Site icon الباحثون الجزائريون – Algerian Researchers

ما يَعلَمُهُ البَيطَريُّونَ ولا يَعلَمُهُ باقي الأَطبَّاء

https://pixabay.com/fr/illustrations/efp-médecin-chien-chiot-3895477/

لطَالَما جَمَعَت نِقاطٌ مُشتَرَكَةٌ وعديدةٌ بَينَ الطِّب البَشَري و الطِّب البَيطَري، كَونَ الإِختِصَاصَين يَتَعَامَلان مَع مَشاكلَ تُصِيبُ الخَلايَا و الأَنسِجَة على المُستَوى المِجهَري ثُمَّ الأَعضَاء و الأَجهِزَة، مَا يُسَبِّبُ خَللَاً في وظيفة أحدهما، وسُرعان ما يُترجَم ذلك إلى أَعراضٍ مَرَضِيَّة أو سَرِيرِيَّة تُسمى بـ (symptoms). لكنَّ هذا لا يَمنعُ وجودَ نِقاطِ جَدَلٍ و اِختلافٍ عَديدةٍ بين المَجالين.
فَيَا تَرى، مَا مصدرُ الاِختلاف بين الاِختِصَاصَين، وما الذي يَجهَلُهُ الأَطبَّاءُ عنِ الطِّب البَيطَري ؟

الطِّبُّ البَيطري، بَين تَحَدِّي التَنَوُّع البَيولوجي و هَاجِس الصِّحة العَامة

الطِّبُّ البَيطري هو تَطبيقُ المَبادئ الطِّبية، التَشخيصِيَّة والعِلاجِية على الحَيوانات الإِنتَاجِيَّة والمَنزِلية والبَرِّيَّة، بما في ذلك الحَيوانَات الكَبيرة الاِنتاجِيَّة، كالأبقَار و الخُيول و غَيرها، إلى أَصغَرِ الكائنات كالزَّواحِفِ و الطُّيور، و كَذا أَسماكُ الزينةِ، مُرورا بالقِطَطِ و الكِلابِ، حَيث تَتَدَرَّجُ كل هذه تَحتَ مُسمى ( Nouveaux Animaux de Compagnie NAC). كما يُساعِدُ الطَّبيبُ البَيطريُّ على حِمايةِ الإِنسانِ من أَكثرَ من 100 مَرضٍ حَيوانيٍِ، والتي يُمكن اِنتقالُها إلى الإِنسان.

تَشابُهُ مَلامِحِ الطِّبِّ البَشَريِّ و الطِّبِّ البَيطرِيِّ

الطَّبيبُ البَشَريُّ هو في الحَقيقَةِ طبيبٌ بَيطريٌ يُعالِجُ نَوعًا واحداً من الكائناتِ. قد تَبدو مُزحةً للوَهلَةِ الأُولى لكنَّها ليسَت سِوى حَقيقَة في واقِع الأمر، فَعِلمَيْ الوَظائِفِ و التَّشرِيحِ (physiology and anatomy) في الطِّبِّ البَشَري ليسَا سِوى جُزءٍ مِنَ الطِّبِّ البَيطَرِي.


فهل من الممكن الإسفادة من الطب البيطري لخدمة الطب البشري ؟ أو العكس ؟

أفادت تجربة الطب البيطري الطب البشري كثيراً عند إجراء التجارب على الحيوان حيث أسهم ذلك في تطور علوم الطب وعلم اللقاحات والتطعيم الذي كان من رُوّادها العالم لويس باستور والعالم روبرت كوخ. و لا نستطيع إنكار فضل الطب البشري على البيطرة، ففي بعض الأحيان يتم الاستعانة بأطباء بشريين، لمعالجة بعض المشاكل لدى حيوانات خصوصاً في الاختصاصات النادرة، كما تروي الطبيبة بربارا نيترسون المتخصصة في أمراض القلب و الشرايين عن خبرتها مع علاج بعض الحيوانات، حيث تقول : عند إجراء جراحة قلب لإنسان أو لأسد فلا فرق بين الجِنسَين سوى مخالب و الذيل، و تضيف : في بعض الأيام أعالج مرضاي في المستشفى ثم أتوجه مساءاً لحديقة الحيوانات، لأجد طواقم الأطباء البياطرة تعالج نفس الإضطرابات التي واجهتها صباحا مع مرضاي من البشر مثل فشل القلب الاِحتِقاني ( Congestive Heart Failure ), سرطان الدم (Leukemia) بل و حتى الُمتلازِمات النفسية مثل الإكتئاب (Depression ) و القلق (Anxiety)، اِضطرابات الأكل (Eating disorder ) و حتى إيذاء النفس (Self-injuring)

