حتما، قد سمعت يوما باِختبارات قياس الذّكاء أو ما يعرف بـ IQ Tests، أو ربما تكون قد خضعت لأحد هذه الاِختبارات كي تَقيس نسبة ذكائك؛ أما إن لم تكن قد سمعت بها من قبل، فهي باِختصار عبارة عن مجموعة من الاِختبارات تعتمد على قياس قدرة الشّخص على اِستخدام المَنطق في حلّ المُشكلات حيثُ كلّما اِستطاع إحراز نقاطٍ أكثرَ في هذه الاِختبارات، كلّما كان “أكثرَ ذكاءً”.
لكن هل فعلا هذه الاِختبارات تستطيع تحديد ذكائنا، أو بالأحرى هل لها الحق أن تحدّد ما إن كنّا عباقرة، أذكياء، أم أغبياء، أو أن تحدّد مدى نجاحنا في مَسارنا الأكاديمي والعملي في المستقبل؟
كثيرٌ منّا له أخ أو صديق أو حتّى قريب، والذي قد لا يكون تحصيله العلمي ممتازًا لكنّه يتعلَّم لغات جديدة بوتيرة أسرع من غيره، أو يستطيع تحويل مجموعةٍ من الكلمات البسيطة إلى قصيدةٍ جميلة أو يستطيع جعل نفسه محبوبا بين الناس بطريقة لا نستطيع فهمها، وهذا ما لاحظه إختصاصي علم النفس التّطوري Howard Gardner قبل أن يطرحَ نظريته إلى الوسط العلمي في أوائل الثّمانينات والتي عُرفت لاحقًا بنظرية الذّكاء المتعدّد.
اِختلف «غاردنر» في هذه النّظرية عن كثيرٍ من سابِقيه الذين نظروا إلى الذّكاء نظرة أحادية الوجه، وفي أحسن الأحوال محدودة الوجوه حيث تمّ اِعتباره قدرةً فطريةً غير مُتغيرة، يتم قِياسُها عن طريق اِختبارات مُعينة.
يرى «غاردنر» أن الذّكاء هو عبارة عن قُدرة بيولوجية ونفسية قابلة للتّطوير وغير قابِلة للقياس، فقسّم الذكاء إلى 8 أنواع قابِلة للزّيادة وتتمثَّل في:
1- الذّكاء اللّغوي: وهي القُدرة على اِستخدام اللّغة المتعارف عليها بأسلوب مختلف، واِبداعي كما يحدث مع الكتّاب، الشّعراء و المترجمين.
2- الذّكاء الجسمي الحركي: وهذا الذّكاء يعتمد بشكلٍ كبير على تَحريك الجِسم كلّه أو جزء منه بطريقة معيّنة ينتج عنها شيء جديد وغير معتاد، كما هو الأمر مع الرّياضيين بصفة عامة، الرسّامين والحرفيين.
3- الذّكاء الموسيقي: هو ذكاء يَعتمد بالدرجة الأولى على حاسّة السّمع، وهو عِبارة عن قدرة غير اِعتيادية على التعرّف والتّلاعب بالنّوتات الموسيقية، حيث أن الأذكياء موسيقيّا عادة مايكونون عازفين أو ملحّنين.
4- الذّكاء الطّبيعي: يمتاز حاملو هذا النّوع من الذّكاء بفهم وإدراك واسعين للطّبيعة وعناصرها، والمتميّزون بهذا الذّكاء عادة مايكونون بيولوجيين أو جيولوجيين.
5- الذّكاء الرّياضي: يتعلَّق هذا النّوع من الذّكاء بالتّفكير العقلي والمنطقي بدرجة كلّية لإيجاد حلول للمشكلات اليومية التي قد تواجه الإنسان كما هو الأمر مع الأطبّاء والمهندسين والفيزيائيين.
6- الذّكاء المِساحي: وهو الإدراك والرؤية الواسعة للمِساحات والقدرة على التلاعب بها فالمتميِّزون بهذا النّوع من الذكاء يرون العالم بطريقة مختلفة عن غيرهم من البشر، وعادة ما يَشغَلون وظائِف تتعلَّق بالهندسة المعمارية وهندسة الديكورات.
7- الذّكاء الإجتماعي: هي القُدرة على التَّعامل مع الغير وفَهم اِحتياجاتهم بشكلٍ ممتاز؛ فالأذكياء إجتماعيا عادة ما يكونون متفوقين عندما يتعلق الأمر بالأعمال الجماعية كالأحزاب السياسية والجمعيات.
9- الذّكاء الدّاخلي: وهو قُدرة الإنسان على فهمِ نفسه، مَشاعره الخاصّة وعلاقَته مع غيره من النّاس كالعائلة والأصدقاء.
وكما أسلفنا الذكر، وبالرغم من ذكر «غاردنر» لأنواع عديدة من الذكاء إلا أنه لم يغلق الباب أمام أنواع أخرى من الذّكاء في المستقبل، مثل الذّكاء الروحي..
تعرّضت نظريَّة الذكاء المتعدد منذ ظهروها لبعض الإنتقادات لاِعتباراتٍ عدة، منها أنها غير مبنية على أبحاث عِلمية وأن أنواع الذكاء التي أشار إليها «جاردنر» لا تعدو كونها مجموعة من القُدرات أو المَواهب وليست ذكاءً.
إلاّ أنَّ هذه الاِنتقادات لم تَمنع من اِعتبار هذه النّظرية إلى حدّ كبير نقلة نوعيَّة في علم النّفس بصفة عامّة وفي مجال الذكاء بصفة خاصّة، وتّم توظيفها في عديد المجالات خاصّة المجال التّعليمي.
تدقيق لغوي: أنس شيخ
تصميم: رامي نزلي
المصادر:
https://www.verywellmind.com/what-is-the-average-iq-2795284
https://www.verywellmind.com/gardners-theory-of-multiple-intelligences-2795161
Thornbury, S (2006). Multiple intelligences. An A-Z of ELT
Neil, J. S. (2008). Multiple intelligences. M. Robyn (Ed), Encyclopaedia of educational psychology
Richard, C. Richard, S (2010). Multiple intelligences. Longman dictionary of language teaching and applied linguistics (4thed.). Edinburgh, Scotland: Pearson.