظام للتعرف على الوجوه بنسبة 100%”.
كما أضاف ما مفاده أنه لم تكن هناك حالة واحدة وإنما عدة حالات كانت فيها النتائج الإيجابية الكاذبة، تفوق بكثير النتائج الإيجابية الحقيقية، بما في ذلك ملاكمة لأنتوني جوشوا، حيث تم تحديد 46 مشجعًا بشكل غير صحيح وكذلك في مباراة ويلز ضد أستراليا للريكبي حيث تم تحديد مرة أخرى 43 معجبًا بشكل غير صحيح.
قال مارتن إيفيسون أستاذ علم الطب الشرعي بجامعة نورثمبريا لـ “وايرد-Wired”: “أعتقد أن معدلات الإنذارات الكاذبة واقعية بشكل مخيب للآمال”، كما أضاف:”إذا حصلت على نتيجة إيجابية خاطئة، فأنت تشك بشكل تلقائي في شخص بريء تمامًا.”
هناك أيضًا مخاوف بشأن الخصوصية، لا سيما وأن الرقابة القانونية قليلة جدًا على هذا النوع من التكنولوجيا. تقوم مؤسسة Big Brother Watch، وهي مجموعة حقوق مدنية في المملكة المتحدة، بالتخطيط لحملة ضد تقنية التعرف على الوجه، والتي تنوي استحضارها في البرلمان في وقت لاحق من الشهر.
غردت المجموعة على تويتر:” لا تعتبر تقنية التعرف على الوجه تهديدًا للحريات المدنية فقط، بل هي أداة غير دقيقة بشكل خطير”.
ومع ذلك، يرى آخرون أن هذا النوع من المراقبة الجماعية ضروري للحفاظ على سلامة العامة في الأماكن المزدحمة.
وفي تعليق الشرطة عن الأمر، قال قائد الشرطة، اللواء مات جوكس-Matt Jukes ، للبي بي سي-BBC: “نحن بحاجة إلى استخدام التكنولوجيا عندما يكون علينا مراقبة عشرات الآلاف من الناس في هذه الحشود لحماية الجميع، ونحن نحصل على بعض النتائج الرائعة من ذلك”، وأضاف: “لكننا لا نستخدمها بتلك البساطة، ونحن جادون حقًا في التأكد من أنها دقيقة”. كما لا يمكن اعتبار عملية تبني هذه التقنية أمرًا فاشلًا كليًا. فشرطة جنوب ويلز تزعم أن التقنية ساعدت في القبض على 450 من المجرمين واعتقالهم، منذ إطلاقها في شهر جوان من عام 2017. ويقولون أيضًا أنه لم يتم اعتقال أي شخص على نحو خاطئ.
المصدر: هنا
تدقيق: زين العابدين لطرش.