Site icon الباحثون الجزائريون – Algerian Researchers

سلسلة نظرية النسبية : الحلقة الأولى

https://www.dz-res.com/wp-content/uploads/2017/02/%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A8%D9%8A%D8%A9%20-%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84%D9%82%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89.mp3?_=1

تحدثنا في المقدمة عن التناقض الذي سببته فرضية الأثير مما أدّى إلى الشك في قوانين الفيزياء الكلاسيكية وبالتالي الحاجة إلى إعادة صياغة القوانين القديمة والتفكير في فرضيات جديدة، وتحدثنا عن الفرض الأول ونتائجه الغريبة،

واليوم سنحاول عمل أرضية مفصلة تساعدنا على فهم الفرض الثاني :

قوانين الميكانيك التي وضعها نيوتن تشكل القاعدة الأساسية للفيزياء الكلاسيكية، هذه القوانين تم وضعها لفهم المكان والزمان والحركة إستنادا لظواهر وتجارب مدى السرعات فيها يبدأ من صفر إلى سرعات عالية جدا لكنها أقل بكثير جدا من سرعة الضوء، ولذلك فقوانين الحركة لنيوتن تصف بشكل دقيق ومبهر أغلب الظواهر ذات السرعات البطيئة بالنسبة لسرعة الضوء، ومع ذلك فهي تفشل فشلا ذريعا ويزداد هذا الفشل كلما اقتربت سرعات الأجسام إلى سرعة الضوء،

قانون نيوتن الاول للحركة :

يظل الجسم الساكن ساكنا والمتحرك متحركا في خط مستقيم مالم يؤثر على الجسم أي قوى تغير من حالته الحركية،

قد تصل سرعة الإلكترون إلى ٩٩% من سرعة الضوء وبدون الحاجة لطاقة كبيرة، طبقا لقوانين الحركة لنيوتن فإنه لو زادت طاقة الإلكترون بمعامل 4 فقط لقفزت سرعته إلى ما يقارب ضعف سرعة الضوء، ومع ذلك فإن نتائج التجارب تؤكد أن سرعة الإلكترون وأي جسم آخر لم تتخطى سرعة الضوء مطلقا ! وهنا يتضح فشل قوانين نيوتن في التنبوء بسلوك الأجسام التي تقترب سرعتها من سرعة الضوء، والأهم من ذلك ملاحظة أن هناك مبدأ عام تتصرف الأجسام وفقا له وهو أنه لا يمكن لأي جسم أن يتخطى سرعة الضوء،لكن لتفسير لماذا لا تتخطى الأجسام سرعة الضوء وما الذي يحدث عند السرعات العالية ويُسبّب فشل قوانين نيوتن سنحتاج للقصة الآتية :

لتوصيف أي حدث فيزيائي نحدد نقاط معينة في المكان ووقت معين في الزمان لنستطيع وصف الحدث من خلال قياس مدى بعده عن تلك النقاط في المكان وبعده عنها في زمن معين وهذا يعيننا على فهم هذا الحدث،
وهنا نفترض وجود أماكن أو نقاط ثابتة في الكون يتحرك بالنسبة لها الجسم المتحرك الذي نرصد حركته فنستطيع حساب سرعته بالنسبة لتلك النقاط، وإن كانت تلك النقاط متحركة سنعتبر أن سرعة الجسم المتحرك منسوبة إلى سرعة تلك النقاط وعليه فإن السرعة الحقيقة للجسم الذي نرصده سيُضاف اليها سرعة النقطة التي ننسب لها الحركة، فمثلا اذا كنت داخل قطار مغلق جيدا ولا تستطيع رؤية شيء خارجه وكان القطار يتحرك بسرعة منتظمة أي أنه لا يحدث تباطؤ للسرعة ولا تسارع ولا تغير في اتجاه حركته وقضبان القطار ملساء بشكل كافي فلن تشعر بأن القطار يتحرك بك أبدا إلا في حالة النظر خارج القطار فيقوم عقلك بعمل مقارنة بين سرعتك بالنسبة للأرض فتشعر بالحركة،

قد يحتج أحدا ما ويقول “سأشعر بحركة القطار مهما كانت القضبان ملساء والسرعة منتظمة وبدون حتى أن أرى شيئا بالخارج”، نحن لا نشعر ان الارض تتحرك لكنها في الحقيقة تتحرك حركة ملساء في الفضاء ونحن لا نشعر بها ببساطة لأننا نتحرك معها ولأنه لا يوجد مرجع ثابت بالقرب منا ليقارن عقلنا حركتنا مع الارض بالنسبة له، الارض تدور حول محورها وأيضا تدور حول الشمس بسرعة 30 كيلو مترا في الثانية الواحدة والشمس تدور حول مركز المجرة بسرعة 250 كم في الثانية والمجرة تتحرك في الكون بسرعة 600 كم في الثانية أي أنك الان أثناء قراءة تلك الكلمات قد سافرت أكثر من 3000 كم بالرغم من أنك تشعر أنك ساكن تماما !!

