Site icon الباحثون الجزائريون – Algerian Researchers

القلق اللغوي Language Anxiety

https://www.pexels.com/photo/adolescent-adult-beauty-blur-459971/

كثيرون يتحمّسون لتعلم لغة جديدة والتحكم في قواعدها ونطقها. لكن هل يكفي هكذا تحكم للنجاح في التواصل بها؟ يوضِّح علماء النفس اللغوي أنّ الجوانب العاطفية لتعلم لغة أجنبية جدّ معقّدة ولها أهمية قصوى، الأمر الذي ربما يجهله الكثيرون أو قد لا يولونه أيَّ اهتمام.

تؤثِّر الجوانب العاطفية على عملية تعلم لغة أجنبية باعتبارها مساهما وعاملا هاما للنجاح في التعلم. بل ذهب البعض إلى حدّ التأكيد على أنّ  أهمية التأثير تتجاوز امتلاك قدرات التعلم المعرفي. لأنّه دون دافع معيّن للتعلم  تكون القدرات المعرفية في حالة خمود، وبالتالي لاوجود لأيِّ تعلم.

هناك جانب عاطفي يفسّر الحالة التي يمر بها بعض متعلمي اللغات الأجنبية، بل أنّ الكثير منهم يجهلون هذه الحالة: القلق اللغوي. يعتبر قلق اللغة الأجنبية موضوعا جديدا نسبيا في دراسات اللغة الأجنبية، و هو مختلف -نوعا ما- عن القلق الذي قد يكون ملازما للشخص والذي يكون سببه خجل الشخص، أو القلق الذي يظهر في حادثة معيّنة أو مكان ما. تعدّ Elaine K. Horwitz باحثة رائدة في موضوع القلق اللغوي، فمقالاتها تُذكر في أيّ بحث علمي أكاديمي له صلة بالموضوع.

 تُصنَّف حالة القلق إلى قلق إيجابي وقلق سلبي (Lowe & Road ,2008, p. 39). فيقول Zheng أنّ ” القلق الإيجابي هو الذي يظهر عندما تكون هناك مهمّة صعبة في محاولة للتحكم فيها، لكن، على الرغم من أنّ مستوى معيّن من القلق قد يكون مفيدا، فإنّ الكثير منه يمكن أن يؤدي إلى آثار موهنة، والتي قد تؤدي إلى تجنب العمل أو عدم كفاءة الأداء “. (2008, p.2).  إذن، يمكن لحالة القلق أن تسهِم إيجابا في تعلم الطلاب من خلال منحهم دَفعة طفيفة لتحقيق نتائج جيدة. من ناحية أخرى، زيادة القلق عن حدّه يؤدي إلى إعاقة التعلم وتعطيله. يمكن أن يؤدي الكثير من القلق بالطلاب إلى فقدان التركيز، نسيان ما تعلموه، تكرار الأخطاء والإهمال، وحتى اختيار إجابات خاطئة على الرغم من أنّهم يعرفون الصحيحة.

إنّ القلق اللغوي هو حالة نفسية متعلقة باستخدام لغة أجنبية، فيصاب الشخص بعجز في التواصل باللغة، بالرغم من كفاءته وتحكمه إلى حدٍّ ما في قواعد اللغة والنطق المقبول. هناك ثلاث حالات تُشكّل أساس القلق اللغوي الذي يرتكز عليه النموذج النظري للقلق اللغوي، وهذه الحالات مرتبطة أساسا بالأداء:

