Site icon الباحثون الجزائريون – Algerian Researchers

العلوم الزائفة، سلاح ذو حد واحد

Image by Pixabay

التطور السريع الذي مس كل أقطاب الحياة وشمل مختلف جوانبها، صاحبه كذلك تطور العلوم وتشعبها وتوسع مجالاتها. والذي لا يتناسب مع هذا التطور ويشوه صحته ومدى نزاهة أصحابه هو انتشار نوع آخر، أقل ما يقال عنه أنه معرفة كاذبة والتي تندرج تحت اسم ” العلم الزائف”، ولعل انعكاساته الكبيرة ذات الطابع السيء والتي تلقي بضلالها على رواد البحث العلمي، والساعين لتطوير واكتشاف كل ما هو جديد وحديث، ويتناسب مع ما وصل إليه العالم من سرعة في التطور، هو ما يجعل الحديث عن هذا النوع من العلم واجب اخلاقي، علمي ومهني يقوم به طالب العلم اتجاه العلم بحد ذاته. وسعيا منا على تنوير كل طوائف المجتمع سنتناول مقالا قصيرا وعاما حول هذه العلوم.

العلم الزائف أو ما يطلق عليه مصطلح Pseudoscience بالإنجليزية هو كل الادعاءات والتصريحات والأقوال والكتابات، وكذلك مختلف المجالات والميادين التي تدعي كونها علما، او تندرج ضمن أي منطلق علمي، وذلك دون أسس علمية ولا تتوافق تماما مع المناهج العلمية المتبعة لدى مختلف العلوم الحقيقية الأخرى. وما يغلب عن هذه العلوم هو اتصافها بعدم التنسيق والتناقض وتضخيم ما تحمله من حقائق ونظريات كذلك يغلب عليها طابع الذاتية والتأكيد على التوجهات الشخصية دون أدنى الأسس العلمية المعرفية وعدم تقبل الأفكار الأخرى ولا مناقشتها وطرحها ضمن الأجواء العلمية، ضف الى ذلك فأغلب هذه المعارف الكاذبة عادة ما تنجذب الى الفلسفة وعلوم النفس وتحمل آثارها ولكن بشكل خاطئ لا يعكس اطلاقا درجة ارتقاء العلوم الفلسفية وعلوم النفس.

من الجوانب السلبية لها أنها تهدف الى التأثير على طريقة تفكير الأفراد وشخصيتهم ومحاولة استمالتهم نحوها لتصبح بذلك أقوى وأقوى كلما زاد عدد المصدقين لها. كما أنها حجة مثالية لمن يسعى الى نفي ووصف ما لا يعجبه أو ما تَناقض مع توجهاته. حتى انها اصبحت ان صح التعبير ذات طابع سياسي حيث يتخذها البعض ممن يفتقرون للأمانة العلمية كوسيلة لنشر خرافاتهم وأفكارهم والتعبير عنها بكل حرية باستحداث علمٍ ما يُروج من خلاله لقضاياه. وليس بعيد عن هذا الجانب نجد أن وسائل الاعلام تتخذها وسيلة للشهرة وتحقيق الأرباح السريعة، فليس غريبا اأن نجد في بعض العناوين أن أحدهم يثبت أن الأرض مسطحة وآخر هدم نظرية التطور بدليل واحد، ولكن الغريب أن نجد أن صاحب هذا الطرح يعتمد على اأسس علمية صحيحة لتفسير تلك الخاطئة.

ورغم كونها سلاحا ذو حد واحد وهو الحد السلبي الا أن الكثير من الناس يُقبلون عليها بشكل كبير كالعلاج الروحاني أو العلاج بالكريستال والتنجيم، ويصدقون ما جاء فيها تصديقا جازما لا شك فيه. ذلك لأن البعض لديه نزعة سياسية ربما، اجتماعية وحتى وطنية وهو يجد في هذه العلوم ما يتوافق مع معتقداته وما يؤيدها، كما أن جهل العديد من الناس بالحقيقة الحقيقية يجعله يصدق أول ما يتلقاه وحتى لو كان حقيقة كاذبة، وما يزيد من صعوبة تجنبها والتمييز بينها وبين ما هو علمي حقيقي هو غياب الخط الفاصل بين الحقيقة والكذب وعدم وضوح الفروق بينهما حيث أن العلوم الزائفة تتصف في مظهرها بما يتصف به العلم الحقيقي فنجد أنها تحمل أسماء علمية ليست بالبعيدة عن أسماء العلوم الأخرى بل إن بعضها يشابهها شكلا ونطقا، كما أنها تسعى الى التهويل وتضخيم الحجج ولو كانت كاذبة.

وإن تحدثنا عن أنواعها أو أردنا اعطاء قائمة لها وحتى تصنيفها، فهو امر صعب نوعا ما، خاصة وأن مثل هذه العلوم تنتشر انتشارا كبيرا وتتطور بل تفرض احيانا منطقها ورؤيتها على حساب العلم الحقيقي وتسعى لنقضه بكل الأشكال، بل إنها تتخذه وسيلة لصنع قالب لها يتناسب مع مختلف المبادئ العلمية المعروفة، ما يجعل امكانية تحديد حدودها مع العلوم الحقيقية صعبة جدا.

المصادر:  هنا هنا هنا

تدقيق لغوي: بشرى بوخالفي

Exit mobile version