لنعود للقطار، انت الان تتحرك داخل القطار من العربة الأخيرة وبإتجاه العربة الأولى بسرعة 1 كم في الساعة.

وعلى الرصيف صديق ينتظرك لكنه خلافا عنك يستطيع رؤيتك وكان لكل منكم ساعة لحساب الوقت وكانت ساعاتكم متزامنتين وكان زمن بداية حركتك في القطار الساعة الواحدة تماما، فإن صديقك المراقب سيسجل الحدث في نفس الوقت وهو الساعة الواحدة تماما أي أنه عند صديقك لم يحدث أي تغير لزمن الرصد ولا كمية الوقت التي استنفذتها في اتمام وصولك للعربة الأولى، التغير سيحدث في السرعات فقط ، بمعنى اخر أنه حين تنزل على الرصيف وتقابل صديقك المراقب وتخبره أنك تحركت في الساعة الواحدة بسرعة 1 كم في الساعة ووصلت بعد دقيقتين للعربة الاولى فانه سيتفق معك بشأن بداية الحركة في الساعة الواحدة ووصولك بعد دقيقتين لكنه سيتهمك بالكذب بشأن سرعتك وسيقسم انه كان يراك تتحرك بسرعة 51 كم في الساعة !!

ربما تختلفان بشدة فتحتكمان لدى جاليليو الذي سيستطيع جيدا ان يفسر سبب الخلاف بينكما فيقول انك تتحرك بسرعة 1 كم داخل القطار ولكن القطار أيضا يتحرك في نفس اتجاهك بسرعة 50 كم في الساعة وبالتالي فإن اجمالي حركتك بالنسبة لصديقك على الرصيف ستكون 51 كم في الساعة وهنا يتنفس صديقك الصعداء بينما انت تمسك شعر رأسك وتقول يا جاليليو بالله عليك انا لم اتحرك الا بسرعة 1 كم في الساعة فقط !!

فيرد عليك جاليليو بغرور قائلا : “سرعتك 1 كم منسوبة لمرجع وهو القطار واذا كان القطار يسير في نفس اتجاهك ايضا بسرعة 50 كم فان سرعتك بالنسبة لمراقب يقف على الرصيف هي 1 كم + 50 كم = 51 كم وعملية إضافة سرعتك مع سرعة القطار هنا تسمى إضافة جاليليو للسرعات “.
تتنفس أنت الصعداء بينما يسمع الحوار أينشتاين فيتدخل في خبث قائلا “يجب معرفة اننا اعتبرنا ان الزمن يمر عليك كما يمر على المراقب على الرصيف، وبالتالي فإن المدة التي استغرقها الحدث وهو حركتك انت في القطار هي نفسها بالنسبة للمراقب الخارجي، فماذا لو كان الزمن يمر على كليكما بشكل مختلف أي أن ساعاتكم ستختلف بشأن المدة التي استغرقتها في الوصول إلى العربة الأولى؟ سيحتدم الخلاف بينكما وحينها لن ينفعكما جاليليو المغرور وسنضطر للبحث عن قاضي آخر ليحكم بينكم!

سنعرف كيف ستختلف الساعات في قياس المدة التي استغرَقَتها حركتك في القطار ولماذا اختلفت الساعات من الأساس وسنبحث مع أينشتاين على قاضي آخر غير جاليليو ليحل مشكلة الساعات بينك وبين صديقك المراقب وبناءا على ذلك سنعرف سبب فشل قوانين نيوتن ولماذا لا تتخطى الأجسام سرعة الضوء وما الذي يحدث عند الاقتراب من سرعة الضوء في الحلقات المقبلة.

==============
الحلقة الثانية

==============

المرجع : Modern Physics by Dr. Abou-taleb Mohamed
إعداد : ث.الخطيب
التدقيق اللغوي العربي : ب.عماد
التدقيق العلمي : ت.ماسين
صوت: بنان شنو

Exit mobile version