يشرح (بيتر نالان) البروفيسور المُرافق في طب العائلة، والمدير العام لبرنامج الأطباء المرافقين في جامعة إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية.
الحمى هي ارتفاع غير عادي لحرارة الجسم، أكثر من الطبيعي. في العادة درجة حرارة الإنسان الطبيعية تكون حوالي 37.3 درجة مئوية صباحًا، وترتفع قبل النوم إلى حوالي 37.8 درجة مئوية، وهذا هو الطبيعي.
أما الغير طبيعي، وفي الحالة التي يمكن أن يُطلق عليها حمى، فيجب أن تتجاوز ال38 درجة مئوية.
كما تختلف درجة الحرارة باختلاف مكان قياسها، فمثلًا قياس الحرارة سطحيًا (تحت الإبط) سيعطي رقمًا أقل من درجة الحرارة الباطنية، والمقاسة تحت اللسان أو المستقيم بمقدار 0.5 درجة مئوية. لذلك يقوم العاملون في المجال الطبي بقياس درجة الحرارة السطحية، ويزيدون الفرق “0.5” لتقدير درجة الحرارة الداخلية الفعلية.
إن وجود الحمى في العديد من الحالات، يكون نتيجة لاستجابة الجهاز المناعي. حيث تقوم هذا الأخير بتدعيم دفاعات الجسم البشري ضد الجراثيم (بكتيريا وفيروسات)، التي لا تستطيع التكاثر عند ارتفاع درجات الحرارة. لذلك يُنصح بعدم استعمال أدوية مخفضة للحرارة عند الإنسان البالغ، لتوفير الفرصة للجسم لكي يدافع عن نفسه – إلا في حالة الأطفال وكبار السن، أين يمكن أن تتسبب الحرارة العالية في اضطرابات عصبية حادة، ونقص كبير في كمية المياه في الجسم.
الجراثيم المُسببة للإلتهابات ليست هي الوحيدة المسببة للحمى، فالانقطاع عن شرب الكحول والإصابة بضربات الشمس تتسبب فيها أيضًا.
الهيبوتالميس (hypothalamus) الموجودة في الدماغ، هي العضو المسؤول عن مراقبة وضبط درجة الحرارة في جسم الإنسان. إذ تعمل على استشعار المواد الكيميائية المُسببة للحمى، والتي تدعى (pyrogens) والتي تصل إليها من المواقع التي تحدث فيها استجابة مناعية عبر الدم، ومن جملة هذه المواد الهيستامين والبروستاغلوندين. وبذلك تقوم الهيبوتالميس بإعطاء الأمر لرفع درجة الحرارة، وإبقائها مرتفعة لمساعدة الجهاز المناعي في التصدي للإعتداء.
أيجب على الإنسان الامتناع عن تناول الطعام خلال نوبات الحمى؛ كما يقول المثل الأمريكي “أطعم الزكام، جوع الحمى” (Feed a cold, starve a fever)؟
الإجابة: نعم.
أولا: خلال نوبات الحمى كل قوى الجسم تنصب على مقاومة الاعتداء الجرثومي، وكل وجبة يتم تناولها تحفز الجهاز العصبي المثبط (para sympatic) المسؤول عن عملية الهضم، في حين أن الجهاز العصبي المنشط (sympatic) يكون بالفعل يعمل من أجل تنشيط الجهاز المناعي. مما يمكن أن يخلق تداخلًا.
ثانيًا: يُمكن أن يتم اعتبار بعض المواد الممتصة بعد عملية الهضم، موادًا مسببة للحساسية، وذلك أثناء نوبات الحمى.
وأخيرًا: في بعض الحالات النادرة والحادة، يمكن للحمى أن تسبب فقدانًا حادًا للمياه وانخفاضًا في ضغط الدم، وكذلك انهيار الشرايين الدموية، وكل هذا يمكن أن يزداد سوءًا بعد تناول الطعام.
بالرغم من أن الحمى في الكثير من الأحيان، تكون عاملًا مساعدًا للجهاز المناعي، ويجب احتارمها عند الأشخاص البالغين والقادرين صحيًا، إلا أنه من الممكن أن ترتفع بشدة مسببة اختلالات ومشاكل عديدة، منها فقدان المياه ومشاكل عصبية خاصةً عند الأطفال وكبار السن.
كما أن المعاناة من درجات حرارة عالية جدًا، تفوق 41 درجة مئوية لمدة طويلة نسبيًا من الزمن، تُسبب اختلالات في تركيب بروتينات وإنزيمات الجسم البشري، وبذلك تقلل من فعالية عمل هذه الأخيرة، مُسببة العديد من المشاكل، منها معاناة الخلايا، مشاكل توزيع الدماء بشكل صحيح للأنسجة والأعضاء، مما قد يسبب الغنغرينا في الحالات النادرة جدًا.
كما يمكن أن تصاب الهيبوتالميس نفسها باضطرابات، مما يسبب انخفاضًا في درجة الحرارة عوض ارتفاعها.
المصدر : هنا
ــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغوي: Mohammed Diab