أدّى التطوّر التكنولوجي الحاصل في شتّى الميادين، إلى تغيير نمط الحياة وتسهيلها، إضافةً إلى إيجاد الكثير من الحلول، لمشاكل تقنية، كانت بالأمس القريب تُعتبر من المُستحيلات. فمثلاً: مُشكلة طفو المواد فوق الماء، مقاومتها وخفتها لم تعد حكراً على معادن معينة فقط، وهذا بفضل المواد المُركّبة (Composite materiels). والتي أصبحت اليوم إلى جانب ميزاتُها الميكانيكية تتمتّع بخصائص كهربائية، تُمكّنُها من نقل المعلومات وبشكلٍ مبتكرٍ، ما أُصطُلِحَ على تسميتهِ “المواد الذكية”- (Smart materiels)، ولعلَّ أهم عاملٍ ساهمَ في هذهِ (الطفرة) – التقنية في علم المواد – هو (التَطوّر) الحاصل في علوم وتقنيات النانو. (Nanotechnologies). فيما شكّل اكتشاف أنابيب الكربون النانوية (Carbon nanotubes) مَطلعَ تسعينيات القرن الماضي، من طرف (Lijima) أثناء عملهِ في مُختبرات شركة (NEC). الحدث الأبرز ونقطة التحوّل في تاريخ تكنولوجيا النانو.
فما هي أنابيب الكربون النانوية؟
هي ببساطة: عبارة عن مادة على شكل أنبوب مصنوعة من الكربون (الجرافيت) مُترابطة فيما بينها على شكلِ حبالٍ وذلك بفضل القوى الذريّة (Van Der Waals forces) حَيثُ ترتبطُ ذرات نِهَايَتَيّ الشريحة مع بعضها، لتُغلق الأنبوب. تكون إحدى نِهَايَتَيّ الأنبوب – في الغالب – مفتوحة والأخرى مُغلقة على شكلِ نِصف كُرة، و هي ذات قطرٍ صغيرٍ جداً يُقاس بـ”النانومتر”، النانومتر هي: وحدة قياس للطول وتساوي واحد من المليار متر، ولكي نعرف مدى صغر النانو فهو واحد إلى (عشرة آلاف) من سُمك شَعرة الإنسان. فهو فعلاً صغيرٌ جداً ولا يُرى بالعين المُجرّدة.
تتكوّن جميع أنواع أنابيب النانو الكربونية من الكربون، ولكنها تختلفُ من حيث الطول والسَماكة، وعدد الطبقات، مِمّا يُغيّر من خصائِصها الكهربائية، تبعاً لهذهِ الاختلافات، فأحياناً تَتصرّف كالمعادن، وأحياناً أخرى كأشباه الموصلات. الجدير بالذكر، أن (الجرافين) يُصنّف كشكل من أشكالِ الكربون. عادةً يترواح قُطر أنابيب الكربون النانوية من (1) نانومتر إلى (50) نانومتر، ويتراوح طولها من عدّة (ميكرومترات) إلى عدّة (سنتيمترات) حسب التَطوّرات الحالية في صناعة أنابيب الكربون النانونية. ويُمكن تصنيف الأنابيب النانوية الكربونية حسب هياكلها، إلى ثلاثة أنواع:
1 – انابيب الكربون النانوية، أحاديّة الجدار، أو ذات طبقة واحدة.(Single-Walled Carbon Nanotubes)،
2 – أنابيب الكربون النانوية مزدوجة الجدار أو مزدوجة الطبقات. (Double-Walled Carbon Nanotubes)،
3 – أنابيب الكربون النانوية متعددة الجدران أو متعددة الطبقات. (Multi-Walled Carbon Nanotubes).
ما هي خصائص أنابيب الكربون النانوية؟
تُظهرُ الأنابيب النانوية الكربونية، مزيجاً فريداً من الصلابةِ والقوةِ وخفة الوزنِ، بالمقارنةِ مع غيرها من المواد، التي عادةً ما تفتقر إلى واحدٍ أو أكثر من هذه الخصائص. وتَتميّز بِمُوصّليّة حرارية (~ 3500 W/m.K) وكهربائية عالية جداً، مُقارنةً بغيرها من المواد المُوصّلة. تُعادلُ صلابتها صلابة أقوى المواد، وهو الألماس، وتتميّز بمقاومةٍ للشدّ، أقوى من الحديد بأكثر من (مائة) مرة، ولها قُدرة تَحمّل للصدمات، تفوق قوّة الحديد الصُلب بخمسٍ وعشرين مرة. إضافة إلى مُرونَتها ومَتانَتها وخفّة وزنها. كل هذهِ المُميّزات العجيبة، تجعلها المادة المُفضّلة بلا مُنازعٍ في كثيرٍ من الصناعاتِ والتطبيقات.
كيفَ تُصَنَّع؟
يُمكن تصنيع أنابيب الكربون اعتماداً على ثلاث طرائق رئيسية وهي:
1 – التذرير بالليّزر (Laser Ablation)،
2 – انفراغ القوس الكهربائي (Arc Discharge)،
3 – ترسيب البخار الكيميائي (Chemical Vapor Deposition) – والاخيرة – هي الطريقة الأكثر استخداماً،
ما هي التطبيقات المُحتملة الأنابيب النانوية الكربونية?
–التطبيقات الطبية والبيولوجية كثيرة وتشمل علاج السرطان، توصيل الدواء والنسخ الجيني للـ (ADN)، تطبيقات الاستشعار.
-النقل الكهربائي
-توليد الهيدروجين وتخزين الطاقة
-أغشية تصفية المياه
-هياكل الطائرات، والسفن، والصواريخ والمركبات الفضائية-
الأسلحة الثقيلة
-المركبات والطلاءات
-تحسين مردودية الخلايا الشمسية
-صناعة الروبوتات النانوية، والآليات الدقيقة [1] [2]، إضافةً إلى حسّاساتٍ للضغط، ديودات عضوية، أنواع من السيراميك الناقلة للكهرباء، مواد للحماية من الأشعة فوق البنفسجية، بوليميرات بناقلية كهربائية،و مواد عازلة مُتعدّدة الخواص.