فيروس أم بكتيريا ؟!
لطالما ترددّت على مسامعنا الفيروسات والبكتيريا… لكن كثيرًا منّا يجهل حقيقة تلك الميكروبات المتناهية الدّقة، وماهو الفرق بينها في الأساس ؟
من المعروف – بصورة عامة – أنّ الفيروسات والبكتيريا هي كائنات متناهية الصغر وهي كذلك المسؤولة عن مختلف أنواع العدوى والأمراض التي قد تصيب الإنسان… لكن بالتأكيد لكلٍ منهما خصائصه التي تميّزه عن الآخر، فيما يلي وصفٌ مبسّط لكلٍ منهما.
# أولا : البكتيريا :
البكتيريا هي نوعٌ من الميكروبات تتميّز بأنّها وحيدة الخلية، أي أنّها خليةٌ واحدةٌ محدّدة بغشاءٍ خلوي، لكنّها مع ذلك لا تحتوي على نواة حيث أنّ محتواها الجيني من الـ DNA والـ RNA يوجد عائمًا في السائل الخلوي أو كما يسمى “السيتوبلازم”، وهي بذلك تُعتبر كائنات حية على عكس الفيروسات.
بالنظر إلى حياة البكتيريا، سنجد أنّها تستطيع أن تعيش بداخل “مضيف” أي بداخل خليةٍ أخرى، أو متواجدةٌ بصورةٍ حرةٍ على الأسطح أو حتى على النباتات، فهي لا تحتاج أن تسخّر خليةً أخرى لخدمتها حيث أنّها تحتوى على المعلومات الوراثية (الجينات) اللازمة لتتمكن من الإنقسام ذاتيا، فهي تتكاثر بالإنشطار الثنائي البسيط، وإذا ما توافرت الظروف المناسبة من الحرارة والتغذية، يمكن لبعض أنواع البكتيريا أن تتضاعف كلَ 20 دقيقةً، لذلك يمكننا القول أنّ البكتيريا تعيش بين الخلايا وليس داخلها.
من المفاهيم الخاطئة لدى البعض، أنّ البكتيريا دائمًا ضارة، وهذا بالتأكيد غير صحيح، فهؤلاء لا يعلمون أنّ أجسادهم تحتوي على أعدادٍ مهولةٍ من البكتيريا النافعة، فعلى سبيل المثال توجد أعدادٌ ضخمةٌ من البكتيريا المسؤولة عن تكوين فيتامين (ك) في الأمعاء (وهو يعتبر عنصرًا أساسيًا في عملية تجلُّط الدم ومنع النزيف)، وكذلك تعتبر بكتيريا (إيشيريشيا كولاي) مفيدةً في بعض الأحيان رغم الإعتقاد السائد بأنّها ضارة، فطبقًا لدراسةٍ يابانيةٍ تمّ إصدارها في عام 2005 ونُشرت في جريدة “Inflammatory Bowel Disease”، وُجد أنّ بعض أنواع الإيكولاي تساعد في منع إلتهاب القولون التقرحي.
يُعتبر إكتشاف المضادات الحيوية للعدوى البكتيرية أحد أهم الإكتشافات في تاريخ الطب، فهي تُعّد السلاح الأقوى في مواجهة البكتيريا والقضاء عليها، لكن لسوء الحظ، فإنّ البكتيريا تُعتبر كائنات سريعة التكيف، فالإستخدام المفرط للمضادات الحيوية قد أكسبها مناعةً ضدّها ممّا جعلها أكثر خطورة وأصعب في التخلص منها.
# ثانياً : الفيروسات :
تُعد الفيروسات أصغر وأبسط أنواع الحياة المعروفة، فهي أصغر بمقدار من 10 إلى 100 مرّة من البكتيريا، وجديرٌ بالذكر أنّ الفيروسات كائنات غير خلوية، أي أنّ ليس لها خلية محددة بجدارٍ خلوي، لكنّ محتواها الجيني من الـ DNA أو الـ RNA يوجد محاطًا بغشاءٍ بروتيني.
على عكس البكتيريا، فإنّ الفيروسات تحتاج إلى “مضيف”، أي خلية أخرى كي تستطيع التكاثر، كمثال على ذلك يوجد نوعٌ معروفٌ من الفيروسات تعرف بـ (لاقمات البكتيريا – Bacteriophage) التي تستطيع أن تثبّت نفسها على الخلية البكتيرية ثم تقوم بنقل مادتها الوراثية ( الـ DNA/RNA) إلى داخل البكتيريا، وبذلك تكون قد سخرّت الحمض النووي للبكتيريا كي يقوم بتخليق العديد من الفيروسات الأخرى بداخلها، ثم تنفجر تلك الخلية البكتيرية محررةً أعدادًا هائلةً من الفيروسات التي تقوم بدورها بالتكاثر بداخل خلايا بكتيرية أخرى، لذلك يُمكننا القول أنّ الفيروسات تعيش بداخل الخلايا وليس بينها.
تُعتبر الفيروسات ضارةً بصفةٍ عامة، وهي المسؤولة عن الكثير من الأمراض الشائعة كالإنفلونزا، فعندما تستخدم جسم الإنسان كـ “مُضيفٍ” لها وتتكاثر بداخل خلاياه، تُسبّب له العدوى والإعياء.
لا يمكن القضاء على الفيروسات تمامًا، حيث أنّ الطبّ لم يتوصل بعد لعلاجٍ قادر على قتلها، لكن ما تمّ التوصل إليه من أدويةٍ متعارف عليها -للإنفلونزا على سبيل المثال- هي في الأساس أدويةٌ للقضاء على الأعراض كإرتفاع الحرارة، آلام الجسم والعضلات، والسعال، أمّا بالنسبة لما يُعرف بالـ “لقاحات” فهي تساعد على منع إنتشار الفيروسات وكذلك تساعد على إكساب الجسم المناعة الكافية للقضاء عليها.
فيما يلي جدولٌ يلخّص أهمّ أوجه الإختلاف بين البكتيريا والفيروسات:
وجه المقارنة | البكتيريا | الفيروسات |
التكاثر | الإنشطار الثنائي (صورة من التكاثر اللاجنسي) | غزو خلية مضيفة وإستخدامها لعمل نسخ من جينات الفيروس |
عدد الخلايا | وحيدة الخلية | لا تتكون من خلايا |
المادة الوراثية (DNA/RNA) | تطفو بحرية في السيتوبلازم | محاطة بغشاء بروتيني |
العلاج | المضادات الحيوية | اللقاحات تمنع الإنتشار ومضادات الفيروسات تبطء تضافعها لكن لا تمنعها بالكامل |
الفوائد | بعض البكتيريا مفيدة | ضارة بصفة عامة |
الحجم | كبيرة (أكبر من 1000 نانومتر ) | صغير(20-400 نانومتر) |
المصادر :-
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
تدقيق لغوي: عماد الدين فرفاش