أخذ الباحثون من جامعة كامبريدج نظرة خاطفة على المجال السري لميكانيكا الكم. ففي ورقة نظريّة نُشرت في مجلة (Physical Review A)، أظهرت أنّ الطريقة التي تتفاعل بها الجسيمات مع بيئتها يمكن استخدامها في تتبعها عندما لا تكون تحت المراقبة، والتي كان يُعتقد سابقًا أنّها عملية مستحيلة.
واحدة من الأفكار الأساسية في نظرية الكم هي أنّ الكائنات الكموميّة يمكن لها أن تُوجد كموجة وجسيم على حد سواء، وأنّها لا يُمكن أن تستقر على حالة واحدة من الحالتين حتى يتم قياسها، هذه الفرضية بالذات هي التي طرحها إرفين شرودنجر في تجربته الفكرية الشهيرة، التجربة التي علّقت قطة صغيرة بين الحياة والموت داخل صندوق مغلق، فلا هي حية ولا ميتة حتى يُفتح الصندوق. لكن في الآونة الأخيرة، واجه الفيزيائيّون هذه المسألة، وأثبتوا أنّه ليس من المستحيل تتبع الجسيمات الكمية غير المرصودة.
يقول ديفيد أرفيدسون شوكور، وهو طالب دكتوراه في مختبر كافينديش في كامبريدج، ومؤلف الورقة : “إن هذه الفرضية، التي يشار إليها عادة باسم دالة موجة، استخدمت كآداة رياضية أكثر منها تمثيل للجسيمات الكمومية الفعلية، ولهذا السبب اتخذنا التحدي المتمثل في إيجاد وسيلة لتتبع التحركات السرية للجسيمات الكمومية”.
وضمن هذه الدراسة الجديدة، أَظهر الباحثون أنّه من خلال دراسة الطريقة التي يتفاعل بها كائن الكم مع بيئته بدلًا من قياس الكائن نفسه، يمكّننا ذلك من تتبع هَذا الأخير دون رصده.
أرفيدسون شوكور بالتعاون مع شركائه البروفيسور كريسبين بارنز من مختبر كافنديش وأكسل غوتفريز، وهو طالب دكتوراه من كلية الإقتصاد، عرضا طريقة للعلماء لتخطيط هذه التفاعلات ودراستها، ممّا يسمح لهم بمتابعة حركة الجسيمات الكمومية، ويتيح لهم نظرة أَكثر عمقًا في سلوكياتهم.
النطاق المحظور:
هذه الطريقة الجديدة لتتبع الجسيمات الكمومية غير المرصودة تَسمح كذلك للعلماء باختبار التنبؤات القديمة في ميكانيكا الكم. وتشمل هذه التنبؤات أفكار عدة، كفكرة توَاجد الجُسيم في مكانين مُختلفين في نفس الوقت، أو اقتراحات مثل: التخاطر الذي يُمكّن من إنتقال المعلومات بين شخصين اثنين دون أيّ جُسيمات تَنتقل بَينهما.
كمَا وَجدوا أنّ المَعلُومات المُشفرة في الجسيمَات تَرتبط ارتباطًا مباشرًا بدالّة الموجة التي فرضها شرودنجر قبل قرن. فقد كان يُعتقد سابقًا أنّ دالة الموجة أداة حسابية مجردة للتنبؤ بنتائج التجارب الكمومية. يقول أرفيدسون شوكور: “تُشير نتائجنا إلى أنّ دالة الموجة تَرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحالة الفعلية للجُسيمات. لذلك، كنّا قادرين على استكشاف المجال المحظور للميكانيكا الكم: تحديد مسار الجُسيمات الكمُومية عندما لا تكون تحت المراقبة.”
يمكن أن يُساعد هذا البحث على دعم الجُهود المُستمرة لفهم حركة وسلوك الكائن الكمي.
تدقيق لغوي: لمونس جمانة.