(..تأتي متأخّرة دائمًا تلك الأشياء التي نريدها، أجمل ما في الأمنيات أنّها تولَد احتمالًا) أحلام مستغانمي .
أحمد التقى بالفتاة التي يُحب وبعد نقاش طويل اكتشف أنها متزوجة وتعيش حياةً سعيدة مع زوجها، وأنّه لم يصارحها أبداً بحبه لها من قبل، وعند رجوعه للمنزل أصبح يفكر ويقول “آه لو” قلت لها أني أحبك، (آه لو ..آه لو..) وهكذا ويلوم نفسه ودخل في صراع فكري وتخيلات كيف كانت ستكون حياته إذا صارحها وكانت هي زوجته.
وإذا كنت من محبي الأفلام وخاصةً أفلام الأبطال الخارقين فقد تكون شاهدت، مقطع من فلم الرجل العنكبوت “spiderman” في بداية الفلم حيث لم يقم “بيتر باركر” بإيقاف السارق وقام السارق بقتل عم بيتر وأصبح بيتر حزين، ويقول: (ماذا لو؟، “آه لو أوقفت السارق لكان عمي الآن حيًا، و دخل في دوّامة من الأفكار وأصبح هدفه الآن مُحاربة الجريمة).
ال”آه لو” أو إسمها العلمي (Counterfactual thinking): ويبدأ الموضوع، عندما يمر الإنسان بمواقف تضعه تحت ضغط نفسي، ويشعر بالعجز والضعف أمامها وبالتالي يبدأ يُمرن عقله وتفكيره على هذه المواقف وإذا تكررت مرّة ثانية يكون مستعدًا لمواجهتها، فبساطة ثأثير “الآه لو” مُصمم لمساعدتنا وليس السيطرة علينا.
وكتب دوستويفسكي:
(…”هكذا إذًا؟” ثم أجبت حاسمًا: “نعم” أي سأنتحر، وكنت أعلم أنني على الأرجح سأنتحر في تلك الليلة لكن إلى متى سأجلس على مقعدي قُرب الطاولة قبل أن أفعل هذا، لم أكن أعلم. ولا شك عندي أنني كنت انتحرت لو لم ألق تلك الطفلة في الليلة نفسها في الشارع، رغم أنّ الأشياء من حولي لم تكن تعنيني، إلا أنني كنت أحس -على سبيل المثال- بالألم. فلو ضربني شخص ما لشعرت بالألم. والأمر مماثل فيما يتعلق بالمسائل الأخلاقية والوجدانية: فحين يحدث أمر محزن جدًا، أشعر بحزن عميق كما كَان شأني عندما كنت أكترث بالدنيا من حولي. لقد شعرت بالشفقة منذ قليل: كان بإمكاني أنّ أساعد تلك الطفلة دون تردد، (آه لو) فلماذا لم أفعل؟ لعلها تلك الفكرة التي انبجست عندما كانت البنت تشدني من كمي وتدعوني لنجدتها…) 1
وتعود المشكلة في حالة الـ “آه لو” أن يكون سبيل للمساعدة والتفكير وعدم الوقوع في نفس المشاكل والمصاعب يتحول إلى وسيلة لتحريف الواقع والبقاء في الماضي وبالتالي الشعور بالراحة بعد اقتراف الأخطاء، فذكاء الإنسان وصدقه مع نفسه هو الذي يجعله يستخدم الـ”آه لو” وسيلة لمصلحته وفاِئدته بدل من تقيده وقهره.
إعداد: عادل لبراوي
تدقيق لغوي: لمونس جمانة
المصدر: هنا
1. رواية حلم رجل مضحك، فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي.