Site icon الباحثون الجزائريون – Algerian Researchers

النَّباتيَّة في المِيزَان

https://pixabay.com/illustrations/vegan-healthy-attitude-nutrition-1114998/

في دولٍ مثل الهِند تُشكِّلُ النَّباتيَّة طريقةَ عيشٍ للكثيرين، أما في بقيةِ العَالَم فنسبةُ النَّباتِيين هي بينَ 1 و2 في المائة، وتنتشر في العالم الغربي كثيرا عند اللادينيين على وجه الخصوص، لأن المؤمنين يعتقدون بأن الإنسان مركز الكون(Anthropocentrisme) وأن الله سخَّرَ لهم كلَّ شيء.

لكن ماذا لو وَضَعنا أفكارَ النَّباتِيِّين في المِيزان!، هل سنجِدُ صِحَّةً في طَرحِهم؟ قَبل تَقييم الفِكرَةِ عَلينا عَرضُها أولاً، أينَ سنَجدُ أن النَّباتِيين نَوعَين:
إما نَباتيين صارمين (Vegans) وهؤلاء يَتجنَّبون أَكل الحيوانات ومُشتقاتِها من بيضٍ و حليب..؛ وهناك (vegetarians) وهؤلاء يَتجنَّبون أكل لحومِ الحَيوانات فَقط، أمَّا الأَسبابُ التي تدفَعُ لاِعتناقِ النَّباتيَّة فقد تكون أخلاقيَّة لتَجنيبِ الحَيوانات المُعاناة، أو سِياسيَّة وهؤلاء يَعتقِدون أننا لو أَصبَحنا جَميعًا نَباتيين لقَضينَا على الجوعِ في العالَم، وهُناكَ أصحابُ الدَّافِع الصِّحي وهم الذين يرون أنَّ مُنتَجات الحَيوانات هي سَبَب أمراضِ البَشَر.

في كتابها (The vegetarian Myth)  تردُّ Lierre keith على النَّباتِيين بعبارة “الحياةُ غيرُ ممكنَةٍ دون مَوت” فيجِبُ أن يَموتَ أحدُهم ليُطعِمَكَ، وأنَّ المُحاسَبة تكونُ لكلِّ من مَات أثناءَ عمليةِ إنتاجِ طَعامِك وبهذهِ النَّظرة الكُليَّة سنكتَشِفُ أن الزِّراعَة هي أكثر الأشياء التي فعلها البشر تَدميرًا على الكوكب، فهي تؤدي لتدمير النِّظام البيئي فالأنهارُ اِستُنزِفَت، والغابات دُمِّرت، والأراضي أصبَحت رمادًا نتيجةَ غرسِ المَنتوج الواحِد ويكفي أن ننظُرَ إلى ما نسمِّيه الهلال الخَصيب حول بِلاد ما بين النَّهرين، وستكونُ غيرَ سويٍ إن رأيتَ هِلالاً أخضرَ في الخَريطة لأن الاستغلالَ الطويلَ بقطعِ الأشجارِ والريِّ تُسبب اختلالًا في النِّظام البيئي.
ما مَصيرُ الحيوانات التي تَعيشُ في الغَابات حينَ نقطعُها لنغرِس مُنتجاتِنا وما مصيرُ الأسماكِ في الأنهار حين نُجفِّفُّها وما مصيرُ مئات الأنواعِ من البكتيريا والديدان التي نَقضي عليها بالأسمِدَةِ وغَيرها لكي تَعيشَ مَزروعَاتُنا، أليس لكلّ هذِه الكائنات حياة.

وبنظرةٍ إلى الأرضِ نجدُ أن ثُلثَي الأَرض غيرُ صالحةٍ للزِّراعة، فهي إما بَاردةٌ جدًا أو حارةٌ جدًا أو رطبةٌ جدًا، وبالتالي إذا لم تكن أرضَكَ صالحةً للزِّراعة عَليك أن تأخُذَ قطعةً من الآخرين، لذلكَ فإن تاريخَ الزِّراعة هو تَاريخُ الإمبريالية والإستعمار، ثم إنه حتى في أكلِك للنبات فأنت تقتل، فالنَّباتاتُ تُحيطُ نَفسَها بغِطاءٍ حلوٍ، فحين تمرُّ الحيوانات من أمامِها يجذِبُها هذا الغِطاء فتأكُلُه ثم ترمي البُذور التي هي عِبارةٌ عن خَلايا تَناسُليَّة في أماكِن أُخرى مُشابِهة صَالِحَة للزِّراعة فتنمو النَّبتَة من جَديد.
فالحَيوانات يفعلون ما لم تَستطِع النبتَةُ فِعله، بينَما نحنُ البَشر حين نأكُلُ النَّبتَة نَرمي الجُزءَ الحَيويَّ فيها أي البُذور في أكياسٍ بلاستكية في المَدينة أليس هذا إخلالاً بالعَهد،فالنَّبتَةُ تُعطينا حَلاوَتَها بمُقابِلِ أن نَسمَحَ لِنسلِهَا بالعَيشِ ولكنَّنا نُخلُّ بالعَهدِ ونَرمي نَسلَهَا في القُمَامَة.

الآن، ماذا عن أولئك الذين يرون أن الزِّراعة ستَقضي على المَجاعة؟ رَغم أنَّه يَكفي القَولُ أنَّ المَجَاعَة سببُها نُقصُ العَدل وليسَ نُقصُ الغِذاء، إلاَّ أنَّهُ أيضًا يُمكنُ القولُ أن مساحَةَ 10 فدان (1 فدان وحدة قياس تساوي 4200 متر²) يمكنها إنتاج 3000 بيضة، 2500 باوند من لَحم الخِنزير، 2000 باوند من لَحم البَقَر، 50 أَرنب ومُنتَجاتٍ أُخرى.
وتكون القيمَة الغِذائيّة و كَمية الأشخاص الذين يُمكِن تَغذيتُهُم بهذِهِ المنتوجات تَفوقُ قيمة وكميَّة الأفراد المُمكِن تَغذيتُهُم لو تمَّ زِرَاعَة هذه المِساحة.

أمَّا بخُصوص النَّباتيين الصِّحيِّين فبِمُجرَّد إلقَاء نظرَة في التَّاريخ سنجِدُ أن الإنسان تطوَّرَ أصلاً على أكلِ اللُّحوم وأن الزِّرَاعة لم تظهَر إلاَّ حديثًا، كما أنَّه لا تُوجَد دِراساتٌ ترى أنَّ الإعتِماد على نِظامٍ نَباتي فقط هو السَّبَب في صحَّةٍ جيِّدة.

ويالرغم من أنَّ هذه الحُجَج لا تُبرِّر أيَ ممارسَةٍ وحشيَّة ضدَّ الحَيوانات، إلاَّ أنَّها تُؤكِّد على أنَّ هُناك دائرةً مغلقةً في الطبيعَة يكون المَخلوقُ الحيُّ فيها مُفترسًا ثم يُصبِحُ فريسةً، لذلكَ فإنَّ مُعظمَ أطفالِ الحَيوانات لا يَصِلونَ للبلوغِ بل يَموتونَ بطريقَةٍ غيرِ جيدةٍ، إمَّا جوعًا أو إفتراسًا من حَيواناتٍ أُخرى وأنَّ المَحظوظينَ منهُم أحيانًا، من يَحظَونَ برِعايَة البَشرِ ثمَّ يموتونَ بطريقَةٍ جيِّدة.

تدقيق لغوي: أنس شيخ.

المصدر : Lierre keith (2009), The vegetarian Myth, Flashpoint Press, USA

Exit mobile version