أ. القلق الإدراكي التواصلي: ويُعرَف أيضا ب “رهبة المسرح” أو قلق الأداء. يقول كل من West و Turner أنّه قد لا يحسّ أحدهم بالراحة عند التحدث مع الغير، فهناك أشخاص تنتابهم حالة من العصبية مرتبطة أساسا بالقلق. فتأثير القلق التواصلي على المتعلم للغة أجنبية يظهر في الخوف من ارتكاب الأخطاء وعدم الإحساس بثقة في النفس أو الرغبة في أن يكون أداؤه مثاليا عند التحدث. فعند تحدثنا مع زميل ذو تحكم في اللغة متقارب مع مستوانا، نحس بثقة أكثر ولا نحس بالخوف عند ارتكابنا للأخطاء التي ربما لن ينتبه لها، في حين أنّ تحدثنا في القسم أمام أستاذ لغة أو دكتور يجعلنا نحس برهبة وخوف من أن يكون أداؤنا ليس في المستوى، فيكون تركيزنا على القواعد أكبر من التركيز على طلاقة لساننا ومشاركة فكرة ما دون خوف. وبالتالي، فالمتعلمون الذين يخشون التواصل في الفصول الدراسية يحرمون أنفسهم من فرص التحدث باللغة الأجنبية ويميلون إلى الاقتناع بأنّ لديهم تأثير ضئيل على الوضع التواصلي. للأسف كلٌّ من المعلم والأقران الآخرين لهم دور في تفاقم الوضع من خلال المراقبة المستمرة خاصة للأداء الشفوي للمتعلم.

ب. القلق الاختباري: عادة ما يكون مرتبطا بردود فعل عاطفية مصاحبة للحالات التي يتم فيها تقييم أداء الفرد، كالتحدث باللغة الأجنبية كشرط لاجتياز الامتحان. فالقلق الاختباري ناجم أساسا عن إحساس المتعلم بأنّه غير مستعد لاجتياز الاختبار خاصة بظنّه أنّه يجب عليه أن يتواصل باللغة الثانية أو الأجنبية دون ارتكاب أيّ خطأ، ممّا يزيد الطين بَلّة. عند إدراك المتعلم أنّ حضور كلٍّ من المعلم والزملاء ضروري، يؤدي هذا إلى إحساسه بالخوف من الفشل. بالطبع سينعكس هذا القلق سلبا على أداء المتعلم.

ج. الخوف من التقييم السلبي: يُسمّى أيضا القلق التقييمي الإجتماعي. وهو التَخوُّف من تقييم الآخرين بل وتجنّب التقييم كَكُل. فالمتعلم يجد نفسه صامتا في الصف الدراسي ولا يفضّل المشاركة في قسمه في أيّ نشاط لغوي، ممّا يعني أنّ هذا الخوف هو أشمل من القلق الاختباري المرتبط بالتقييم في إمتحان اللغة. قد تتفاقم حالة المتعلم ويتزايد قلقه فيعمد إلى الغياب عن صف اللغة الأجنبية.

  مادام القلق اللغوي مرتبطا باللغة الأجنبية، فمن المهم أن ينتبه مدرّس اللغة إلى تلاميذه والصعوبات التي تواجههم عند التواصل باللغة، وأن يوفر لهم البيئة المريحة والمشجعة على التحدث باللغة والمشاركة في القسم دون أن يحكم على أخطائهم، وأن يؤكّد أنّ ارتكاب الأخطاء هو أمر طبيعي جدّا، لذا فما من داعٍ للضحك على أخطاء زملائهم، فاللغة التي يتعلمونها ليست لغتهم الأم، ومن الأخطاء يتعلمون، ومن قيّم نفسه على أنّه يعرف ويتحدث اللغة بشكل مثالي، فمكانه ليس الصف.

المصادر: 

Horwitz, E. K. (2001). Language Anxiety and Achievement. Annual Review of Applied Linguistics, 21, 112-126

Horwitz, Tallor, Liu, (2010). Foreign Language Anxiety. In Cassady, J.C. (Ed.), Anxiety in School: The Causes, Consequences, & Solutions for Academic Anxieties. New York: Peter Lang Publishing

Lowe, P. A., & Road, J.M. (2008). Anxiety. In Salkird, N. J., Encyclopedia of Educational Psychology. California: Sage publications

Outmoune, R., Richi, A., & Messai, H. (2012). The Effects of Anxiety and Self-Confidence on Learners’ Oral Performance in EFL Classroom: the Case of Second Year Learners at the Teacher Training School of Constantine. Dissertation submitted in Partial  fulfillment of the requirement of the “Diplôme de Professeur de l’Enseignement Secondaire”-unpublished thesis

West, R., & Turner, L. (2011). Understanding interpersonal communication. Boston: Wadsworth

Zheng, Y. (2008). Anxiety and Second/ Foreign Language Learning. Canadian Journal for New Scholars in Education, 1 (1), 1-12

______________________________

تدقيق لغوي:سهام جريدي

 

Exit mobile version