يظن أغلبنا أنّ جسمه له وحده فقط، ولكن هذه المقولة غير صحيحة! حيث أنّ أمعاءنا تحتوي على تريليونات الخلايا البكتيرية، والتي قد تصل إلى أضعافٍ كثيرة من عدد الخلايا التي تحتويها أجسامنا!
وهنا لا داعي للخوف، فغالبية هذه الأنواع من الكائنات الدقيقة هي غير ضارة، وتسمى البكتيريا غير الممرضة، وأثبتت العديد من الدراسات أنّ هذه البكتيريا تساعد أجسامنا كثيرًا، فمثلًا تقوم هذه البكتيريا بالمساهمة في استخلاص الطاقة من الطعام، والتي تستخدم لاحقا في بناء أجسامنا وأجهزتنا الحيوية، وبذلك تساعد في الحصول على جسم صحي.
ولكن، بعض الدراسات الصغيرة مؤخرًا وجدت بعض الأمور التي استدعى التنبيه لها منذ البداية، حيث تم معاينة خمس نواحي لتأثير هذه البكتيريا غير الممرضة على أجسامنا.
-أولا: السمنة
وجدت دراسة حديثة أنّ الأشخاص الذين يعانون من السمنة لديهم بكتيريا في أمعائهم أقل من الأشخاص النحيفين، وكذلك وُجد لديهم زيادة ملحوظة في بكتيريا من نوع “Firmicutes” وبالمقابل نقص في بكتيريا من نوع “Bacterioides”. وبتجربة على الحيوانات المخبرية، حيث تم نقل بكتيريا من أشخاص يعانون من السمنة إلى حيوانات مخبرية، أصبحت هذه البكتيريا تساعد في إنتاج مركبات تشجع جسم الحيوانات المخبرية على زيادة الوزن، وكذلك عند نقل بكتيريا من الأشخاص النحيفين، ساعدت هذه البكتيريا الحيوانات المخبرية على التقليل من اكتساب الوزن.
-ثانيا: أمراض القلب
لا شك أنّ بعض أنواع الطعام تحتوي على العديد من المواد التي تزيد من إحتمالية الإصابة بأمراض القلب، ولكن بعض هذه الأطعمة أيضًا وُجد أن البكتيريا المغلفة للأمعاء تساعد على تحليلها وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.
-ثالثا: المناعة
ما نعلمه جميعنا هو أنّ الطعام يشكل موادًا خارجية تدخل إلى الجسم من العالم الآخر بالنسبة له، ويبدأ نشاط الجهاز المناعي مع الطعام في الأمعاء بشكل أكبر، وهذا التفاعل عندما يتم بالتنسيق مع البكتيريا يزيد من كفاءة جهاز المناعة. وفي دراسةٍ حديثة تَبيّن بأنّ تغذية الأطفال الرُّضع بحليب الأم فقط يزيد من تنوع البكتيريا في أمعائهم، وتحسين صحتهم، بينما الأطفال الذين يتلقون تغذية صناعية يختلف ملف أمعائهم البكتيري عن الوضع الطبيعي وبالتالي تغيير في الجينات المفعلة في أمعائهم وهذا ما يؤثر على صحتهم بشكل عام.
-رابعا: الدماغ
ممّا سبق، فإنّ أي خللٍ في البكتيريا الموجودة في الأمعاء يُؤدي إلى تغيير في الصحة، وهذا التغيير لا يستثني الدماغ، والتأثير على الدماغ يؤدي بشكل حتمي إلى تغيير في السلوك.
وفي دراسة حديثة، تبين أنّ تزويد الحيوانات المخبرية بالمضادات الحيوية التي تؤدي لقتل بعض البكتيريا في أمعائها، قلّلت من نسبة القلق والإكتئاب لدى هذه الحيوانات. ثم تبين أنّ سبب هذا التغيير هو بعض الإفرازات البكتيرية في الأمعاء التي تزيد من القلق والإكتئاب.
-خامسا: مغص الصغار
من المؤكد بأنّ البكتيريا الموجودة في الأمعاء وحسب ما ورد أعلاه لا تؤدي إلى أي آثار سلبية في وضعها الطبيعي، ولكن وجود بكتيريا غير طبيعية في الأمعاء يؤدي إلى خلل في بعض وظائف الجسم وسلوكياته، ومن دراسة أُجريت مؤخرًا، تبين أنّ بعض هذه الأنواع تسبب المغص للصغار والبكاء الشديد.
شملت هذه الدراسة الأطفال الذين يبكون لأكثر من ثلاث ساعات خلال اليوم دون أي سبب طبي، وتبين أنّه لديهم بكتيريا من نوع “Proteobacteria” بنسب أعلى من غيرهم. وهذه البكتيريا تُنتج غازات وبالتالي تُسبب ألمًا لهم، ومن ثم البكاء المتواصل أثناء وجود الغازات في أمعائهم، والمبشر في هذا الموضوع أنّه مع الوقت تبين بأنّ هذه البكتيريا وعندما تقل نسبتها في الأمعاء تذهب كل الأعراض المذكورة.
والجدير ذكره في هذا المجال، أنّ الإنتباه للطعام من حيث مضمونه ونظافته مهمٌ جدًا لما له من أثر كبيرٍ على صحّة الجسم والبكتيريا المفيدة المبطنة للأمعاء، والتي في حال تضررها أو اختلال توازنها تؤدي للكثير من المشاكل.
ولكن، تبقى هذه النتائج مبدئية لأنّها نتجت من دراسات صغيرة، وبحاجة لدراسات أكبر وأشمل حتى يتّم فهم الموضوع بشكل أوسع وأفضل. ولكننا في الباحثون الجزائريون وكما عهدتمونا ارتأينا إطلاعكم على آخر ما يتوصل له العلم، وخصوصا فيما يتعلق بصحتكم المباشرة.
المصدر: هنا
ـــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغوي:ف.عماد
مراجعة علمية:و.ياسين