ماذا لو إندمج الطب البيطري مع الطب البشري؟

النَّوبَةُ القَلبِيَّةُ النَاجِمَة عَن الخَوف (Fear-induced Heart Failure)، والتي اِكتَشَفَ أَطِبَّاءُ القَلبِ مَع مَطلَعِ القَرنِ الحَالي أنَّهَا وَصفٌ لِحالةٍ تُصيبُ رَبَّ أُسرةٍ مُقامِرٍ خَسِرَ كُلَّ أَملاكِهِ بِرميَةِ نَردٍ، أو كَعَروسٍ تَمَّ تَركُها لَيلَةَ زَفَافِهَا، لكن يَتَّضِحُ لاحِقًا أَنَّ هَذا الَّتشخيصَ البَشريَّ الجَدِيد، لم يكُن لا جَديداً و لا مُقتَصِراً على البَشَر، حَيثُ أنَّ هناك مجموعةٌ من الأَطبَّاءِ البَياطِرَةِ يُشَخِّصون و يُعالِجون، بل و يَمنَعونَ ظُهورَ الأَعراضِ المُستَحدَثَةِ بالعَاطِفَة في الحَيواناتِ كالقرودِ، و الغِزلاَنِ و حتى الأَرانِب وذلك لمنعِ حُدوثِ الصَّدمَةِ جَرَّاءَ حَبسِ الحَيوانَات التي كانَت طَليقَةً دَاخِلَ أقفاصٍ مُنذُ سَبعينَاتِ القَرنِ المَاضِي.
كذلك إيذاءُ النَّفسِ (Self-injuring) و ذِهانُ ما بَعدَ الوِلادَةِ (Postpartum psychosis)، والذي يَحدُث عندَ المَرأةِ بعد الوِلادَةِ، يُؤَدِّي إلى التَّخَلِّي عن المَولُود، وفي بَعضِ الحَالاتِ المُتَقَدِّمَةِ قد يَصِلُ إلى إيذاءِهِ، لكنَّ الأَطِبَّاءَ البَيَاطِرَة المُتَخَصِّصِينَ بمُعَالَجَةِ الخُيولِ يَعرِفونَ جَيِّداً هَذِهِ الحَالَة بِنفسِ الأَعرَاضِ التي قد تَصِلُ في بعضِ الأَحيانِ إلى رَكلِ المَهرِ حتى المَوت.
إلاَّ أن البَياطِرَةَ وَجَدوا حلاً فَعّالاً لِحَالَةِ التَّخَلي عن المهر، يَتَمَثَّلُ في زِيَادَة هُرمونِ الأوكسِيتُوسِين (Oxytocin)، والذي يُوَلِّد عَاطِفةً و قُبولاً بَين الأُمِّ و مَا أنجَبَت، ويؤدي إلى اِهتِمَامٍ مُتَجَدِّدٍ بين الطَّرَفَين..

وكخلاصة شاملة لما سبق، نقول أنَّه لَو وُضِعت مَعَارِفُ ومَهَارَاتُ الطِّبِّ البَيطَري في أَيدي الأَطبَّاءِ البَشَرِيِّين لاِستَطَعنَا اِنقاذ الكَثيرِ من الأَرواحِ لكنَّ المُنافَسَة بين الاِختِصَاصَينِ و بُعد المَسَافَة بينَهُمَا حَالَ دونَ ذلك.

المصدر

تدقيق لغوي: أنس شيخ

تصميم: رامي نزلي

Exit mobile version