Site icon الباحثون الجزائريون – Algerian Researchers

هل بإمكان الذكاء الاصطناعي أن يكشف عن ميولك الجنسي؟

https://www.freepik.com/free-vector/students-programming-humanoid-bipedal-robot_1311246.htm

تصدر ” العلماء “العناوين في جميع أنحاء العالم، بعد انتشار الأخبار عن الذكاء الإصطناعي (AI) الذي يتم تدريبه على تحديد التوجه الجنسي للناس وبدقة عالية من خلال صور وجوههم. ووفقًا للدراسة، تقوم هذه الشبكة العصبيّة الإصطناعيّة عند النظر إلى الصور بالتمييز بدقة بين الرجال المثليين ومحبّي الجنس الآخر بنسبة 81% على الإجمال (و74% بالنسبة للنساء). هذا الخبر لم يَستغرق وقتًا طويلًا لإثارة ضجة.

أصدرت المجموعات المهتمة بالجنس والتنوع الجنساني (GLAAD) وكذا حملة حقوق الإنسان (HRC) بيانًا مشتركًا، استنكرا فيه ما أسمياه ” البُحوث الخَطيرة والمُعيبة التي يُمكن أن تضر بأصحاب الميول الجنسية الغيريّة والمثليين في جميع أنحاء العالم “.

تم تدريب الذكاء الإصطناعي من قبل باحثين من جامعة ستانفورد على أكثر من 35 ألف صورة عامة للرجال والنساء مصدرُها مَوقع التعارف الأمريكي. واستخدم الذكاء الإصطناعي نموذجًا تنبؤيًّا يسمى بالإنحدار اللّوجيستي لتصنيف المُيول الجنسيّة للعيّنة البشرية (التي نُشرت على الموقع المذكور آنفًا) استنادًا إلى مَلامح الوَجه، خاصّة الثابتة منها كشكل أَنف الشخص، إلى جَانب سمات مؤقتة كَأسلوب الإغراء و الإستمَالة.

في اختبار البَاحثين باستخدام مجموعة منفصلة من الصور التي لم تكن الخوارزمية قد رأَتها من قبل، تفوّقت الشبكة العصبيّة الاصطناعيّة على القُضاة البشريين الذين حَاولوا تحديد التوجه الجنسيّ للأَفراد المبيّنين، حيثُ سَجل القُضاة البَشريّون 61٪ للرجال و54٪ نساء. وأعلن العُلماء أنّه عندما تم عَرض خمس صور وجه لكل شخص للخوارزميّة، كانَت هذه الأخيرة أَكثر دقة، حَيث أَصابت بنسبة 91% من الوقت بالنسبة للرجال و83%  بالنسبة للنّساء.

وتجدر الإشَارة أنّ عيّنة الصور التي استخدَمها البَاحثُون كَانت لَها بَعض النّواقص المُحدّدة. في البداية، كانَت الصّور مَأخُوذة من ملف شخصي في مواقع مُواعدة، ممّا يَعني أنّها ليست بالضرورة الصور الحقيقيّة للأشخاص المعنيين، كما انحصر تجميع الصور على الأشخاص البيض تراوحت أعمارهم بين 18 و40. مع أَخذ هذه العوَامل بعين الاعتبار، يقول الرئيس التنفيذي لـ(GLAAD) جيم هالوران (Jim Halloran) أنّ أي ادعاءات بأنّ هَذا الذّكاء الاصطناعي يمكن أن يُحدّد الهَويّة الجنسيّة للناس هي مُعيبة بشكل فاضح.

ويضيف هالوران قائلًا:

” لا يمكن للتكنولوجيا أن تحدد التوجه الجنسي لشخص ما. وما يمكن أن تعترف به التكنولوجيا هو نمط وجد مجموعة فرعيّة صغيرة من الأشخاص المثليين والسحاقيّات البيض في مواقع المواعدة التي تبدو مشابهة…، هذا البحث ليس علمًا أو أخبارًا، ولكنه وصف لمعايير الجمال في مواقع المواعدة  التي تتجاهل شرائح ضخمة من مجتمع المثليات والمثليين ومُزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية (LGBTQ)، بما في ذلك الملونين، كبار السن، وغيرهم من LGBTQ الذين لا يريدون نشر صورهم على مواقع المواعدة  “.

 وأشار (GLAAD) و(the HRC)  أيضًا إلى أنّ الدراسة، التي لم تنشر بعد، لم تتحقق من مَعلومات النّاس، وافترضت اثنَين فَقط من التوجّهات الجنسية، كما لم تتضمن بيانات عن الأشخاص مزدوجي الجنس، ولم تتم مراجعتها من طرف الأَقران. و الأكثر مقتًا، قالت المُنظمات أنّ هذا النوع من ” العلم الزائف “يمكن أن يكون كتهديد في الأيدي الخطأ. وتشرح مديرة التعليم والبحوث العامّة التابعة للجنة حُقوق الإنسان أشلاند جونسون (Ashland Johnson) قائلة: ” هذه المعلومات الزائفة بشكل خطير من المُحتمل أن تُتناول خارج السياق.. تخيل للحظة العواقب المحتملة إذا استخدمت هذه البحوث المعيبة لدعم جهود النظام الوحشي لتحديد و/أو اضطهاد النّاس الذين يُعتقد أنّهم مَثليّوو الجنس “.

في مُذكرة توضيحيّة مُصاحبة لورقتهم -أَين ادعى البَاحثون أنّه فعلًا تمت مُراجعتها من قبل الأقران ومن المقرّر أن تُنشر في مجلة الشخصيّة وعلم النفس الاجتماعي ( Journal of Personality and Social Psychology) -يَعترف المؤلفُون بالنقائص فيما يتعلق بعيّناتهم، ولكن يؤكدون على أنّهم ” لم يبنوا آداة لإنتهاك الخصوصيّة “، كما أَضافوا قائلين: ” لقد دَرسنا التقنيّات المُتوفّرة، التي تَستخدمُها الشركات والحكومات على نطاق وَاسع، لمعرفة ما إذا كَانت تُشكل خطرًا على خصوصيّة المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومُغايري الهويّة الجنسانية. “وفي رد منفصل على انتقاد GLAAD وHRC لدراستهم التي دافعوا عنها قائلين: “حقًا يحزننا أنّ جماعات حقوق LGBTQ، وHRC وGLAAD، الذين كافحوا لسنوات عديدة لحماية حقوق المضطهدين، الآن في حملة تشويه “.

وبغض النظر عن ذلك، فإنّ الجدل الدائر في العناوين الإعلامية قد يضر بآفاق نشر الدراسة. حيث كشف شينوبو كيتاياما (Shinobu Kitayama) وهو محرر في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي (Journal of Personality and Social Psychology) أنّه للتو يتم إعادة مُراجعة الورقة من زاوية أَخلاقية، ممّا يَعني أنّه يمكن أَن يَأخذ الأمر أسابيع قبل أن نعرف حالة الدراسة.

إذًا، سَيكون علينا أن ننتظر حتى يتم معرفة نتائج المراجعة لمعرفة ما هو الفصل التالي لهذا البحث المثير والاستفزازي  -ولكن من المُستبعد أن يَختفي الجَدل في المستقبل القريب-.

 

المصدر: هنا

تدقيق: لمونس جمانة.

Exit mobile version