ماذا يمكن أن تخبرك قراءة 26,000 كتاب للباحثين حول كيفية تأثير بيئة اللغة على سلوك اللغة؟
بريندان تي. جونز، أستاذ مساعد للإضطرابات التواصلية والعلوم في كلية بافالو للفنون والعلوم، لديه بعض الإجابات التي تساعد في الإجابة على الأسئلة التي تتنوع بين كيفية اِستخدامنا للغة ومعالجتها لفهم تطور مرض الزهايمر بشكل أفضل.
فقط لنكن واضحين: جونز لم يقرأ جميع هذه الكتب بل هو خبير في العلوم المعرفية الحسابية كما قام بنشر دراسة حول النمذجة الحاسوبية التي تشير إلى أن تجاربنا وتفاعلنا مع بيئات تعليمية محددة مثل خصائص ما نقرأه، تؤدي إلى اِختلافات في سلوك اللغة التي كانت تُنسب ذات يوم إلى الاِختلافات في الإدراك.
يقول جونز: «لقد اِفترضنا سابقًا في اللغويات أن قدرتنا على اِستخدام اللغة كانت غريزية وأن تجربتنا البيئية كانت تفتقر إلى العمق الضروري لاِكتساب المهارات اللازمة بشكل كامل. النماذج التي نطورها اليوم تجعلنا نتساءل عن تلك الاستنتاجات السابقة عن البيئة والتي تبدو وكأنها تشكل السلوك.»
تُظهر نتائج جونز مع مؤلفه المشارك راندال ك. جاميسون، الأستاذ في قسم علم النفس بجامعة مانيتوبا في مجلة أساليب البحث السلوكي أنَّ التقدم في معالجة اللغة الطبيعية والموارد الحسابية يسمح للباحثين مثل جونز وجاميسون بفحص الأسئلة التي كانت صعبة الحل مرة واحدة.
تعمل النماذج التي تُسمى ’‘ النماذج التوزيعية ’‘ كقياسات لعملية تعلم اللغة البشرية. يدعم تحليل هذا البحث 26000 كتاب من 3000 مؤلف مختلف (حوالي 2000 من الولايات المتحدة وحوالي 500 من المملكة المتحدة) الذين اِستخدموا أكثر من 1.3 مليار كلمة.
غالبًا ما يُنسب إلى جورج برنارد شو قوله إن بريطانيا وأمريكا دولتان تفصل بينهما لغة مشتركة، لكن اللغات ليست متطابقة، ومن أجل تأسيس وتمثيل الاختلافات الثقافية المحتملة، درس الباحثون مكان وجود كل من الكتب البالغ عددها 26,000 كتاب من حيث الوقت (عندما ولد المؤلف) والمكان (حيث تم نشر الكتاب).
مع تحديد هذه المعلومات، قام الباحثون بتحليل البيانات اِعتمادا على 10 دراسات مختلفة شملت أكثر من 1000 مشارك وذلك باستخدام مهام نفسية متعددة.
يقول جونز: «السؤال الذي تحاول هذه الورقة الإجابة عليه هو: إذا قمنا بتحضير نموذج يحتوي على مواد مماثلة ربما قرأها شخص ما في المملكة المتحدة مقابل ما قد يقرأه شخص ما في الولايات المتحدة، فهل سيصبحون مثل هؤلاء الأشخاص؟ »
لقد وجدنا أن البيئة التي يندمج فيها الأشخاص تبدو وكأنها تشكل سلوكهم، وتوضح الكتب الخاصة بالثقافة في هذه الدراسة الكثير من التباين في البيانات وفقًا لجونز.
يقول جونز: «إنها ميزة كبيرة أن يكون لديك مجموعة خاصة بالثقافة، وفائدة أكبر أن يكون لديك مجموعة زمنية محددة الاختلافات كالتي نجدها في بيئة اللغة وسلوكها كدلالة للزمان والمكان، وهذا ما نطلق عليه فرضية القراءة الانتقائية.»
يوضح اِستخدام أساليب التعلم الآلي هذه الطبيعة الغنية بالمعلومات لهذه البيئات، وقد عمل جونز على بناء أطر تعلم الآلة لتحسين التعليم.
توضح هذه الورقة الأخيرة كيف يمكنك اِتخاذ سلوك لغوي لشخص ما وتقدير أنواع المواد التي قرأها.
يقول جونز: «نريد أخذ تجربة شخص ما في الماضي مع اللغة ووضع نموذج لما يعرفه ذلك الشخص، هذا يتيح لنا تحديد المعلومات التي يمكن أن تزيد من فرص التعلم لهذا الشخص.»
إن دراسة جونز للمجموعات السريرية وعمله مع مرضى الزهايمر جعله يفكر في كيفية تطبيق نماذجه لمساعدة الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالمرض.
يقول أن بعض الناس يظهرون فقدانًا طفيفًا للذاكرة دون وجود مؤشرات أخرى على التراجع المعرفي، فلدى هؤلاء المرضى الذين يعانون من ضعف إدراكي خفيف فرصة (10-15) ٪ للتشخيص بمرض الزهايمر في أي سنة معينة، مقارنة مع 2 ٪ من عامة السكان فوق سن 65.
«لقد وجدنا أن الأشخاص الذين يتطور مرض الزهايمر عندهم عبر الزمن يظهرون أنواعًا معينة من فقدان اللغة والإنتاج حيث يبدو أنهم يفقدون اِرتباطات و دلالات بعيدة المدى بين الكلمات، وكذا الكلمات ذات التردد المنخفض.»
كما يضيف: «هل يمكننا تطوير المهام والمحفزات التي تسمح لتلك المجموعة بالاِحتفاظ بقدراتها اللغوية لفترة أطول، أو تطوير تقييم أكثر تخصصا لفهم نوع المعلومات التي يفقدونها في نظامهم المعرفي؟»
هذا البرنامج البحثي لديه القدرة على الاجابة عن هذه الأسئلة المهمة.
إعداد: أمينة طاهر عبد الحافظ
تدقيق لغوي: ك.أسماء