يُمكن استعمال كوابل الأليَاف البصرية لرصدِ الزّلازل وعدد من النّشاطات الأرضيّة الأخرى. هاته الكوابل المخصّصة لنَقل البيانات يمكنُها أيضًا التقاط إشارات زلزاليَّة مثل ضربات مطرقة، أو مرور سيّارات، أو حركات الأمواج في المُحيط. كانت هذه النّتائج الّتي خرجت بها دراسة نُشرت في دورية نيتشر للاتّصالات Nature Communications صَدرت في الثّالث من يوليو 2018، قامَ بها كلّ من فيليب جوسات Philippe Jousset وتوماس رينش Thomas Reinsch من مركز البحث الألماني لعلوم الأرض GFZ برفقة زملاءٍ لهم من إيسلندا، المملكة المتّحدة، ألمانيا وبوتسدام.
أرسلَ هؤلاء العلماء نبضاتٍ من اللّيزر عبرَ ليفٍ بصريّ يشكلّ جزءً من كيبل بطول 15 كيلومترًا تمّ إنشاؤه في 1994 ضمنَ شبكةِ اتّصالات في شبهِ جزيرة ريكجانس Reykjanes تمرّ عبرَ منطقة صدعٍ جيولوجي معروف بين الصّفيحتين التكتونيّتَيْن اليوروآسيوية والأمريكية. تمّ تحليل تلكَ الإشارات الضّوئيّة ومقارنتها ببَيَانات مأخوذة من شبكةٍ كبيرة لراسمَات الزّلازل، وكانت النّتائج مُذهلةً حتّى بالنِّسبة للخُبراء. يقُول فيليب جوسات Philippe Jousset من المركز الألماني لعلوم الأرض : ” أظهرَت قياسَاتُنا خصائص بُنيويّة لباطن الأرض بدقّة غير مسبوقة وتوافقت الإشارات المُرسلة مع نقاط البيانات لكلّ أربعةِ أمتار، وهاته الدقّة أكبرُ من أيّ شبكة قياسِ زلازلَ عالميًّا “
بعدَ تقديم الأفكَار المبدئيَّة في عدّة محاضرَات منذ 2016، تمّ إخبارُ فيليب أنّ هاته التقنيّة ستكون بمثابة إضافةٍ قيِّمة لعلم الزّلازل. وبالرّغم من أنّها ليست بالجديدة بالنسبة لبعض المجالات فقد تمّ استعمالها لسنوات لمراقبةِ الخزّانات في آبار التّنقيب، إلاّ أنّ فريقَ فيليب كان الأوّل عالميا في استخدام هاته القياسات من أجل دراسة الزّلازل باستعمال ليفٍ بصري طويل.
لا تُظهر هاته الدّراسة فقط الصُّدوع والخنادق البركانيَّة المعروفة، بل قامَ العلماء بالعثور على صدوع غيرِ مكتشفة تحت سطح الأرض. زيادةً على ذلك، تمكّن الفريق من قياس تشوّهٍ جوفيّ حدثَ في مدّة زمنية لا تتجاوزُ دقائق معدودة. كذلكَ تمّ رصد هزّات أرضيَّة محلّية خفيفة، موجاتٍ ناتجة عن هزّات بعيدةٍ جدّا وهزّاتٍ خفيفة في قاعِ المحيط باستعمال كيبل ليفٍ بصري. تقولُ شارلوت كراوزيك Charlotte Krawczyk مديرة قسم الجيوفيزياء في المركز الألماني لعلوم الأرض :” نحنُ نحتاجُ فقط إلى جديلةٍ واحد من ليفٍ بصريّ حديث “.
لِهذه التقنيَّة الجديدة مَزايَا هائلة، بما أنَّ هناك العديد من كوابل الأليافِ البصرية التي تحيط بالكرة الأرضيَّة وتربط شبكات الاتّصال. تحت المُدن الكبرى الّتي تتعرّض أكثر لخطر الزّلازل مثل سان فرانسيسكو، مكسيكو سيتي، طوكيو، إسطنبول والعديد من المدن الأخرى، توفّر هاته الكوابل إضافة فعّالة وغيرَ مُكلّفة لأجهزةِ قياسِ الزّلازل الموجودة مُسبقا.
تمّ تخطيطُ دراسات مستقبليَّة لمعرفة إن كانت الكوابل في عمقِ البحر يمكنُ استعمالُها أيضَا في قيَاسَات الزّلازل. العُلمَاء متفائلون بهذا، فهُم يعتقدونَ أنّ الكوابل الموجودة في قاع البحر بإمكانِها رصد الزّلازل الّتي تحدثُ تحتَ البحار، حركات الصّفائح التكتونيّة، وأيضًا التغيّرات في ضغطِ المياه. لذلك هاته التّقنية الجديدة ستُساعد العلماء المختصّين بالزّلازل وعلمَاء المحيطات أيضًا.
رابط الدّراسة على نيتشر للاتّصالات.
تدقيق لغوي: بشرى بوخالفي