رؤية شيء ما بالتزامن مع سماع صوت قادم من مكان آخر، من الممكن أن يؤدّي إلى ظاهرة “الوهم الباطني”، والتأثيرات التي تليه. لكن الباحثين يقترحون أنه ببساطة، تخيل الشّيء يكفي لإحداث النتائج التخيليّة.
يقول الباحث Christopher C. Berger، من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا “إن المعلومات الحِسيّة التي نتخيلها، غالباً ما تُعالج في الدماغ في نفس السبيل، حيث يتدفق إلينا سيل المعلومات قادماً من العالم الخارجي.“
ويُضيف “يوضح عملنا أن ما نتخيله في “عقلنا”، يمكن أن يؤدّي إلى تغييرات في الإدراك عبر أنظمتنا الحِسيّة، وتغيير طريقة إدراكنا لمعلومات حقيقية من العالم من حولنا في المستقبل “. يقوم الدّماغ باستمرارٍ بدمج المعلومات من الحواس المتعدّدة، لإنتاج إحساس متكامل للعالم. وهذه العمليّة عمليّة سلسة، وقابلة للتكيُّف. على سبيل المثال، في الوهم الباطني ، يُحوَّل الموقع المدرك للصّوت، باتجاه موقع التحفيز البصري، إذا ما تم تقديمهما في نفس الوقت. وإذا ما كان هذا الاقتران متكرّراً، فسيستمر الوهم كتأثيرات لاحقة، حتى عندما يختفي المنبّه البصري، ونسمع الصوت فقط. قد نحب أن نعتقد أن المشاهد والأصوات في العالم الحقيقي، تختلف بشكل كلي عن التّخيُّلي، ومع ذلك، فإن بيانات تصوير الدماغ تُشير إلى أن التمييز بين الواقعي والمتخيل ليس واضحًا تمامًا. ونظراً لهذا التداخل، فإن Berger والمؤلف المساعد H. Henrik Ehrsson، افترضوا أن التأثيرات البُعدية للوهم الباطني، تحدث مع المنبهات التي تتم مشاهدتها وتصوّرها.
وقد اختبروا فرضيتهم بسلسلة مؤلفة من ستة تجارب. في مرحلة التكيُّف، تخيل المشاركون دائرة تظهر في موقع محدد على الشاشة، في نفس الوقت الذي سمعوا فيه ضجيجًا عشوائياً قادمًا من أحد المواقع الثلاثة خلف الشاشة (مثلاً … اليسار ، الوسط ، اليمين). في مرحلة الاختبار، سمعوا رشقاتٍ نارية من الضوضاء العشوائية، المنبثقة من مواقع عشوائية معينة، وأشاروا إلى ما إذا كانت الضوضاء تأتي من الجانب الأيسر أو الأيمن من الشاشة. وأظهرت النتائج أن تخيّل دائرة في وقت واحد مع أصوات السمع، كان كافيا للحث على الوهم الباطني. بعد ذلك، كانت استجابات المشاركين في مرحلة الاختبار متحيزة وفقا لاقتران الصوت والصورة المحدد الذي واجهوه خلال مرحلة التكيُّف. يقول Berger “لقد فوجئنا عندما اكتشفنا أن التأثيرات على إدراك المشاركين للفضاء الصوتي كانت قوية تقريباً بنفس النسبة للمنبهات المتخيَلة، كما كانت بالنسبة للمنبهات البصرية الحقيقية”. ويضيف “هذا هو ما نتخيل رؤيته يمكن أن يؤثر على إدراكنا المستقبلي للصوت بقدر ما نرى في الواقع”.
ومع ذلك، يجب أن تكون الأصوات التي تظهر في المرحلتين متسقة. في أربع تجارب، ظهر الوهم الباطني نتيجةً للتّصورات الذهنية والمؤثرات البصرية، لكن فقط عندما استُخدِم في مرحلتي التكيّف والاختبار نفس اللحن. ولم تظهر التأثيرات اللاحقة عندما استُخدِم في مرحلة التكيّف لحنٌ وفي مرحلة الاختبار ضوضاء عشوائية. يأمل كل من Berger و Ehrsson في مواصلة التحقيق في تداخل المعالجة بين الصور الذهنية والإدراك البصري. وكتبوا أن البحوث في هذا المجال، قد يكون لها في نهاية المطاف تطبيقات في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك إعادة التأهيل بعد الإصابة بالسكتة الدماغية، وتطوير واجهات المخ، والكمبيوتر، والأطراف الاصطناعية العصبية.
تدقيق لغوي: جيلالي زرّوخي
المصدر: هنا